من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
اسعد
بالموجود
تدوينة
خاصة بمناسبة عيد الفطر المبارك ١٤٣٨هـ
مرّ شهر رمضان المبارك كخيال مسافر لم نشعر به تصرّمت أيّامه كنت
سابقًا وما زلت أُشبّه رمضان كحبّات المسباح ما إن تسقط من خيطه حبة تتبعها جميع
حبّاته بسرعة فائقة فما إن يمرّ أول يوم من أيام رمضان المبارك حتى يأتي آخره دون
أن نشعر.
انتهى رمضان لكنّ ظنّنا بالله كبير فهو أرحم الراحمين وأعظم
المحسنين فقد صُمنا، وصلّينا، ودعونا، وتهجدنا.
انتهى رمضان وحال الكثير البكاء والتحسّر على أيامه .. رمضان
أصبح ماضيًا من اجتهد نال، ومن فرّط فعليه أن يعزم على التعويض في المستقبل فلا
البكاء على رمضان سيعيده الآن لكنه سيعود بعد إحدى عشر شهراً من الآن فإن جاء وأنت
بصحة وعافية فالحمدلله استثمره حقّ الإستثمار أمّا الآن فأنت مولود اليوم، فاسعد
بالحاضر، اسعد بالموجود في عيد الفطر المبارك عِش حاضرك، وتمتع بيومك، واسعد
بلحظتك، استمتع مع عائلتك في فضاء الله الواسع أدخل السرور على قلوبهم، جُد عليهم
بما يسّره الله عليك بالمعروف، أوقف الانفعال فالعيد مع الغضب، والتوتر، والقلق،
والحزن لايجتمع أبداً، قرّر قراراً شُجاعًا أن توقف المشاعر السلبيّة في عيدك، صل
رحمك أباك وأمك أولاً ولا تبخل عليهم بهدية تُسعد بها قلوبهم، ثم إخوانك وأخواتك،
ثم الأقرب فالأقرب اجعل لهم أولويّة قصوى في العيد، تهادى مع من تعاديت معه رسائل
التبريكات فالدنيا أبسط من أن نقطع علاقاتنا من أجلها، زر أقربائك، لاتترك منزلاً
تستطيع أن تصل إليه من معارفك إلا ووصلت إليه، عايد مشائخك وعلمائك ومعلميك
ومربّيك فهذا من الوفاء، عايد العمّال الذين ضاقت ظروف معيشتهم، تَرَكُوا ديارهم
وأزواجهم وأبنائهم خلفهم ستسعد قلوبهم بهدية ولو كانت متواضعة، اسعد بالموجود تمتع
بكل لحظة في عيدك مع عائلتك، أُحبّ المتنبي لكنني لستُ معه في قوله عيدٌ بأية حالٍ
عُدت ياعيدُ لما مضى أم لأمرٍ فيك تجديدُ بل نقول مرحبًا بالعيد برغم الآلام التي
نحملها في قلوبنا لأحوال أهلنا في فلسطين وسوريا والعراق وكل بقاع المسلمين لكن من
حقنا على أنفسنا في عيدنا أن نفرح ونتمتع
..
كل عام وأنتم بخير