الخميس، 9 نوفمبر 2017

كيف أفهم ذاتي وأُعيد التوازن لها؟ (7) / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

نظرية الاختيار  (7)



في التدوينة السابقة تحدثت عن ثلاث صفات للصورة الذهنيّة، وسأتحدث في هذه التدوينة عن ثلاث صفات أُّخرى:
4 ـ الصورة الذهنيّة إيجابيّة:
لأنّ الصورة الذهنيّة: الأداة التي تشبع الحاجة، إذا تشكّلت الصورة الذهنيّة أصبحت تلك الصورة أداة لإشباع الحاجة، وكل صورة تشبع حاجة هي إيجابيّة، فلا يوجد صورة ذهنيّة سلبيّة.
 5ـ الصورة الذهنيّة الواحدة قد تُشبع أكثر من حاجة: الصورة الذهنيّة (الزواج)  تشبع عندك أكثر من حاجة فقد تُشبع لديك الانتماء، والترويح، والقوّة لكنها تنقص عندك الحريّة، لأن في الزواج قيد، والفرق بين الواعي، والغافل أنّ الواعي يختار قيوده بوعي لأنّ فيه مصلحة فالزواج قيدٌ لكنه يحقق مصلحة كبرى كسدّ حاجة الجنس، وبناء أسرة، وإن كان جلاسر يخالف ويعتبر الجنس حاجة للبقاء البشري، وليست حاجة للفرد، الوظيفة قيد لكنّها تحقق مصلحة المال، فيختارها الواعي لأنّ فيها مصلحة وتُشبع لديه الحاجة للبقاء، والحاجة للقوّة، بينما العبوديّة قيدٌ يفرض عليك من الخارج، وفيما يلي في الجدول رقم (2) التالي: أمثلة للصور الذهنيّة التي تُشبع أكثر من حاجة:

جدول رقم (1) أمثلة لصور ذهنيّة والحاجات التي تشبعها
م
الصور الذهنيّة
الحاجات التي تشبعها
1
السفر
الترويح
الحريّة
2
التدريب
القوّة
الترويح
3
الكتابة الصحفيّة
القوّة
الحريّة
4
الزواج
الإنتماء
الترويح
القوّة
5
الحصول على الدكتوراه
القوّة
6
امتلاك عقارات تجاريّة
القوّة
البقاء
الحريّة
7
مستشار نفسي
الانتماء
القوّة
8
امتلاك منزل خاص
الانتماء
القوّة
البقاء

6 ـ الحاجة الواحدة لها العديد من الصور الذهنيّة التي تشبعها:
 الحاجة للبقاء قد يشبعها صحن مكرونة، أو طبق سوشي، أو رز، ولحم، أو رز وسمك، أو وجبة همبرغر، كذلك الحاجة للقوّة قد تُشبعها الحصول على الشهادة العلميّة، وقد يشبع القوّة لديك أن تكون مدربًا مشهوراً، وقد يشبعها لديك أن تكون تاجراً صاحب عقارات وأموال، كذلك الحاجة للترويح قد يشبعها لديك السفر، أو الجلوس على البحر مرتين أو ثلاثة أسبوعياً، أو المشي على البحر، أو الخروج مع صديق في نزهة، لكن تبقى الرغبة من قبل الشخص تحتاج إلى مرونة عقليّة، فإذا لم تجد الصورة الذهنيّة التي تشبع الحاجة غيرها فقيس لو غيّر صورة ليلى لما حصل له ماحصل، الواعون مرنون فهم يبدّلون صورهم الذهنيّة إن كانت مستحيلة ففي البلد غير هالولد، وبدل ليلى ليلات، الواعون يعلمون أنّ الإشباع يحصل بعشرات الصّور الذهنيّة إن لم يكن مئات، أمّا الغافلون فهم متجمّدون عند صور ذهنيّة محددة لايرون السعادة بغيرها، حتى وإن كانت مستحيلة وفي سبيل تحقيق ذلك يتلفون ذواتهم، هوّن عليك فالله خلق للحاجة الواحدة مئات الصور التي تشبعها،  لاينبغي أن تكون جامداً على صورذهنيّة معينة كلما كانت لديك مرونة عقليّة كان لديك صوراً متعددة، فالحب ألوان، حماية ذاتك أولويّة فلا تُتلفها بالجمود، كن مرناً، فمن المرونة أن تستبدل الصورة بصورة وسوف تحقق لديك الإشباع بنفس الدرجة.


د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org


الجمعة، 3 نوفمبر 2017

كيف أفهم ذاتي وأُعيد التوازن لها ؟(6) / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

نظرية الاختيار  (6)


تحدثت في التدوينة السابقة عن الحواس الخمس، وصفات الصّور الذهنيّة، نحن نلتقط الصورة الذهنيّة من المحيط الخارجي عبر حواسنا الخمس (البصر، السمع، الشم، الذّوق، اللمس)، وحوّاسنا الخمس بمثابة النوافذ على العالم الخارجي، فأي معلومة تنفذ إلى عقولنا تنفذ عبر نوافذ العقل وهي الحواس، هنا في الدماغ فلترين واحد عام عبر الحواس الخمس، وهو فلتر المعلومات، والثاني شخصي يأتي بعد فلتر المعلومات وهو فلتر القيم، وفيه معايير شخصيّة، مثل حسن، وقبيح، غالي ورخيص، جيد، وسيء ...الخ ، والإدراك هو بمثابة الحارس على الدماغ، فلا يسمح لمعلومة أن تدخل إلاّ إن كانت تهمّه فإن كانت تهمّه فإنّ وظيفة العقل تجاه هذه المعلومة التقاط صورة لها، والحواس الخمس أدواتك للإتصال بالمحيط الخارجي، لكنها أدوات التقاط وليست أدوات فهم أو تفسير، أو ترجمة المعنى مايلتقطه، فربما رأيت شيئاً أصفر لكنّ معنى ذلك يترجمه العقل وليست العين (الرشيدي بتصرّف، 2011م ، 42)، للصّورة الذهنيّة مواصفات متعددة سأتحدث في هذا العدد عن ثلاث صفات فقط على أن أُكمل الحديث عن بقية الصفات في التدوينة القادمة، والتي تليها بمشيئة الله.
ـ صفات الصورة الذهنيّة:

1)      الصور الذهنيّة:
هي أدوات إشباع الحاجات، وهي متغيّرة حسب الزمان والمكان هي الأدوات التي يبتكرها العقل لإشباع الحاجة التي حصل فيها النقص أو ربما أكثر من حاجة، وتتكوّن الصورة الذهنيّة حسب الخبرات التي أخذتها من الحياة منذ الولادة، وإلى مماتك، فأنا تعلّمت من خلال البيئة التي نشأت بها، والمجتمع الذي تربيت فيه وترعرت  كيف أُشبع الجوع؟ كيف أحصل على الماء؟ وتعلّمت من مجتمعي أيضاً إذا شعرت بالملل ماذا أفعل؟ ألعب كرة قدم مثلاً، أو أسافر، إذن الصور الذهنيّة أدوات إشباع الحاجات، وهي تختلف من مجتمع لآخر، ومن بيئة لأخرى، ومن فرد لفرد فالصورة الذهنية التي تشبعني ليس بالضرورة أنها تُشبع غيري، فأنا عندما أجوع أُحبّ أن آكل همبرجر، غيري يحبّ لحم ورز، ثالث لايعرف الهمبرجر أصلاً فيشبعه بشيء آخر، وتختلف الصورة الذهنيّة من زمن لزمن مثل أكل السوشي، شرب البيبسي، لم يكن موجوداً منذ زمن، الأفغان مثلاً لايعرفون السمك، إذن ممكن أن تتغيّر الصور الذهنيّة حسب المكان/الزمان.

2)      يستحيل تغيير صور الآخرين دون الموافقة منهم:
أنت تملك حق التأثير فقط، والتغيير ملك الآخرين، أنت تملك أن تعرض ولا تفرض فلاتستطيع تغيير صور زوجتك الذهنيّة، ولا أصدقائك، إبليس نفسه لايستطيع تغيير صورك الذهنيّة عندك، لأنه لو استطاع لتحكم في سلوكك ولا يمكن أن يتحكّم في سلوكك غيرك، ولكن يستطيع أن يسوّق بضاعته عليك فإن قبلت تحكم بسلوكك، وهذا مافعله مع آدم عليه السلام، حاول تسويق صورة لآدم وهي صورة الأكل من الشجرة، فرفض آدم، فجاءه بحيلة لم يتوقعها (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) فأقسم بالله كاذباً، ولم يتوقع آدم أنّ هناك من يقسم بالله كذباً فصدّقه فوقع في الفخ، إذن آدم لم يقبل الصورة الذهنيّة القادمة من العالم الخارجي من إبليس الذي سوّقها عليه، لأن آدم لديه قوّة الاختيار، ولو استطاع إبليس أن يقنعه لتحكم به، إذن التحكم في الآخرين يحصل إن استطعت بيعهم صورك الذهنيّة وهي أساسها فن العرض، الأطفال أنفسهم يمكن تغيير صورهم الذهنيّة لأنهم غير قادرين على التحكم بها لايعرفون مهارات التلاعب بالصور الذهنيّة أمّا الكبار فيصعب تغيير صورهم الذهنية لأنهم واعين بها، ولديهم مهارات التحكم بصورهم الذهنيّة، بل بعض الكبار يمكن التحكم بصورهم الذهنيّة، والتلاعب بها لأنهم غافلين عمّا يحاك لهم.

3)      تتشكّل الصّور الذهنيّة لإشباع الحاجات:
الصورة الذهنيّة لاتتشكّل إلاّ إذا نقصت حاجة عند الشخص، والحاجات كما ذكرنا هي خمس (الحاجة للبقاء وهي حاجة جسدية، وهناك أربعة حاجات نفسيّة: الحاجة للإنتماء، والحاجة للقوّة، والحاجة للترويح، والحاجة للحريّة)، فإن نقصت حاجة من تلك الحاجات أرسل عقلك إشارة تنبيه لنقص الحاجة فتتشكّل صورة ذهنيّة، الهدف من تشكّل الصورة الذهنيّة هو إشباع الحاجة التي حصل فيها نقص.
.. يتبع ..


د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org