الخميس، 18 يناير 2018

كيف تصادق غاياتك، وتُشبع حاجاتك، وتستمتع بحياتك ـ 2؟ / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
كيف تصادق غاياتك، وتُشبع حاجاتك، وتستمتع بحياتك ـ 2؟

تحدثنا في التدوينة السابقة عن الصور الذهنية التي تجلب لنا السعادة والهناء، وتلك التي تسبب لنا التعاسة والشقاء، وفي هذه التدوينة سأتحدث عن النقطة الثانية من النقاط الثلاث التي ذكرناها في التدوينة السابقة الجالبة للسعادة وهي:  
١ - تحقيق الغايات "صورنا الذهنية."
٢ - الاستمتاع بالحياة.
٣ - إدامة العلاقات. 
سأتحدث في هذه التدوينة عن الاستمتاع بالحياة وكعادتنا سنجعلها في نقاط محددة ليسهل فهمها :

أولاً: أعظم أسباب الاستمتاع بالحياة التفكير بالحاضر باللحظة والآن، وجدت أنّ التفكير بالماضي لايزيد الشخص إلاّ ألماً خاصّة عندما يجترّ ذكريات تؤلمه، الماضي إن لم يكن أداةً للتعلّم فلا تجعل منه سبباً للتألّم، أبي ظلمني، أمي أساءت معاملتي، زميلتي غدرت بي، الماضى ولّى ولن يعود، مثل من يتذكر الماضي كمن يحمل فوق رأسه وبين كتفيه جثةٌ قد تحلّلت وتعفّنت ألا تُزكم أنفك؟، قضيةٌ أخرى أُضيفها للتخلّص من الماضي - كلّ ماحدث معنا في الماضي وسبب لنا جراحاً نازفة فإنّ مانشعر به من مشاعر ليس حقيقة ماحصل بل تفسيراتنا الذهنية لما حصل، أنت مولود اليوم وابن الغد فكّر في لحظتك ومستقبلك.

ثانياً : انشغل بذاتك: وهنا خمس مستويات للانشغال بالذات 
١/ تعرف على ذاتك على إمكاناتك .
٢/ تقبّل ذاتك على علاّتها.
٣/ اعشق ذاتك. 
٤/ جمّل ذاتك طوّرها حسّنها اجعلها أجمل شيء في الوجود.
٥/ كافيء ذاتك عن كل إنجاز تحققه.
اترك الآخرين لاشأن لك بهم أنت ذات وهم ذوات منفصلة عنك أنت مستقلٌ عنهم فما يقولونه فيك وجهة نظر افحصها فإن كانت حق خذ به وإن كانت باطل تجاوزه، نظرتك إلى نظرة الآخرين إليك غيّرها من كونها نهائية وقطعية إلى كونها مجرد رأي هم لايملكون عنك إلا معلومات قليلة وقليلة جداً.

ثالثاً: استحضر نعم الله عليك، اذكرها بالتفصيل بصرك الذي تبصر به، وتتخيّل به، وتستمتع بتقليب ناظريك في جمال ماخلق الله لك، زوجتك أبناؤك، الطبيعة التي حولك، سمعك الذي تستمتع بالإنصات فيه إلى حديث نفسك والآخرين، وأصوات البلابل، وحفيف الأشجار، لسانك الذي تتحدث به فتؤثر به وتقنع، وتتذوق به أجمل الأطعمة والأشربة، أنفك الذي تشتمّ به أجمل الروائح، يدك التي تلمس بها أجمل الأشياء وأنعمها وألطفها، تكتب بها وتغرّد بأجمل العبارات، هل استشعرنا كل ذلك؟ أنت تملك مملكة فيها أعظم الجنود وأقواها على وجه الأرض.

رابعاً: أسقط الأغيار من الاعتبار : الأغيار جمع غيْر وهو الآخر، فلا تجعل للآخرين عليك أثر في وجهات نظرهم فيك، مرة أخرى أنت ذاتٌ مستقلّة حياتك ملكك لايشاركك فيها أحد، الآخرون بالنسبة لك مجال استمتاع فاستمتع بعلاقتك معهم، تبادل وإياهم الصور الذهنية وقلّبها لتنوّع زوايا النظر، الإستشارة منارة تضيء حياتك تأتيك من الآخرين لست ملزماً بالأخذ بها قلّبها افحصها فإن كانت نافعة لك خذها أو اتركها.

خامساً: أذكر حسناتك ومزاياك ولا تذكر ذنوبك ولا عيوبك، ركّز على الجميل فيك ليزداد، وانشغل بحسناتك لتضاعفها فإن أذنبت افعل ولا تنفعل بادر بالصلاة والصدقة وقراءة القرآن، فإن عدتّ عُد إن عُدت للذنب عُد للفعل لا للانفعال" لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولأتى بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم" ، لامجال لحديث سلبي لمن يريد التمتع بالحياة، لامكان إلاّ للحديث الإيجابي أشغل عقلك بالنافع المفيد من الحوار الداخلي .
..يتبع..
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني

الخميس، 11 يناير 2018

كيف تصادق غاياتك ، وتُشبع حاجاتك ، وتستمتع بحياتك -1-؟ / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

كيف تصادق غاياتك، وتُشبع حاجاتك، وتستمتع بحياتك ـ 1؟


في هذه التدوينة سأتحدث بإذن الله عن أهم شيئين يبحث عنهما الإنسان وهما تحقيق الغايات، والاستمتاع بالحياة، هناك ثلاثة أشياء يبحث عنها الإنسان ويجدّ فيها، وربما سبب شعوره بالفرح أو الحزن، السعادة أو الشقاء، النجاح والفلاح أو الإخفاق والفشل هذه الثلاث:

الأولى: تحقيق الغايات (الصور الذهنيّة)
الثانية: الاستمتاع بالحياة
الثالثة: إدامة العلاقات

وسأتحدث في هذه التدوينة عن تحقيق الغايات والاستمتاع بالحياة، لأنني تحدثت في تدوينة سابقة عن إدامة العلاقات مع وعدي للإخوة والأخوات بأن أتحدث عن الثالثة بتفصيل أكثر بتدوينات قادمة بعون الله، سأجعل الحديث في نقاط محددة ليسهل حفظها، واستيعابها:

أولا: صادق غاياتك، وتأكّد أنّها تُشبع حاجاتك فبعض الغايات قد يستغرق تحقيقها سنوات لامشكلة في ذلك مادمت واثقاً من أنّ الغاية ممكنة لكنها تحتاج لجهد، وتعب وبذل وسعي، فاستمتع بطريق الرحلة وكأنك مسافر مع صديق محب تناجيه ويناجيك، تناغمه وينسجم معك.
.
ثانياً: غاياتك تعبر عن احتياجاتك هي صور الحاجات، هي أدواتك لإشباع حاجاتك، فتأكّد أنّ أدواتك مناسبة لإشباع حاجاتك.

ثالثاً: حاجاتنا خمس فطرية وُلدت معنا هي (البقاء ، والانتماء (الحب)، والقوة (السلطة)، والحرية، والترويح.

رابعاً: كل حاجة من هذه الحاجات لها عشرات الصور التي تُشبعها بل أكثر من ذلك، كن واعياً ولا تتجمّد على صورة واحدة لاتظنّ السعادة إلاّ بها، فالمال، والدراسة، والسفر، والرئاسة، كلّها صورٌ قد تُشبع الحاجة للقوّة لديك، والزواج، والانتماء لعائلة، وقبيلة، ووطن، والعمل الجماعي، والصلاة، والصيام كلّها صورٌ قد تُشبع الحاجة للإنتماء عندك، والكتابة، الاستجمام، والاسترخاء، وحضور جلسة مغيب الشمس على الشاطيء أو في الصحراء قد تُشبع الحاجة للترويح بالنسبة لك، والسفر والكتابة الصحفيّة، والتحليق بخيالي بلا حدود قد تُشبع لديّ الحاجة للحريّة.

خامساً: إذا لم تجد صوراً تُشبع حاجاتك فابتكر، الواعي هو من يبتكر صوراً عديدة تُشبع حاجاته لأنه يحبّ الحياة، ويستمتع بها، الواعي مرن يتخيّل زيحوّل خياله إلى واقع، والغافل متصلّب على صورة محددة قد يجلب بعضها له الشقاء لأنها مستحيلة التحقيق، أرأيت كيف جلب قيسًا له الشقاء بل الموت عندما ثبّت صورة ليلى ولم يرى السعادة إلاّ معها؟، الصورة كانت مستحيلة الزواج بليلى غير ممكن لأنها تزوجت لكنه أصرّ فأتلف ذاته، أنت وحدك أعرف بالصور التي تُشبع حاجاتك ، وأعرف بما يصلح لك والصورة الذهنية التي تُشبعك ليس بالضرورة أنت تُشبع غيرك.

سادساً: الواعي هو من يتحرّر من الثقافة المجتمعيّة الخاطئة، ويلتقط من مجتمعه  صوراً تناسبه، وتُشبع حاجاته، في مجتمعاتنا كثيرٌ من القيود، والفيروسات العقليّة التي قُيدنا بها، وتمّ برمجتنا عليها ماأنزل الله بها من سلطان، فتمرّد عليها، اكسر قيودك، وأطلق خيولك.

سابعاً: كلّنا لدينا ألبومًا للصّور تُشبع حاجاتنا منذ الطفولة إلى اليوم، لكنّ الفرق بين الواعي والغافل أنّ الواعي يغيّر ويبدّل في هذه الصور، يبتكر صوراً جديدة من مجتمعه أو خارجه فهو حرّيف في التقاط الصورة، وفنّان بزاوية التقاطها، فالواعي لديه لكلّ مشكل حلول، ولكلّ سؤال أجوبة، الواعي يعلم أنّ الصّورة الواحدة تُشبع أكثر من حاجة، ولذا فهو يتفنن ويتلذّذ ويستمتع وهو يستشعر الصورة الواحدة وقد أشبعت لديه أكثر من حاجة عنده، أنا شخصياً لحظة الغروب وأنا جالسٌ على مرتفع رملي في الصحراء قبل الغروب بنصف ساعة، وأمامي مشبّ النار، ورائحة الحطب تعطّر أنفي وثيابي هذه اللحظة من أمتع لحظات عمري، وهذه الرائحة أجمل رائحة عطور استنشقتها في حياتي، هذه الصورة تُشبع عندي الحاجة للترويح، والحرية، والقوّة، والانتماء فأرى انتمائي للأرض وثباتها يمدني بشعور من الأمان لايوصف، مرّة أُخرى ليس بالضرورة أنّ هذه الصورة تعني لك شيئاً، هي تعني لي أنا.
.. يتبع ..

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org

الخميس، 4 يناير 2018

لماذا نقوم باختيارات معينة في حياتنا؟ وماالذي يوجه قراراتنا؟ / الدكتور خالد بن محمد المدني

https://mail.google.com/mail/u/0/images/cleardot.gif
من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
لماذا نقوم باختيارات معينة في حياتنا؟
وماالذي يوجه قراراتنا؟ 
 
في هذه التدوينة سأتحدث عن الاختيارات والقرارات من خلال ست نقاط رئيسية، وماالذي يوجه اختياراتنا في الحياة فنسعد بها أو نشقى بسببها 

أولاً:  نحن منذ أن نصبح إلى أن نُمسي ونحن في حالة اختيار سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه كنا واعين أو غافلين فنحن في حالة اختيار، لا إجبار في الحياة إلاّ في ثلاث:
الأول : الميلاد فأنت لم تأتِ للدنيا باختيارك. 
الثاني : الموت ولن تغادرها أيضاً باختيارك ستغادرها في لحظة حُددت لك لن تتقدّم ولن تتأخّر. 
الثالث  :الاختيار فأنت مجبر إما أن تختار أو لا تختار وعدم اختيارك اختيار، الله خلقك لتكون حراً ولذا زودك بقوة الاختيار حتى في أشرف الأمور وهو الاعتقاد لم يفرض عليك ديناً أنت تختار لكنك مسؤولٌ عن عواقب هذا الاختيار وآثاره 
.
ثانياً:  الاختيار نابعٌ من نقص الاحتياجات وتشكل الصورة الذهنية التي تشبع الحاجة بعدها وجميع سلوكياتنا والسلوكيات تعني التصرفات والتصرفات تعني الحياة فحياتنا هدفها الوصول والحصول على الصورة الذهنية التي تشكلت وبالتالي اشباع الحاجة والنتيجة زوال الاختلال والاعتلال وعودة الاتزان.

ثالثاً : نحن في حالة نقص وإشباع منذ الولادة إلى الوفاة فميزانك لن يعتدل على الدوام يختل فتعيد توازنه والتوازن لن يكون ١٠٠٪ سيحصل هناك إشباع وعدم رضا لكنه لن يكون له وزن أمام الإشباع الذي تحقق.

رابعاً:  يجب أن نفرح بالاختلال لا أن نجزع منه لأنه دلالة صحة وحياة وليست دلالة مرض وموت كنا سابقاً نحزن إن اختلّ جسدنا أو اعتلّ لكننا الآن نفرح لأننا سابقاً قبل نظرية الاختيار كنا غافلين وبعدها أصبحنا واعين لأننا عرفنا كيف نعيد الاتزان إلى ذواتنا.

خامساً : من أراد الإشباع التام فهو في حالة غفلة وعدم استبصار بحقيقة الذات والدنيا، نحن ككفتي الميزان يميل فنسعى ونكدح لإعادة اتزانه ثم يتزن ثم يميل فنسعى مرة أخرى لإعادة اتزانه وهكذا إلى أن يتوفانا الله وهذا يعني أن الراحة في الحركة وليست في السكون، في الايجابية وليست في السلبية، السعادة بالإنجازات .

سادساً وأخيراً : في الوقت الذي نكون فيه في موضع اختيار لإشباع احتياج أو أكثر فإن السلوكيات التي نقوم بها في ذلك الوقت هي الأفضل في ظل الإمكانات المتاحة، وهذا يعني أن لانقطّع ذواتنا ألماً على اختيارات اخترناها في الماضي ظهر لنا الآن أنها كانت خاطئة في وقتها كانت صحيحة، تعلّم ولا تتألّم وفكر في الآن وغداً فأنت مولود اليوم وابن الغد.

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org