الخميس، 26 أبريل 2018

أحداث الحياة هل تؤثّر بنا فقط أم تؤثر بنا وتقودنا؟وكيف نواجهها؟ / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
أحداث الحياة هل تؤثّر بنا فقط أم تؤثر بنا وتقودنا؟وكيف نواجهها؟
 
 تأمّلت ردود أفعال الناس واستجاباتهم لأحداث الحياة فوجدتها متباينة متنوعة فهذا عندما خسر تجارته انكفأ على ذاته اعتلّ واختلّ ورأى الحياة سوداء قاتمة، وأصابته أمراضاً جسدية فأصبح مدمنٌ لآلام القولون العصبي وأقسم ألاّ يخوض هذا المجال مرة أخرى أين هو والتجارة فلها أهلها وهو ليس من أهلها هكذا يزعم وآخر أصابه ذات الحدث خسر كل تجارته فاعتلّ واختلّ لكنه نهض من جديد تألّم لكنه تعلّم من خسارته وأسّس مشروعاً جديداً ونجح به؟ فلماذا استجاب الأول بهذه الطريقة وكانت استجابة الثاني بتلك الطريقة، ثالثٌ فقد والدته في عملية جراحية كانت صحتها جيدة حصل لها اختلالٌ بسيط في القلب ممّا استدعى الأطباء أن يقرّروا لها عملية توفيت أثناء العملية فاعتلّ هذا الابن لمدة اعتبر ذلك من أحداث الحياة الطبيعية فالموت حدث كما أنّ الحياة حدث وفي الكون أقدار "الكون هو العالم الخارجي الذي نعيشه"وفي الكيان اختيار" الكيان أنا وأنا من يختار طريقة استجابتي للأحداث" فهو تأثّر وتألّم وبكى واعتبر كل ذلك تعبيرٌ طبيعي لأنها شحنات انفعالية ينبغي أن تمر وتعبر ف"العين تدمع والقلب يحزن" كان يمشي ويمارس الرياضة لأنه يعتقد أنّ الحزن طاقة ينبغي أن توجّه لا أن تواجه، شخصٌ رابع حصل له ذات الحدث فقد والدته فتوقفت الحياة بالنسبة له فاكتئب واعتزل الحياة قضاها حزناً في حزن فإن تكلّم تكلّم عنها وإن تألّم تألّم بسببها توقف عمله وعلاقاته وحياته وأنشطته عند حادثة فقدها تكالبت عليه الأمراض فقد أُنسه ومتعته وبهجة الحياة أصابه مرض السكر بسبب ذلك ماالفرق بين الحالتين من خسر تجارته ومن فقد عزيزا .. كلا الحالتين من خسر تجارته وانكفأ واعتزل ومن نهض من فقد والدته فحزن لفترة ثم نهض ومن أوقف ساعة زمانه على وفاتها .. الفرق بينهما في مقدار الوعي والغفلة في البرمجة في الإطار الذي رسمه المجتمع وحددته الثقافة وفي القدرة على كسر الإطار والخروج من الشرنقة، الوعي يعني كسر البرمجة والغفلة تعني السقوط في البرمجة فمن خسر تجارته وانكفأ عليه أن يعلم أن الفعل لا الانفعال هو من سيغير واقعه وأنّ الأحداث تؤثر بنا لكنها لاينبغي أن تقودنا فما حصل في الماضي أقدار وما يحصل في الحاضر والمستقبل اختيار فعليه أن يختار الفعل لا الانفعال التحرك لا الانكفاء، ومن فقد والدته ينبغي عليه أن يعلم "أنّ العين تدمع والقلب يحزن - هذا قدر التأثير" لكنه عليه أن يعلم" ولا نقول إلاّ مايرضي ربنا" ولا يرضي ربنا التألم المستمر والانكفاء عن الحياة وتدمير الذات لكنه لابدّ له من جرعة وعي مركّزة وهي أنّ نفساً لن تموت قبل استكمال حياتها واتمام رحلتها لم تكن العملية سبباً للموت ولن تكون بل دنو الأجل واقتراب ساعة الرحيل هو السبب "فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون""لن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وأجلها" وتأمل يارعاك الله "حتى تستكمل" وحتى غائية أي كل رزقها وكل أجلها، وفي الموت خير "وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم " وفي أحداث الحياة تدريبٌ عملي على مواجهة أحداثها ، ومن يعلم أين الخيرة؟ قد نكتشف ذلك وقد لانستطيع اكتشافه لكنه خير لعلّ منه راحةً للمريض من شيء أعظم ، فيامن تخشى المستقبل وتحاذره قم وأزل عنك غبار الغفلة وتنظّف بماء الوعي فلن يقع في كون الله إلاّ ماقدره الله ، خالقك زودك بقوة الاختيار فاختر الفعل لا الانفعال، اختر أن تكون قويًا لا ضعيفاً واعياً لا جاهلاً، أحداث الحياة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة هي محايدة نحن من يلوّنها ويصنع طعمها ويضيف لها رائحتها فلوّن أحداثك بالألوان التي تُحب وأضف عليها المذاقات التي ترغب واختر لها الروائح التي عندما تستنشقها تشعر بلذتها.


