من
مقالات الدكتور خالد محمد المدني
سداسيّة
استثمار الأوقات
تحدثت
في عدة تدوينات سابقة عن أدوات التمتّع بالحياة، وذكرتُ ثلاثة منها الأولى: كلماتك
التي تستخدمها مع ذاتك والثانية: الكلمات التي تستخدمها في علاقاتك واسميتها كلمات
علاقاتك، وفي هذه التدوينة أتحدّث عن ثالث أدواتك للتمتّع بحياتك وهي: استثمار
أوقاتك.
مًعظم
البشر يُهدرون أوقاتكم على غير هدى، وتضيع أيّامهم سُدى، ولذا تجد مشاعرهم متقلّبة
بين أرق، وقلق، وتوتّر، وكآبة لأنهم منذ أن يُصبحوا إلى أن يُمسوا وهم في حالة
لاعمل، وبعضهم مشغول يومه بلا غاية، قد تكون مشغولاً لكنك لست فعّالاً، الفعالية
تُقاس بتحقيق الغايات في الحياة، خذها قاعدة: مالم تكن لك غايات مرسومة، وخططٌ
موسومة للوصول والحصول على مبتغاك ومرتجاك لن تكون لأيامك معنى ولا للياليك مغنى،
السّعداء هم الذين لهم غايات ويسلكون سلوكيات لتحقيقها فإن وصلوا إليها حمدوا الله
عزّ وجل على فضله ومنته وتوفيقه ثمّ لم يناموا بعد ذلك بل رسموا غايات أُخرى وسعو
مرة أُخرى بعزيمة أشدّ وإرادة أحدّ للوصول إلى هذه الغايات وتحقيق الإنجازات،
المتعة في الحياة لاتأتي من خلال السعي للحصول على الراحة بل من خلال العمل الدؤوب
لكن أيّ عمل؟ العمل في سبيل تحقيق الغايات ومن ثمّ التمتّع بالإنجازات، ماهي
الإنجازات إذن؟ الإنجازات هي الغايات التي تحقّقت ولذلك من يستمتع بإنجازاته حقاً
هو من كانت إنجازاته هي غاياته وهذه أعلى الإنجازات وأعظمها، سأتحدث في تدوينة
قادمة بمشيئة الله عن أنواع الإنجازات، إذن ابحث عن الراحة في تحقيق الغايات، وعن
المتعة في تنفيذ خططك التي تُوصلك لتحقيق مارسمته من أهداف "يا أيها الإنسان
إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه" سورة الإنشقاق، آية (6) ، أي أنّك ستعمل
أعمالاً إلى أن تلقى ربّك سبحانه وتعالى لم ينكر الله الكدح أي العمل بل أنكر السّكون
والرّكون، فمن أراد السعادة الحقيقية فليكن له غايات مكتوبة وخطط محسوبة.
السؤال
الهام الآن : كيف أستثمر أوقاتي لتكن من أدواتي للإستمتاع بحياتي؟
أُلخّص
لك الإجابة هن هذا السؤال الهام بروشتة عمليّة، ووصفة ذهبيّة كوصفة الطبيب الحاذق
:
أولاً:
حدّد قيمك المحرّكة لك في الحياة والعمل من مثل: العلم، والتميز، والعطاء،
والإبداع ... الخ ، اعرفها فالقيم هي وقودك للإنطلاق لاستثمار أوقاتك.
ثانياً:
ارسم رؤيتك في الحياة، الرؤية هي الصّورة التي تودّ أن تكون عليها، أنا شخصياً
رسمتُ رؤيتي وما زلتُ إلى اليوم أسعى لتحقيقها وهي: "تحرير الإنسان من
عوائقه الداخليّة بتبصيره بإمكاناته ومساعدته على تفعيلها لتحقيق غاياته ليستمتع
بحياته" لابدّ أن يكون لمن يريد أن يستثمر أوقاته رؤية، والرؤية هي
البوصلة التي توجهك.
ثالثاً:
حدّد رسالتك في الحياة، والرسالة هي الشرح التفصيلي للرؤية شرح بلا إسهاب، الرسالة
ليست عبارات فضفاضة وليست أيضاً عبارات هُلاميّة لازمام لها ولا خطام.
"أنا
أُساعد الآخرين على اكتشاف إمكاناتهم ليتحرّروا من عوائقهم الذهنيّة من خلال
إرشادهم بأفضل أساليب التفكير لجعل الأرض مكاناً أفضل للعيش"
، هذه على سبيل المثال رسالة حياتية متكاملة.
رابعاً
: حدد غاياتك، وغاياتك هي صورك الذهنية، كأن تقول : غايتي أن أكون دكتوراً في
هندسة النفط، أو أستاذًا جامعياً، أو صاحب شركة مقاولات ضخمة تُدرّ علي أرباحاً
بالملايين، أو مالك لأكبر سلسلة كوفي شوب في الخليج ....الخ.
خامساً
: ضع زمناً لكل غاية من غاياتك التي رسمتها، والزمن قد يكون سنة أو سنتين أو خمساً
أو عشرين وربما ثلاثين سنة، أنت أعرف بالزمن الذي تحتاجه كل غاية من غاياتك.
سادساً
: ضع خطة سنوية لبدء التحرك للوصول لغاياتك واستثمار أوقاتك، وأُشبّه الخطة
السنوية بالسّيارة التي نركبها للوصول إلى البلد الذي قرّرنا الذهاب إليه فإن كنت
ستتوجه إلى مكة المكرمة فستمرّ بالرياض، والقصيم، وظُلًم، والطائف ثم ستصل لمكّة،
الخطّة كذلك فكلّ سنة هي محطة للوصول لمحطتك الأخيرة وهي تحقيق غايتك.
أخيراً
: كثيرون يقطّعون أنفسهم قلقًا وتوترًا في طريق الرحلة للوصول لغاياتهم، نصيحة
مجرّب استمتع بالطريق إلى غاياتك كما تستمتع بمحطة الوصول إليها.
تحدثتُ
عن التخطيط الشخصيّ للحياة في منتج بعنوان: روشتة ـ مهارات التخطيط الشخصيّ
للحياة" متوافر في جرير ومعظم مكتبات المملكة والخليج والوطن العربي، فإن كنت
راغباً في ترتيب حياتك، واستثمار أوقاتك فاحصل عليه.
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق