الجمعة، 23 أغسطس 2019

سداسيّة استثمار الأوقات / الدكتور خالد بن محمد المدني


من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
سداسيّة استثمار الأوقات

تحدثت في عدة تدوينات سابقة عن أدوات التمتّع بالحياة، وذكرتُ ثلاثة منها الأولى: كلماتك التي تستخدمها مع ذاتك والثانية: الكلمات التي تستخدمها في علاقاتك واسميتها كلمات علاقاتك، وفي هذه التدوينة أتحدّث عن ثالث أدواتك للتمتّع بحياتك وهي: استثمار أوقاتك.
مًعظم البشر يُهدرون أوقاتكم على غير هدى، وتضيع أيّامهم سُدى، ولذا تجد مشاعرهم متقلّبة بين أرق، وقلق، وتوتّر، وكآبة لأنهم منذ أن يُصبحوا إلى أن يُمسوا وهم في حالة لاعمل، وبعضهم مشغول يومه بلا غاية، قد تكون مشغولاً لكنك لست فعّالاً، الفعالية تُقاس بتحقيق الغايات في الحياة، خذها قاعدة: مالم تكن لك غايات مرسومة، وخططٌ موسومة للوصول والحصول على مبتغاك ومرتجاك لن تكون لأيامك معنى ولا للياليك مغنى، السّعداء هم الذين لهم غايات ويسلكون سلوكيات لتحقيقها فإن وصلوا إليها حمدوا الله عزّ وجل على فضله ومنته وتوفيقه ثمّ لم يناموا بعد ذلك بل رسموا غايات أُخرى وسعو مرة أُخرى بعزيمة أشدّ وإرادة أحدّ للوصول إلى هذه الغايات وتحقيق الإنجازات، المتعة في الحياة لاتأتي من خلال السعي للحصول على الراحة بل من خلال العمل الدؤوب لكن أيّ عمل؟ العمل في سبيل تحقيق الغايات ومن ثمّ التمتّع بالإنجازات، ماهي الإنجازات إذن؟ الإنجازات هي الغايات التي تحقّقت ولذلك من يستمتع بإنجازاته حقاً هو من كانت إنجازاته هي غاياته وهذه أعلى الإنجازات وأعظمها، سأتحدث في تدوينة قادمة بمشيئة الله عن أنواع الإنجازات، إذن ابحث عن الراحة في تحقيق الغايات، وعن المتعة في تنفيذ خططك التي تُوصلك لتحقيق مارسمته من أهداف "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه" سورة الإنشقاق، آية (6) ، أي أنّك ستعمل أعمالاً إلى أن تلقى ربّك سبحانه وتعالى لم ينكر الله الكدح أي العمل بل أنكر السّكون والرّكون، فمن أراد السعادة الحقيقية فليكن له غايات مكتوبة وخطط محسوبة.
السؤال الهام الآن : كيف أستثمر أوقاتي لتكن من أدواتي للإستمتاع بحياتي؟
أُلخّص لك الإجابة هن هذا السؤال الهام بروشتة عمليّة، ووصفة ذهبيّة كوصفة الطبيب الحاذق :
أولاً: حدّد قيمك المحرّكة لك في الحياة والعمل من مثل: العلم، والتميز، والعطاء، والإبداع ... الخ ، اعرفها فالقيم هي وقودك للإنطلاق لاستثمار أوقاتك.
ثانياً: ارسم رؤيتك في الحياة، الرؤية هي الصّورة التي تودّ أن تكون عليها، أنا شخصياً رسمتُ رؤيتي وما زلتُ إلى اليوم أسعى لتحقيقها وهي: "تحرير الإنسان من عوائقه الداخليّة بتبصيره بإمكاناته ومساعدته على تفعيلها لتحقيق غاياته ليستمتع بحياته" لابدّ أن يكون لمن يريد أن يستثمر أوقاته رؤية، والرؤية هي البوصلة التي توجهك.
ثالثاً: حدّد رسالتك في الحياة، والرسالة هي الشرح التفصيلي للرؤية شرح بلا إسهاب، الرسالة ليست عبارات فضفاضة وليست أيضاً عبارات هُلاميّة لازمام لها ولا خطام.
"أنا أُساعد الآخرين على اكتشاف إمكاناتهم ليتحرّروا من عوائقهم الذهنيّة من خلال إرشادهم بأفضل أساليب التفكير لجعل الأرض مكاناً أفضل للعيش" ، هذه على سبيل المثال رسالة حياتية متكاملة.
رابعاً : حدد غاياتك، وغاياتك هي صورك الذهنية، كأن تقول : غايتي أن أكون دكتوراً في هندسة النفط، أو أستاذًا جامعياً، أو صاحب شركة مقاولات ضخمة تُدرّ علي أرباحاً بالملايين، أو مالك لأكبر سلسلة كوفي شوب في الخليج ....الخ.
خامساً : ضع زمناً لكل غاية من غاياتك التي رسمتها، والزمن قد يكون سنة أو سنتين أو خمساً أو عشرين وربما ثلاثين سنة، أنت أعرف بالزمن الذي تحتاجه كل غاية من غاياتك.
سادساً : ضع خطة سنوية لبدء التحرك للوصول لغاياتك واستثمار أوقاتك، وأُشبّه الخطة السنوية بالسّيارة التي نركبها للوصول إلى البلد الذي قرّرنا الذهاب إليه فإن كنت ستتوجه إلى مكة المكرمة فستمرّ بالرياض، والقصيم، وظُلًم، والطائف ثم ستصل لمكّة، الخطّة كذلك فكلّ سنة هي محطة للوصول لمحطتك الأخيرة وهي تحقيق غايتك.
أخيراً : كثيرون يقطّعون أنفسهم قلقًا وتوترًا في طريق الرحلة للوصول لغاياتهم، نصيحة مجرّب استمتع بالطريق إلى غاياتك كما تستمتع بمحطة الوصول إليها.
تحدثتُ عن التخطيط الشخصيّ للحياة في منتج بعنوان: روشتة ـ مهارات التخطيط الشخصيّ للحياة" متوافر في جرير ومعظم مكتبات المملكة والخليج والوطن العربي، فإن كنت راغباً في ترتيب حياتك، واستثمار أوقاتك فاحصل عليه.  

د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني


الجمعة، 16 أغسطس 2019

كُن عين نحلة ولا تكن عين ذُبابة / الدكتور خالد بن محمد المدني


من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
كُن عين نحلة ولا تكن عين ذُبابة


وقع الكلمة علينا قوي لأنها تُشكّل صورة ذهنية تُبرمج عقلك وتتحكم في كيانك وحياتك، راقب كلماتك مع ذاتك ومع علاقاتك، أيّ كلمة تُدمر ذاتك أو علاقاتك تخلّص منها.
الكلمات تُقيم جسراً بينك وبين الآخرين مهما كان موقف الآخرين منك هي تدفع شحناء "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم"
أخطر الكلمات هي التي يوجهها الآباء والأمهات إلى الأولاد والبنات فتدمر ذواتهم، اختاري واختر كلماتك وقت الغضب لأنها سترسخ إن قبلها الولد أو البنت، تعلّمت وقت الغضب مع أبنائي وبناتي أن لاأتلفّظ بثلاث أنواع من الكلمات :
الأولى : تهديدهم 
الثانية ؛ تحقيرهم 
الثالثة : تحجيمهم 
إذا أردت أن تقيم علاقة مع زوجتك وأبنائك والآخرين فاختر كلماتك من مثل : أنت حبيب، طيب، دمك خفيف، قل لابنك : أنت منجز  قل لابنتك أنتِ متفردة ليس لك مثيل في العالم أظهر لهم دوماً الجانب الإيجابي ادعم صورة الذات لديه بالكلمات الإيجابية .
امتلك أدوات علاقاتك لتتعلّم كيف تتكلّم مع الآخرين وأهمها وأغلاها أن يكون لديك عين نحلة لاعين ذبابة فعين النحلة لاترى إلاّ الحسنات والإيجابيات ولا تُخرج من الآخرين إلاّ الرحيق وعين الذبابة لاترى إلا الذنوب والعيوب ولا تُخرج إلا القروح من الجروح.


د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني

الأحد، 11 أغسطس 2019

"تدوينة خاصّة بمناسبة عيد الأضحى المُبارك لعام 1440هـ / الدكتور خالد بن محمد المدني


من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
كلّ عام وأنتم بخير
"تدوينة خاصّة بمناسبة عيد الأضحى المُبارك لعام 1440هـ