د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني

الخميس، 19 أبريل 2018

الفرد بين الاستطاعة واللإستطاعة هل يعرف السعة؟ / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
الفرد بين الاستطاعة واللإستطاعة هل يعرف السعة؟


الفرد بين الاستطاعة واللإستطاعة هل يعرف السعة؟ هل يعرف الإنسان السعة فعلاً؟ الله عز جلاله يقول: "لايكلف الله نفساً إلاّ وسعها" الوسع والسعة مفهومان دقيقان فكثيرٌ من البشر يردد اسطوانة متكررة تردد في كل زمان ومكان وفي كل مجتمع وآخر، عندما يُطلب من شخص أن يعمل شيئاً يقول لك لا أستطيع، فهل هو لايستطيع فعلاً أم أنه لايريد أن يقوم به كسلاً أو لا لايريد أن يقوم به معرفةً أي بسبب نقص المعرفة لديه أو لايرغب القيام به مهارةً أي نقص في الأداء لديه، والسؤال الهام: ماذا يعني عندما يقول الشخص: لاأستطيع؟ يعني ذلك أنّ إمكاناته أقلّ بقليل ممّا يُطلب منه ليس هذا فحسب بل أنه لو استنفذ كامل طاقته وكلّ إمكاناته فهو لن يستطيع أداء هذه المهمة أو تلك، فهل هذا صحيح؟ هل يعرف الإنسان كل إمكاناته! الواقع يكشف لنا شيئاً هاماً والعلم يؤيده أنّ الإنسان منذ أن يُولد وهو في حالة اكتشاف لإمكاناته وكل يوم يكتشف جديداً فريداً في قدراته والله عندما يخبرنا عن أنفسنا فيقول عز وجل: "وفي أنفسكم أفلا تُبصرون" هو خالقها ومنشؤها من العدم وعارفٌ سبحانه مايمكنها فعله وما هو خارج طاقته، فهو يُخبرنا سبحانه أنّ في هذه الذات الكثير من الإمكانات لم تُعرف، والعديد من الأسرار لم تُكشف، والتاريخ يُخبرنا عن تغييرات نوعية قام بها أشخاص عظماء حتماً لم يستجيبوا لنداء اللاإستطاعة في داخلهم، أبو مُسلم الخُراساني كان يتقلّب على فراشه وهو ابن عشر سنين فكانت تقول له أمّه قِرّ يابنيّ يعني اهدأ فكان يقول: همّةٌ يا أُمّاه تناطح السّحاب قال عنه الإمام الذهبي: أزال دولة وأقام دولة أزال الدولة الأموية في الشام وأقام الدولة العباسية في العراق،شيخ الإسلام ابن تيمية ظلّ سجينًا في قلعة دمشق عشرين عامًا صابرًا محتسبًا ، الإمام أحمد ابن حنبل تعاقب على تعذيبه في مسألة خلق القرآن أربعة خلفاء تصورو أربعة أزمنة يتعاقب عليه خلفاء يعذبونه في - هل القرآن مخلوق؟ - إلى أن فكّ العذاب عنه الخليفة المتوكّل ، فكيف استطاعوا أن يصبروا ؟ ويتحملوا العذاب ؟ وفي العصر الحديث ظلّ نيلسون مانديلاّ يُسجن ويُطلق يُسجن ويُطلق إلى أن نال حقوقه كاملة وغيرهم كثير ، إنني أسوق هذه الأمثلة وغيرها لا لتكون مثلهم فما صلُح لهم ليس بالضرورة يصلح لك وما نفعهم قد يضرّك، إنني أُورد هذه الأمثلة للدلالة على أنّ سعة الإنسان واستطاعته لايعلم حدّها ولا حوافّها الشخص نفسه لثلاثة أسباب :الأولى: عدم قدرة الإنسان بإحاطته بإمكاناته كاملة الثانية: عدم التجريب الثالثة: الخوف من ممارسة أيّ جديد إذن الخلاصة: لاتتعجّل بكلمة لا أستطيع فربما استطعت أضعاف ذلك، والكلمة التي تُخاطب بها نفسك لفكّ أغلال عدم الاستطاعة هي: "ماذا لو استطعت" ؟

د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني


الجمعة، 13 أبريل 2018

تقدير الإمكانات ورسم الغايات / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
تقدير الإمكانات ورسم الغايات
في هذه التدوينة سأتحدث عن موضوع هام جداً وهو وضع الغايات "الصور الذهنية" بعد تقييم الإمكانات قوة الاختيار هبةٌ من الله لا تحتاج الى إكتساب، خُلقت فيك تحتاج الى تفعيل داخلي إلى ممارستها في مواقف الحياةشخصٌ وضع هدفاً يريد الوصول إليه نسميها صورة ذهنية أو حلمٌ يرتجيه لكنه أدرك أنه مستحيل لايتوافق مع إمكاناته من قوة الاختيار أن يستبدله بهدف آخر فالحياة تتسع لأهداف وبدائلهاشخصٌ أراد أن يكون منشداً مشهوراً أو مغنيًا لامعاً لكنه أدرك بوعي وبصيرة أنّ خامة صوته لاتتناسب مع هدفه كمنشد لكنّه أدرك أنّ خامة صوته تُناسب أن يكون خطيباً بارعاً أو متحدثاً مؤثراً فمن قوة الاختيار أن يستبدل ذاك بهذا كثيرون لايدركون أنّ الإمكانات نوعان: نوعٌ معيق نحو تحقيق الهدف ونوعٌ مؤثّرٌ لكنه ليس معيقاً فلو أنّ شخصاً كان هدفه الحصول على الدكتوراه لكنّ مهاراته في البحث العلمي ضعيفة فهذا مُعيق لابدّ له من تطوير إمكانياته ونوعٌ مؤثّر يؤثّر على الهدف لكنه لايمنع تحقيقه فلو أنّ شخصاً أراد أن يكون متحدثاً بارعاً فعرف أنّ المتحدثين البارعين لابدّ أن يتميزوا بطول معين هذا العائق لايمنع لأنّ هناك متحدثين مؤثرين كانوا قصاراً كالحجاج وإمكاناتك المُعيقة نحو تحقيق هدفك أيضاً نوعان: إمكانيات قابلة للتطوير وإمكانات غير قابلة للتطوير كإمكانية ضعف مهارات البحث العلمي قابلة لأن يكتسبها الشخص بل ويبرع فيها وإمكانيات غير قابلة للتطوير كخامة الصوت لايمكن تحويلها من خامة لاتتناسب مع الإنشاد إلى خامة تتناسب معه الواعون دائماً يختارون الصور الذهنية التي لاتتناسب مع إمكاناتهم الغير قابلة للتطوير فيستبدلونها بصور ذهنية تتناسب مع إمكاناتهم مشكلة كثير من البشر أنهم متجمّدون حول أهداف معينة لايرون السعادة إلاّ بها بينما المرنون لديهم بدائل وخيارات فالصورة يستبدلونها بصورة والغاية بأخرى ويحققون ذات الشعور نصيحتي لك اختر مايتناسب مع إمكاناتك وليكن سامياً وعزيزاً واسعى له واصبر عليه فإن لم يتحقق فاعلم أنّ الخيرة فيما اختاره الله وضع هدفاً آخر فالحياة خيارات

د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني

الخميس، 5 أبريل 2018

تحكم في انفعالاتك .. تسعد بحياتك (2) / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
تحكم في انفعالاتك .. تسعد بحياتك 2
في التدوينة السابقة عرفنا أنّ الغضب مكتسب وليس مركب في جيناتنا هو نتاج البرمجة التي تعرضنا لها وعرفنا أنّ هناك ثلاثة طرق للتعبير عنه الأول إظهاره والثاني قمعه للداخل وكليهما ضار والثالث ضبطه وهو التحكم به وهو مانريد تعلّم مهاراته في تدوينة هذا الأسبوع، سأضع خطوات للتحكم بالغضب أول ثلاثة منها ليست علاجه بل التحكم به والثلاثة البقية للتخلص منه كسلوك مضر.
سمّها إن شئت فكّ البرمجة.
 أولاً: حصول حدث في العالم الخارجي يستدعي ثورة الغضب التي كنت متعوداً عليها في الماضي .
ثانياً: قل في نفسك أنا اخترت هذا الشعور لأنك فعلاً من اختاره فالأحداث تعرض ولا تفرض حتى لانتهم الآخرين فالقضية كما ذكرنا بالأمس داخلية سلوك خارجي هزّ صورتك الذهنية أو هددها وعلاجها داخلي، الآخرين مثير والاستجابة من اختيارك كنترول التحكم عندك والضبط والربط بيدك.
ثالثاً: فرّغ بحركة، تحرّك لتفريغ بركان الغضب، فالغضب طاقة عندما توجهها للداخل تؤذيك وعندما توجهها للخارج أيضاً تؤذيك وتؤذي الآخرين والطريقة الثالثة ضبطها وتكون بالحركة وكلٌ أعرف بحركاته: اسبح، ارسم، اقرأ قرآن، صلّي ركعتين، اخرج مع صديق، صدقني بعد دقائق سيهدأ البركان، والفلسفة هنا تقول: كلما بعُد الفاصل الزمني بين المثير والاستجابة كنت أقدر على ضبط الغضب وكلما قلّ فقدت التحكم، الحليم هو الشخص القادر على إحداث أكبر فاصل زمني بين المثير والاستجابة ولذلك سُمي حكيماً، القدرة على الفصل تكون بالحركة لأنها تفريغ، وكلما زاد الفاصل قلّ الغضب وهدأت أكثر فتراجع الانفعال وتقدّم العقل فقاد سيارة الذات وأمسك المقود وتحرك نحو الاتجاه الصحيح ..
نحن الآن قطعنا أهم خطوة في فكّ البرمجة السلبيّة إن طبقت ومارست.....
يتبع..

د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني