الخميس، 11 يناير 2018

كيف تصادق غاياتك ، وتُشبع حاجاتك ، وتستمتع بحياتك -1-؟ / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

كيف تصادق غاياتك، وتُشبع حاجاتك، وتستمتع بحياتك ـ 1؟


في هذه التدوينة سأتحدث بإذن الله عن أهم شيئين يبحث عنهما الإنسان وهما تحقيق الغايات، والاستمتاع بالحياة، هناك ثلاثة أشياء يبحث عنها الإنسان ويجدّ فيها، وربما سبب شعوره بالفرح أو الحزن، السعادة أو الشقاء، النجاح والفلاح أو الإخفاق والفشل هذه الثلاث:

الأولى: تحقيق الغايات (الصور الذهنيّة)
الثانية: الاستمتاع بالحياة
الثالثة: إدامة العلاقات

وسأتحدث في هذه التدوينة عن تحقيق الغايات والاستمتاع بالحياة، لأنني تحدثت في تدوينة سابقة عن إدامة العلاقات مع وعدي للإخوة والأخوات بأن أتحدث عن الثالثة بتفصيل أكثر بتدوينات قادمة بعون الله، سأجعل الحديث في نقاط محددة ليسهل حفظها، واستيعابها:

أولا: صادق غاياتك، وتأكّد أنّها تُشبع حاجاتك فبعض الغايات قد يستغرق تحقيقها سنوات لامشكلة في ذلك مادمت واثقاً من أنّ الغاية ممكنة لكنها تحتاج لجهد، وتعب وبذل وسعي، فاستمتع بطريق الرحلة وكأنك مسافر مع صديق محب تناجيه ويناجيك، تناغمه وينسجم معك.
.
ثانياً: غاياتك تعبر عن احتياجاتك هي صور الحاجات، هي أدواتك لإشباع حاجاتك، فتأكّد أنّ أدواتك مناسبة لإشباع حاجاتك.

ثالثاً: حاجاتنا خمس فطرية وُلدت معنا هي (البقاء ، والانتماء (الحب)، والقوة (السلطة)، والحرية، والترويح.

رابعاً: كل حاجة من هذه الحاجات لها عشرات الصور التي تُشبعها بل أكثر من ذلك، كن واعياً ولا تتجمّد على صورة واحدة لاتظنّ السعادة إلاّ بها، فالمال، والدراسة، والسفر، والرئاسة، كلّها صورٌ قد تُشبع الحاجة للقوّة لديك، والزواج، والانتماء لعائلة، وقبيلة، ووطن، والعمل الجماعي، والصلاة، والصيام كلّها صورٌ قد تُشبع الحاجة للإنتماء عندك، والكتابة، الاستجمام، والاسترخاء، وحضور جلسة مغيب الشمس على الشاطيء أو في الصحراء قد تُشبع الحاجة للترويح بالنسبة لك، والسفر والكتابة الصحفيّة، والتحليق بخيالي بلا حدود قد تُشبع لديّ الحاجة للحريّة.

خامساً: إذا لم تجد صوراً تُشبع حاجاتك فابتكر، الواعي هو من يبتكر صوراً عديدة تُشبع حاجاته لأنه يحبّ الحياة، ويستمتع بها، الواعي مرن يتخيّل زيحوّل خياله إلى واقع، والغافل متصلّب على صورة محددة قد يجلب بعضها له الشقاء لأنها مستحيلة التحقيق، أرأيت كيف جلب قيسًا له الشقاء بل الموت عندما ثبّت صورة ليلى ولم يرى السعادة إلاّ معها؟، الصورة كانت مستحيلة الزواج بليلى غير ممكن لأنها تزوجت لكنه أصرّ فأتلف ذاته، أنت وحدك أعرف بالصور التي تُشبع حاجاتك ، وأعرف بما يصلح لك والصورة الذهنية التي تُشبعك ليس بالضرورة أنت تُشبع غيرك.

سادساً: الواعي هو من يتحرّر من الثقافة المجتمعيّة الخاطئة، ويلتقط من مجتمعه  صوراً تناسبه، وتُشبع حاجاته، في مجتمعاتنا كثيرٌ من القيود، والفيروسات العقليّة التي قُيدنا بها، وتمّ برمجتنا عليها ماأنزل الله بها من سلطان، فتمرّد عليها، اكسر قيودك، وأطلق خيولك.

سابعاً: كلّنا لدينا ألبومًا للصّور تُشبع حاجاتنا منذ الطفولة إلى اليوم، لكنّ الفرق بين الواعي والغافل أنّ الواعي يغيّر ويبدّل في هذه الصور، يبتكر صوراً جديدة من مجتمعه أو خارجه فهو حرّيف في التقاط الصورة، وفنّان بزاوية التقاطها، فالواعي لديه لكلّ مشكل حلول، ولكلّ سؤال أجوبة، الواعي يعلم أنّ الصّورة الواحدة تُشبع أكثر من حاجة، ولذا فهو يتفنن ويتلذّذ ويستمتع وهو يستشعر الصورة الواحدة وقد أشبعت لديه أكثر من حاجة عنده، أنا شخصياً لحظة الغروب وأنا جالسٌ على مرتفع رملي في الصحراء قبل الغروب بنصف ساعة، وأمامي مشبّ النار، ورائحة الحطب تعطّر أنفي وثيابي هذه اللحظة من أمتع لحظات عمري، وهذه الرائحة أجمل رائحة عطور استنشقتها في حياتي، هذه الصورة تُشبع عندي الحاجة للترويح، والحرية، والقوّة، والانتماء فأرى انتمائي للأرض وثباتها يمدني بشعور من الأمان لايوصف، مرّة أُخرى ليس بالضرورة أنّ هذه الصورة تعني لك شيئاً، هي تعني لي أنا.
.. يتبع ..

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق