الخميس، 30 يونيو 2016

سلسلة رسائل الوعي النظمي (3) / الدكتور خالد بن محمد المدني



من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

سلسلة رسائل الوعي النظمي (3)

 

في هذه التدوينة سأتحدث عن الأنظمة البسيطة والأنظمة المعقدة فهم هذه النقطة غاية في الأهمية لفهم آلية عمل النظام. 
1.   النظام يدعم نفسه ويحافظ على بقائه من خلال تفاعل أجزائه المكونة له وبالتالي فليس المهم كثرة الأجزاء أو قلّتها إنما المهم العلاقات بين هذه الأجزاء.
2.   هناك طريقتان مختلفتان تماما كي يتسم أي نظام بالتعقيد البعض يعتقد أن التعقيد هو كثرة الأجزاء وهذا هو تعقيد التفاصيل فمثلا عندما تتعامل مع لعبة تجميع صورة تتكون من ١٠٠ قطعة فأنت تتعامل مع تعقيد التفاصيل
3.   النوع الثاني من التعقيد هو التعقيد الديناميكي وفي هذا النوع ترتبط الأجزاء ببعضها البعض بأكثر من طريقة وقد يكون هناك أجزاء قليلة لكن ارتباطها مع بعضها البعض تكون عديدة فبعض الأنظمة تكون أجزائها كثيرة لكن طريقة ارتباطها مع بعضها ببعض متنوعة فهناك أكثر من طريقة لاتخاذ القرار وللإدارة وللتغذية الراجعة وبعض الدول يديرها جهازين فقط الأمن والخارجية
4.   أجزاء قليلة قد تصنع نظاماً معقداً فالسيطرة على ٥ أشخاص قد يحتاج لجهد أكبر من السيطرة على شخصين مثلا ففي التربية الجهد المبذول لتربية طفل أقل من طفلين وطفلين أقل من ثلاثة
5.   النظم البسيطة أجزاؤها قليلة وحالاتها قليلة وعلاقاتها قليلة مثل نظام الأسرة فاحتياجاتها محدودة وحالاتها محدودة وعلاقات أفرادها لاتتعدى سبع علاقات بينما المنظمات والدول حالاتها كثيرة وارتباطاتها أعقد واحتياجاتها أعمق
6.   أول درس في فكر الأنظمة ينبغي أن يتعلّمه الفرد هو معرفة نوع التعقيد الذي تتعامل معه هل هو تعقيد في التفاصيل أو تعقيد ديناميكي ؟ لعبة تجميع أجزاء الصور تعقيد تفاصيل بينما لعبة الشطرنج تعقيد ديناميكي
7.   التعقيد الديناميكي يعني أن الأجزاء تقوي بعضها بعضاً أو تضعف بعضها بعضا كما تعني أن أي تغيير في أي جزء من النظام يؤثر على بقية الأجزاء فنقل معلم من مدرسة لمدرسة قد يصل عمق التأثير إلى جهاز الوزارة
8.   يعني التعقيد الديناميكي أيضا أن بعض الأجزاء في النظام حساسة ومسّها قد يؤدي إلى توقف النظام بالكامل فتغيير قطعة في الماكينة قد يؤثر على جودة عمل الماكينة وتغيير قطعة أخرى قد يوقف الماكينة
9.   في التجارب التعليمية يسافر مسؤولي التعليم لاستجلاب خبرات لنا من دول غربية وتطبيقها علينا فهم في الحقيقة يأتوننا بقطعة من ماكينة ويريدون تشغيلها في ماكينتنا والصحيح أن يستجلبوا الماكينة كلها
10.                     التجارب الديمقراطية في الدول العربية هكذا فالقضية ليست مجلس شعب ولا شورى ولا انتخابات القضية تأسيس فكر وثقافة وممارسات ديمقراطية من الصميم
11.                     يجب أن ننظر للنظام على أنها شبكة من العلاقات يؤثر كلاًّ منها في الآخر تأثيراً إيجابياً أو سلبياً وسأتحدث في التدوينة القادمة عن النظام كشبكة
.. يتبع ..

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org

الجمعة، 24 يونيو 2016

سلسلة رسائل الوعي النظمي (2) / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

سلسلة رسائل الوعي النظمي (2)





تحدثنا في التدوينة السابقة عن رسائل الوعي النظمي وسلطنا الضوء على مباديء الوعي النظمي وفي هذه التدوينة نواصل الحديث عن الوعي النظمي ماهو النظام؟ 
1.   النظام باختصار عبارة عن أجزاء تعمل معاً ككيان واحد وهذه الأجزاء إما أن تقوي بعضها بعضاً أو تدمّر بعضها بعضاً فمثلاً جسدك يحتوي على جهازك الهضمي وجهاز المناعة والجهاز العصبي والجهاز الدوري وهي أنظمة تتبع النظام الأكبر منها وهو الجهاز الهضمي والجهاز الهضمي يتبع نظاماً أكبر وهو الفسيلوجيا والفسيلوجيا تتبع نظاماً أكبر وهو الإنسان هذا من جهة ومن جهة أخرى تستطيع دراسة كل نظام لوحده فنستطيع دراسة جهاز المناعة ودراسة أجزاءه فالأجزاء في جهاز المناعة هي التي كونت نظام المناعة..
2.   إذا كانت الأجزاء لاتعمل فيطلق على النظام أنه ميت أو كومة فالسيارة على سبيل المثال نظام يتكون من أنظمة فرعية مثل نظام التبريد ونظام الوقود ونظام الحركة وكل هذه الأنظمة تعمل معاً لإيجاد سيارة تتحرك وتذهب بسهولة فإن كان أمامك كل أجزاء السيارة لكنها لاتعمل فأنت أمام كومة صفيح..
3.   بعض الأنظمة في حكم الميت وهذه الأنظمة قد تكون أسراً أو مؤسسات أو هيئات أو دولاً لكنها باقية لأنها لم تتلقى دفعاً من الخارج وربما تلقت دفعاً من الداخل لكن دولاً أخرى تسندها من الخارج لارتباط مصالحها بمصالح هذا النظام ليس لمصلحة النظام بل لمصلحة بقاء النظام ميتاً حتى لايشكل خطراً في ديناميكيته
4.   في الأنظمة الميتة كلما طلب الأفراد الإصلاح اتُهم طُلاّب الإصلاح من قبل هذا النظام بأنهم مدفوعون من الخارج لأن الأنظمة الميتة لاترغب بالإصلاح ولا بالتطوير حتى لو كان بسيطاً 
5.   كل الأنظمة تولد وتولد معها في نفس اللحظة بذور زوالها والأنظمة الحية هي التي تعرف كيف تتعامل مع هذه البذور فتزيلها قبل أن تقضي على كيان النظام فمثلاً رأي الفرد الواحد ومحاربة الشورى والقضاء على حريات الأفراد في هذا النظام هي بذور زواله وإن صمد حيناً لكن انهياره سيكون أسرع مما يتخيله الكثيرون.
6.   هناك حدود لنمو الأنظمة التي يصنعها الإنسان فجميعها في لحظة ما تصبح مفككة ومتهالكة وعرضة للإنهيار ولذلك فمن الأفضل كلما نما النظام أن نقسمه لأنظمة فرعية صغيرة تكون تحت مستويات من الإدارة والضبط أصغر فليس هناك مشكلة في فريق من ستة أشخاص لكن هناك مشكلة في فريق من 40 شخص.
7.   البعض يريد أن يقنعنا أن أنظمة معينة منذ أن وجدت إلى الآن ثابتة كما هي تنمو وتنضج دون أن يمسها تغيير ولا تطوير وهذا يتصادم مع فكر الأنظمة وطبيعة نموها فكل نظام ينمو وهذا النمو يمكن أن يؤدي بالنظام لأن يزدهر أو يمسه تشويه وتحريف أو يضعف وينهار  
8.   هناك حدود لنمو أي شيء في الطبيعة ففي فكر الأنظمة لايعني الحجم الأفضلية بل عادة مايعني العكس لأن لكل نظام حجماً معقولاً وزيادته أو نقصانه بشكل كبير دون تغييرات أخرى قد تجعله لا يعمل ويكون بقائه مضر. 
9.    الأنظمة يكبر حجمها لابسبب جودة فكر النظام بل بسبب تقليد جموعها لفكر منظريها دون وعي وإدراك لجودة هذا الفكر من عدمه حتى أنهم لايعطون أنفسهم فرصة اختبار وتجريب صدق هذا الفكر من عدمه. 
10.                      حين تفكك نظاماً لاتجد سماته الرئيسية في أي من أجزائه فمعنى ذلك أمرين لاثالث لهما. 
أولاً: أن هذه السمات تظهر حين يعمل النظام ككل فتكون الطريقة الوحيدة لاكتشاف هذه السمات تشغيله ومراقبة أدائه وعيا دون عواطف تضلل.
ثانياً: أن النظام بأجزائه بني على افتراضات وليس حقائق فاضطرب في داخله لكن وجود أصحاب الفكرة و وجود أشخاص مقلدون هو الذي جعل النظام يصمد وينمو.
.. يتبع ..

 


د.خالد محمد المدني


خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة


رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO


دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا


للتواصل مع الدكتور خالد المدني


ch@olto.org