الخميس، 27 يوليو 2017

كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز (3) / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز 3


تحدثنا في التدوينة السابقة من سلسلة كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز العدد الثاني ووضحنا تأثير سمة الذكاء العاطفي في بيئات الأعمال كما أشار إلى ذلك دانيال جولمان في كتابه القادة الجدد الذي تحدث فيه بإسهاب عن تأثير الذكاء العاطفي في أداء القادة في القرن الـ 21 وفي هذه التدوينة أتحدث عن نموذج بيزست ونانوس وأتول عن صفات القيادة الأكثر تأثيراً على الأفراد لإحداث التحفيز ومن ثم الإنجاز الفعّال، فإلى صفات القائد :
نموذج بيزست للقيادة :
1)      الرؤية المرشدة: أن يكون لديك فكرة واضحة عما تريد أن تحققه مهنياً وشخصياً وتملك العزيمة ولا تيأس أمام العقبات أو حتى الفشل .
2)      العاطفة: أن يكون لديك عاطفة كامنة تدفعك نحو تحقيق إنجازات متميزة في المستقبل بالإضافة لرغبة خاصة للاستمتاع بكل ما تعمل .
3)      المصداقية: والمصداقية هنا مصداقية مشتقة من معرفة القائد لذاته وصراحته مع نفسه ونضجه، القائد وحده يعرف نقاط قوته وضعفه ، ويجب على القائد أن يكون صادقا تجاه مبادئه ويتعلم من التجربة العمل مع الآخرين والتعلم منهم
4)      الثقة: القائد هو من يكسب ثقة الأفراد والثقة لا يمكن أن تأتي إلا بعد أن يصدق القائد مع نفسه ومع الآخرين .
5)      الفضول: القائد يسأل عن كل شيء ويريد أن يتعلم بقدر ما يستطيع ويضيف لمهاراته مهارات جديدة .
6)      الجرأة: القائد مستعد لقبول المخاطرة والمغامرة، وتجربة كل شيء جديد. (بيزست بتصرّف، 1994م، 39-42).
صفات بيرت نانوس للقائد:
1)      بعد النظر: يجب أن يكون نظر القائد مركزا على الأفق البعيد لا يلتفت عنه حتى وهو يخطو تجاهه .
2)      إدارة التغيير: أنا أُسميها قيادة التغيير لأني أعتقد أن التغيير عمل القيادة وليس الإدارة فالقائد الجيد ينظم سرعة واتجاه وإيقاع التغيير في المنظمة ليصبح نموها وتطورها متوافقاً مع سرعة الخطى الخارجية للأحداث .
3)      يقيم المنظمة: يسميها نانوس إعادة هيكلة المنظّمة فالقائد الجيد يبني هيكل المنظمة لتكون قادرة على النجاح في تحقيق الرؤية المرغوبة.
4)      التعلم المستمر: القائد متعلم مدى الحياة، وملتزم بتطوير المنظمة المتعلمة دوماً
5)      المبادرة: القائد لديه قدرة لبدء تجارب جديدة وتحقيق نتائج واضحة .
6)      إدارة التكامل: القائد ملهم للآخرين يتقاسم الأفكار معهم ويتبادل الثقة بينهم ومتصل جيد وباحث جيد عن حلول مشتركة للمشاكل.
7)      المصداقية العالية: القائد عادل وأمين ومتسامح ويمكن الاعتماد عليه ومتفهم ومنفتح ومخلص وملتزم بأفضل المبادئ الأصيلة (نانوس بتصرّف ،1989م ،81).
نموذج أوتول :
يرى أوتول أن القيادة في القرن الـ 21 هي قيادة قيم ولذلك يطرح أربع سمات للقائد الناجح مبنية على القيم وهي :
1)      الرؤية المبدئية: وهي التركيز على رؤية والأهداف والثبات على المبادئ وعدم التنازل عنها فأنت كقائد صاحب مبادئ وشخص عملي في الوقت نفسه .
2)      الثقة: فالقائد الجيد هو من يعكس قيم وطموحات مرؤوسيه وأنت تقبل القيادة كتكليف وليس كتشريف والقائد يحرص على تقديم الخدمات للآخرين.
3)      الاستماع: القائد الجيد هو الذي يستمع للأفراد الذين يخدمهم ولكنه ليس أسيراً للرأي العام كما أنه يشجع الآراء المخالفة بين مستشاريه، ويختبر الأفكار، ويستكشف كل جوانب الأمور
4)      احترام المرؤوسين: القائد الجيد هو قائد القادة وهو عملي جداً ولكنه يؤمن بحماس بكل ما يقول أو يفعل (أوتول بتصرّف، 1996م، 23).
.. يُتبع ..

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org

الخميس، 20 يوليو 2017

كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز (2) / الدكتور خالد بن محمد المدني

 من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز 2


سأتحدث في هذه التدوينة عن تأثير الذكاء العاطفي في بيئات الأعمال، أضاف جولمان وآخرون سمة أخرى يجب أن يتميز بها القائد تستحق أن تفرد في نقطة مستقلة لأهميتها وهي سمة أو مهارة الذكاء العاطفي، أدى اكتشاف الذكاء العاطفي على يد دانيال جولمان وبتكليف رسمي من جامعة هارفارد التي موّلت بحوث كان هدفها التوصل إلى أسباب انخفاض انتاجية الموظف في القطاع الحكومي لم يكن الذكاء العاطفي مقصوداً بذاته لكنه كان نتيجة هذه البحوث التوصل إلى نموذج الذكاء العاطفي الذي أنشره في هذه المدونة مع التنويه أن دانيال جولمان وآخرون نشروه في كتاب القادة الجدد فالقادة العظماء يثيرون أحاسيسنا ويلهبون مشاعرنا ويحركون أفضل ما فينا، وعندما نحاول تفسير لماذا هم مؤثرون إلى هذا الحد؟ فإننا نتحدث عن الاستراتيجية والرؤية والأفكار القوية، ولكن الحقيقة أكثر من ذلك؛ فالقيادة العظيمة تعمل من خلال العواطف، إن المهمة العاطفية للقائد تعتبر أساسية بما يعني أولاً معنيين أنها العمل الأصلي وكذلك الأكثر أهمية في القيادة لذلك في المنظمات الحديثة تبقى هذه المهمة العاطفية الأساسية رغم أنها الآن خفية بشكل كبير في المقام الأول بين الوظائف المتعددة للقيادة دافعة للعواطف الجماعية في اتجاه إيجابي ومزيلة للمزيج من الضباب والدخان الذي تخلفه العواطف المسممة للأجواء، وهذه المهمة تنطبق على القيادة في كل مكان بدءاً من المدرسة الداخلية (المبيت) موصولاً إلى طابق في متجر وببساطة شديدة في أي مجموعة بشرية نجد لدى القائد قدرة فائقة للسيطرة على عواطف الكل فإذا ما دفعت انفعالات البشر نحو دائرة الحماس ارتفع الأداء بشكل كبير، وإذا ما دفع الناس باتجاه الحقد والقلق فسيضلون طريقهم وهذا يبين جانباً آخر مهماً من القيادة الأساسية تمتد آثارها إلى ما وراء ضمان إتقان عمل ما، والمرؤوسون ينتظرون أيضاً من القائد قرينة عاطفية مؤيدة للتقمص العاطفي فكل القيادات تتضمن هذا البعد الأساسي في مختلف الأحوال والظروف وعندما يوجه القادة العواطف بشكل جيد وإيجابي فإنهم يجعلون كل واحد يبذل قصارى جهده ونسمي هذا التأثير تجاوباً (تناغماً) وعندما يستحثون انفعالاتهم باتجاه سلبي فإن القادة يحدثون تأخراً ويقوضون الأسس العاطفية التي تجعل الناس يتألقون، إن ازدهار أو ذبول منظمة ما يعتمد إلى حد بعيد على مدى فعالية القادة في هذا البعد العاطفي الأساسي، وبالطبع فإن السر الذي يجعل هذه القيادة الأساسية تعمل لمصلحة كل واحد يكمن في كفاءات القيادة في الذكاء العاطفي.(جولمان وآخرون،1425هـ، 29).
ويشير جولمان إلى مكونات الذكاء العاطفي للقيادة كالتالي :
 1 ـ الوعي الذاتي :
 أ - الوعي الذاتي:
القادة الذين يتمتعون بنسبة عالية من الوعي الذاتي العاطفي تجدهم في تناغم مع إشاراتهم الداخلية يدركون كيف أن مشاعرهم تؤثر فيهم وفي أدائهم الوظيفي، لديهم تناغم مع قيمهم الموجهة وبإمكانهم في كثير من الأحيان أن يعرفوا حدساً أفضل الخيارات حيث يرون الصورة الكاملة في الموقف المعقد وعاطفياً يمكن للقادة الأذكياء عاطفياً أن يكونوا صرحاء وصادقين وقادرين على الحديث بصراحة عن عواطفهم أو بقناعة عن بصيرتهم المرشدة لتصرفاتهم.
 ب - التفوق الذاتي الدقيق :
 القادة ذوو الدرجة العالية من الوعي الذاتي عادة ما يعرفون نقاط ضعفهم وقوتهم، ويظهرون روح الدعابة والفكاهة عن أنفسهم ويبدون لباقة في التعلّم أينما هم في حاجة إلى التحسّن، كما يرحبون بالنقد البناء والتغذية المرتدة، والتقييم الذاتي الدقيق يسمح للقائد بأن يعرف متى يطلب المساعدة وأين يركز في تنمية قدرات قيادية جديدة.
 ج - الثقة بالنفس :
 معرفة القادة الإداريين لقدراتهم بدقة يسمح لهم بأن يلعبوا على نقاط قوتهم، فالقادة الواثقون بأنفسهم يقدرون على أن يرحبوا بالمهام الصعبة فهؤلاء القادة كثيراً ما يكون لديهم نوع من الحضور ، ثقة بالنفس تمكنهم من البروز في أي مجموعة، باختصار القادة الذين يقبلون المهام ويثقون بأنفسهم يفعلون ذلك لأنهم يعرفون بدقة نقاط قوتهم ويعرفون الجوانب التي تحتاج لتحسين في شخصياتهم
 2- إدارة الذات :
 أ - ضبط النفس : القادة الذين لديهم قدرة ضبط النفس العاطفي يجدون طرقاً لإدارة عواطفهم وانفعالاتهم المزعجة، وحتى يوجهونها بطرق مفيدة، والسّمة المميزة لضبط النفس هي أن القائد يحافظ على هدوئه ويبقى صافي الذهن حتى تحت الضغط الشديد أو خلال الأزمة، أو الذي يبقى جلداً وهادئاً ولا يهتز حتى في مواجهة الشدائد.
 ب - الشفافية : القادة الذين يتسمون بالشفافية وهي انفتاح حقيقي للمرء على الآخرين فيما يتعلق بمشاعره ومعتقداته وأفعاله تسمح بالنزاهة، هؤلاء القادة يعترفون صراحة بالأخطاء الصغيرة والكبيرة ويواجهون السلوك اللاأخلاقي عند الآخرين بدلاً من أن يغضوا عنه الطرف.
 ج- التأقلم (القدرة على التكيف) : القياديون القادرون على التأقلم والتكيف بإمكانهم أن يلبوا عدة متطلبات دون أن يفقدوا التركيز أو الطاعة، ولا يشعرون بالانزعاج من الغموض الحتمي للحياة داخل التنظيم، ومثل هؤلاء القادة يتمتعون بمرونة للتكيف مع ما يواجههم من تحديات جديدة، ولديهم فطنة في التكيف مع التغير المرن ورشاقة التفكير عند مواجهة معطيات أو حقائق جديدة.
 د - الإنجاز : القادة الذين لديهم قدرة على الإنجاز يتمتعون بمعايير شخصية عالية تدفعهم للسعي باستمرار وراء تحسين الأداء لأنفسهم ولهؤلاء الذين يرأسونهم على حد سواء، فهم برجماتيون يضعون أهدافاً قابلة للقياس ولكنها تمثل تحدياً كما أنهم قادرون على حساب المخاطر بشكل يجعل أهدافهم حتمية، ولكن قابلة للتحقيق والسمة المميزة للإنجاز تكمن في مواصلة تعلّم وتعليم طرق جديدة من أجل إنجاز أفضل.
 هـ - المبادأة : القادة الذين لديهم حاسة القوة (التأثير) الفاعلية أي أن لديهم ما يلزم للتحكم في جعلهم يتألقون في الأخذ بزمام المبادأة فنجدهم يغتنمون الفرص أو يخلقونها بدلاً من مجرد الانتظار ومثل هذا القائد لا يتردد في خرق الروتين المتعارف عليه أو حتى تطويع القواعد عند الضرورة لخلق فرص أفضل للمستقبل.
و- التفاؤل: القائد المتفائل يمكنه أن يتقلب مع تصاريف الدهر و يرى في العقبة أو العائق فرصة بدلاً من كونها تهديداً، هؤلاء القادة ينظرون للآخرين بشكل إيجابي، يتوقعون منهم الأفضل، ونظرتهم المتفائلة لنصف الكوب تجعلهم يتوقعون بأن ما يحمله المستقبل من تغيرات سيكون للأفضل والنموذج التالي يوضح أنماطاً ثلاثة للتعامل مع المشاكل ويبرز نموذج القادة الذين يتمتعون بقدر عال من الذكاء العاطفي، كيف يتصرفون مع العقبات التي تواجههم في حياتهم وبيئات أعمالهم.
يتبع....

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org



السبت، 15 يوليو 2017

كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز ـ (1) / الدكتور خالد بن محمد المدني



 من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز ـ 1


بعد انقطاعنا في شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعليكم بالخير، والصحة، والعافية، أعود لكتابة تدويناتي الأسبوعيّة، وقد اخترت هذا الأسبوع، والأسابيع القادمة بمشيئة الله الحديث عن صفات القائد المؤثّر لسببين:
الأول : لأهمية القيادة في صناعة جيل التغيير.
الثاني: لكثرة الطلب الذي وردني عبر وسائط التواصل الإجتماعي في تويتر، والفيس بوك، وكذلك عبر الإيميل من كثير من الإخوة والأخوات يدعونني فيه للكتابة عن هذا الموضوع، فآثرت أن أبدأ سلسلة هذا الموسم بهذا الموضوع بإذن الله، ولكي نحافظ أيضًا على توازن رؤية مدونتنا (القيادة ـ الذات ـ الفكر) فلنبدأ على بركة الله:
حدّد روبينز أنماطاً للقادة اعتبرها أبرز مايميز القائد المؤثّر وهي أربعة:
1)      القائد المثالي :هو المؤمن الصادق الذي تقوده الأفكار الصحيحة، والمثاليون قادة مهمون لأنهم يضفون وضوحاً كبيراً على مهمة القيادة إنهم يضفون توقعات وطموحات دقيقة بموجب الفكرة التي يعتقدون أنها صحيحة لكن القادة المثاليين قد يصطدمون بالمتاعب لأنهم أصحاب قيم لايتنازلون عنها، ومباديء يكافحون من أجلها، فإذا كانت أفكارهم خاطئة فهم لا يعترفون بخطئها بسهولة حتى يثبت لهم ذلك بالدليل القاطع.
2)      القائد الناصح : هو باني الأفراد، وهذا النمط من القادة يرون أنّ من أولى مهامهم تفويض الآخرين وتدريبهم وتطويرهم إلى أن يصبحوا قادرين على إدارة أنفسهم بأنفسهم، وهم يهتمون اهتماماً حقيقياً بالآخرين ويودون أن يعطوهم نتائج طيبة، والأفراد عموماً في المنظمة يحبون أن يكونوا بصحبة هذا النوع من القادة، ويميل القائد الناصح إلى أن يكون عملي لا نظري ولديهم فكر مرن وعيونهم  مركزة دائماً على المستقبل البعيد والقائد الناصح من صفاته أيضًا أنه محفز للآخرين.
3)      القائد المنجز: هو القائد المتحمس الذي يشع طاقة، القادة المنجزون هم المحفزون النهائيون والمفوضون، يتواصلون مع الآخرين بشكل واضح، ولديهم ذكاء عاطفي عال وفي المقابل نجد أن القائد المنجز له سلبيات منها:
أ أنه في سبيل الحصول على نتائج قد لا يقدرون من يعمل معهم من المرؤوسين.
ب بسبب أن المنجزين متحمسون قد يعتقدون أن من يعمل لديهم معدوم الطاقة.
ج إذا فشلوا فإنهم يشعرون بالإحباط.
4)      القائد المبدع :هو القائد الذي يعتمد عليه يسمّى الوتد المستدير في الحفرة المربعة فالقيادة عند المبدع تمتد بجذورها إلى الإبداع وإلى السعي وراء التغيير (وبينز، 1426هـ،60 ) وأشار خيرالدين جعلوك - في كتابه المُلهم القادة يولدون أم يُصنعون، والقيادة ولادة أم صناعة؟ إلى نظرية الرجل العظيم في القيادة وحدّد السّمات المطلوب توفرها في القائد منها نظرية السمات الفردية فهناك سمات ومزايا فردية لابد أن تتوفّر له حتى يمكن وصفه بالكفاءة والفعالية، فحسب نظرية الرجل العظيم فإن عدداً محدوداً من الناس يتمتعون بمثل هذه الصفات، وأن القادة يولدون ولا يصنعون حسب وجهة نظر جعلوك وإلاّ فإن هذه المسألة فيها خلاف كبير بين علماء الإدارة، وقد تحدثت عنها في تدوينة مستقلّة فليُرجع إليها، ويقصد جعلوك بأنهم يولدون أي أنّ هذه الصفات فطرية موروثة وليست مكتسبة، ومنذ القديم كانت هنالك صورة القائد البطل الذي يهبه الله طاقات غير عادية تجعل منه إنسانا خارقاً، وبناء على الاستقصاءات التي قام بها أصحاب نظرية الرجل العظيم هذه التي حاولوا من خلالها استقراء واستنتاج أهم هذه المواصفات التي وجدت أن القائد لابد أن يتمتع بها فقد وجدتها ـ والكلام لجعلوك ـ تتمثل على شكل:
1)      مهارات ذاتية: وهي ما يتعلق بالسّمات الجسدية، والقدرات العقلية، والمبادأة والابتكار وضبط النفس.. .الخ ، وأما السمات الجسدية فتشتمل على بعض المواصفات كالقامة والهيئة والاستعدادات الفسيولوجية كالصحة الجسدية والنفسية ومدى قدرتهم على التحمل تجاه الضغوط الجسدية والنفسية والعصبية  .الخ،   إضافة إلى معرفتهم بكيفية استخدام هذه الطاقات الجسدية والعصبية بحكمة، وأما السّمات العقلية فتشتمل على الاستعدادات الفكرية والعادات الذهنية والاعتقادات الأساسية والتي تختلف من بيئة إلى أخرى، وأهم السمات الفكرية: "الذكاء" والذي يتميز صاحبه غالباً: بالقدرة على التصور والتخيل مما يمنحه القدرة على الفهم العميق والشامل للأمور، وتقبل الأفكار الجديد. .. الخ، وسمة روح الدعابة والمرح التي تساعده على إقامة علاقات ودية مع مرؤوسيه، وتنأى به عن التزمّت والصرامة غير المحببة، ومع ذلك فسمة الذكاء وحدها غير كافية ليكون صاحبها قائداً ناجحاً، رغم أنها سمة لوحظ أنها مصاحبة لنجاح القائد دائماً، وتعني سمة المبادأة والابتكار أن صاحبها يسبق غيره بالاقتراح والعمل، ولا يضجر من موظفيه ومناقشاتهم، أو يلجأ إلى أسلوب الفرض.
وتتميز شخصية صاحبها بالشجاعة والقدرة على الحسم وسرعة التصرف والقدرة على توقع الاحتمالات وابتكار الوسائل الكفيلة بمواجهتها ويساعده في ذلك ثقافته ومعرفته بالماضي والحاضر. .. الخ، كما قال عليه الصلاة والسلام : "ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"
وتعني سمة ضبط النفس القدرة على ضبط الحساسية وقابلية الانفعال ومنعها من تعويق القدرات الجسدية والنفسية، كما تنعكس على المرؤوسين إيجاباً بالتصرف والعمل بكل هدوء وثقة وعدم اضطراب، وهي كما يلاحظ تتعلق بالاتزان والنضج العاطفي والانفعالي للقائد الناجح فهو
1)      لا يضيع الجهود المبذولة في الفترة الماضية عن طريق التلفظ أو التصرف بما يسيء إلى الآخرين في لحظة إجهاد كثيراً ما يتعرض لمثلها أو يصدر قرارات مبتسرة، كما لا يسمح للحياء أو التهيب أو غير ذلك بالتأثير على قراراته وتصرفاته إلا أن الأمر لا يصل به إلى التجرد التام من عواطفه ومشاعره، بل فقط يتحكم بها ويوجهها في الاتجاه الصحيح.
2)      الخبرة والاختصاص:
المهارات الفنية وهي المعرفة العلمية والفنية والقدرة على استخدامها جيداً باتجاه تحقيق الهدف، ويمكن التوصل إلى هذه المعرفة بالدراسة والخبرة والتدريب وهي على كل حال: سمة أكثر تحديداً من غيرها أي يمكن بسهولة التحقق منها، كما أنها تساعد صاحبها على التحليل في مجال التخصص وتبسيط الإجراءات واستخدام الوسائل والأدوات. . . ، وهي من جهة أخرى مألوفة ومطلوبة لا سيما في شغل الوظائف القيادية في العصر الحاضر ثم إنها سهلة الاكتساب، ولعل توفر هذه المهارات الفنية العالية والثقافة المناسبة للقائد توفر له عدة أمور:
أ- تمنحه الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية كما تساعد على التفهم الشامل والعميق للأمور وتشير كثير من الدراسات في علم النفس أن بناء تقدير الذات يعتمد على الإنجاز الذي يحققه الفرد.
ب- تعطيه القدرة على الحزم كلما كان ذلك ضرورياً مع عدم إغفال شعور مرؤوسيه.
ج-الإيمان بالهدف وإمكانية تحقيقه، مما يذكّي الحماس لدى مرؤوسيه، ومع أن سمة التخصص الفني مهمة في مسألة نجاح القائد في مجال تخصصه إلا أنها ليست كل شيء بل لابد أن يتمتع بالسمات الأخرى أيضاً ليكون ناجحاً.
3)      التعامل مع الأفراد(المهارات الإنسانية):
إذا كانت المهارات الفنية تعني التعامل مع الأشياء، فالمهارات الإنسانية تعني التعامل مع الأفراد وهي لذلك أصعب اكتساباً من المهارات الفنية وأكثر أهمية من غيرها من السمات لما لها من ارتباط بحسن بناء علاقاته مع مرؤوسيه ومنحه القدرة على استيعاب رغباتهم وترسيخ ثقتهم من جهته، وتحقيق الأهداف التي يرغب بتحقيقها، ويعمل على التأثير عليهم من خلال هذه المهارات الإنسانية من أجل إنجازها بكل فعالية واندفاع من جهة أخرى، لذا فإن مثل هذه المهارات لابد أن تنطوي على اتصاف القائد بالاستقامة والأمانة وحسن الخلق، مما يجعله القدوة الحسنة في نظر مرؤوسيه.
4)      المهارات الذهنية: هي المهارة التي تجعله بعيد النظر في كيفية التفاعل بين الأمور داخل منظمته أو تفاعلها مع البيئة الخارجية وهي التي تسمح بحسن استخدام مهاراته الأخرى ولاسيما مهاراته الإنسانية.
وتتبدى أهميتها بصورة أكبر كلما ارتفع المستوى الإداري ففي المستويات العليا للإدارة تصبح المهارات على أعلى درجة من الأهمية ويمكن التمييز هنا بين المهارات السياسية والإدارية: فالمهارات السياسية مثلاً تعني قدرة القائد الإداري على تفهم العلاقة بين منظمته كجزء من المجتمع الذي تعمل من خلاله بمفاهيمه ومعتقداته السياسية والاجتماعية ومثله العليا وبين هذا المجتمع، وقدرته بالتالي على التوفيق بين أهدافه وأهداف المجتمع ما أمكن، وأما المهارات الإدارية فتتعلق بقدرته على استيعاب أهداف التنظيم وممارسة مهاراته الإدارية بما يتلاءم مع تحقيقها مع عدم إهمال متطلبات المرؤوسين وإشباع حاجاتهم وتتجلّى مهاراته هذه في:
أ- قدرته على التخطيط.
ب- توزيع العمل بشكل عادل.
ج- وضع معدلات الأداء بموضوعية.
د- إبراز وتطوير قدرات مرؤوسيه وتدريبهم، وتمكنه من الاستفادة القصوى من إمكانيات التنظيم فيضع الرجل المناسب في المكان المناسب ويوضح خطوط التنظيم ويوجه كفاءات وسلوك مرؤوسيه بصورة منسقة ويحمّلهم مسؤولياتهم ثم يمارس عليهم الرقابة بكل كفاءة، كما تضمن المهارات الإدارية قدرة القائد على اختيار أفضل الأساليب للحصول على أعلى قدر من الإنتاجية، والتنسيق والتخفيف من مركزية القرار، ومقاومة الجمود، وكسب موظفيه وحل مشاكلهم إضافة على قدرته على الاتصال مع الآخرين وتوضيح أهداف التنظيم.
يتبع ...

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org