أكتب هذه التدوينة في يوم السبت 9 / 12 / 1440هـ بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك وكعادتي مع قرّائي الأعزّاء وقارئاتي العزيزات ننشر كلّ أسبوع تدوينة في الفكر، والنفس، والقيادة فإن صادف عيداً جعلناها للعيد حتّى لاننقطع عن متابعينا ولا ينقطع عنّهم فكرنا الذي جعلنا شعاره "حتى تكون الأرض مكاناً أفضل للعيش".
عيشوا إخواني وأخواتي في العيد لحظاتكم، واستمتعوا بمشاعركم، واقضوا أجمل أوقاتكم مع عائلاتكم، ومحبيكم، وأصدقاءكم، في العيد نستمتع ونعيش لحظات جميلة ونُعيد جسور علاقات اندثرت أو أُهملت بسبب مشاغل الحياة أو ربما غفلنا عنها في عجلة دوران الحياة السريع، في العيد ثلاثة معايير دائماً ما أُذكّر بها لتكون منهجاً لنا في الحياة :
الأولى: الكلمات
الثانية: الإنفعالات
الثالثة: الأوقات
هذه الثلاثية ليست فقط للعيد بل أعتبرها أدواتك للإستمتاع بحياتك، فماذا نعني بكلّ معيار من هذه المعايير الثلاثة؟
أولاً : الكلمات : قاموس كلماتك الذي تستخدمه مع نفسك ومع الآخرين ينبغي أن تراقبه فتُثبت الجيّد وتلفظ السيّء، فمع ذاتك لاتذكر ذنوبك ولا عيوبك بل اذكر حسناتك وإيجابيّاتك، ولا تجلد ذاتك فتستخدم عها كلمات تهدمها كأن تقول ما أغباني أو ما أكرهني ...الخ من هذه العبارات المدمرة للذات، بل أثني عليها على كلّ إنجاز تحققه، واعذرها عن كل خطأ ترتكبه بأن تعوّدها أن تتعلّم من الخطأ لا أن تتأّلّم منه، ولا تُهينها بعبارات جارحة ك أنا فاشل أو قدراتي ضعيفة بل ركّز على نقاط القوة فيها، فالله أكرمنا بلا إنجاز قال الله عزّ وجل "ولقد كرمنا بني آدم" ، وكلماتك مع الآخرين أنا أُسميها "كلمات علاقاتك" فلا يخرج منك إلاّ كلّ جميل ابني ولا تهدم، أثني ولا تنتقد، ركز على إيجابيات الطرف الآخر لا سلبياته امتلك عين نحلة لا عين ذبابة فعين الذبابة لاترى إلاّ العيوب، وعين النحلة لاتُبصر إلاّ الإيجابيات قال الحقّ سبحانه "وقُل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" في العيد لايخرج منك نحو ذاتك إلاّ كلّ كلام جميل وكذلك نحو الآخرين أسعدهم بكلماتك تسعد بحياتك.
ثانياً : الإنفعالات :
الإنفعالات أثمن أدواتك للاستمتاع بحياتك وكثيرٌ من البشر دمّر ذاته بانفعالاته، خذها قاعدة : من ضبط انفعالاته حقق غاياته، واستمتع بحياته، وأدام علاقاته، في العيد لامكان للانفعالات المدمّرة كالغضب، والتوتر، والقلق، والكره، بل للانفعالات المعمّرة كالحب، والاهتمام، والاحترام، فإن حصل مايُغضبك أو يُقلقك فاضبطه بالحركة وفي الحركة بركة، والحركة أنواع فالسباحة حركة، والصلاة حركة  لذا كان نبيّ الرحمة عليه الصلاة والسلام يلجأ لها "أرحنا بها يابلال "، والمشي حركة فاتخذ حركاتك التي تُريحك وتهدّئك، فإن ذهبت السّكرة وجاءت الفكرة اتخذ قرارك وأنت هاديء.
ثالثاً : الأوقات : والأوقات هي ثالثُ أدواتك للإستمتاع بحياتك، وكثيرٌ من البشر يقضي أوقاته مع من يضرّه ولا ينفعه، وليس شرطاً أن يكون الشخص غير صالح ليضرّك بل ربما ضرّك بأفكاره السلبيّة ونظرته السوداويّة، فهذا الشخص الذي يرى الحياة شقاءٌ وتعب، همٌ وغم أنصحك بالإبتعاد عنه اقضي أوقاتك مع الإيجابيين الذي يتفاعلون مع أحداث الحياة فيفعلون ولا ينفعلون الذي يجعل من المحنة منحة، ومن العذاب عذوبة، ومن الألم أمل، الذي يُتقن ركوب الأمواج واللّعب بها، صادق هؤلاء وكن معهم فهم يرفعونك ويغذّونك، في عيدكم استثمروا علاقاتكم في بناء جسوراً من المودة والحب، زُر أقاربك، وصل رحمك، وتفقّد أصدقائك، واستمتع بقضاء وقتك مع من تُحب ، وأختم بهذه الأبيات لشاعر عربي:
زُر من تُحب ودع مقالة حاسدِ
ليس الحسودُ على الهوى بمساعدٍ
لم يخلق الرحمن أحسن منظرٍ
من مُسلمينِ على طريق واحدِ
متعاضدين عليهما حُلل الرضا
متساندين بدرهم وبساعدِ
وإذا تآلفت النفوس على الرضا
فالناس تضربُ في حديد باردِ
وإذا صفالك من زمانك واحدُ
فهو المُراد وعِش لذاك الواحدِ
فإذا رآك المؤمنون تيّقنوا
أهل الجنان لدى النعيم الخالدِ
تقبّل الله منّا ومنكم صالح الأعمال

تقبّل الله منّا ومنكم صالح الأعمال..

د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني