الأحد، 24 مايو 2020

العيد والحجز المنزلي


أكتب هذه التدوينة طازجة مع إعلان حلول عيد الفطر السعيد على جميع العالم يوم الأحد بإذن الله ، يُطلّ علينا عيدنا هذه السنة ليس ككلّ الأعياد ، هذا العيد له نكهة خاصّة ومذاق مُختلف البعض يتذوّقه مرًا والبعض الآخر اختار أن يجعل مذاقه حلوًا ولكلّ اختيارته ، هذا العيد يأتينا والعالم كلّه بلا استثناء في حالة حجر منزليّ بسبب فيروس كورونا الذي أوقف العالم واستفزّه ليكون صفًا واحدًا للتصدّي له حماية لأرواح الملايين الذين يعيشون على كوكب الأرض ، أنا شخصيًا اخترت لحالة الحجر المنزلي ثلاث مسميات الأولى :  التمتّع الأسري ، والثانية : الإقامة الممتعة ، والثالثة : استراحة مُحارب لأنني أؤمن أنّ ماتشكّله في عقلك ستراه واقعًا في عالمك ، فتفسيرك يُحدد مصيرك ، ولا يعنيني إن كان يوافقني الآخرون على هذه التسمية أم لا ، المهم أن أعيش أنا هذه الحالة الداخليّة فالشيء الوحيد الذي يمكنك التحكّم به هو عقلك وسلوكك ، تمتّعوا إخواني وأخواتي في عيدكم فالمشاعر الجميلة في داخل نفسك وليس في خارجها ، شكّل عقلك من الداخل لتراه في الخارج ، عوّد نفسك أن تستمتع بلحظاتك حتى ولو كنت وحدك ، لا تربط متعتك بشيء خارجي ، وجدت أنّ السعداء لديهم ممارستين رائعتين تجعلهم سعداء الأولى: أنهم يستمتعون بالموجود ولا يتحسرون على المفقود ، والثانية : دائمًا لديهم تفكير الوفرة ، وليس تفكير الندرة ، السعداء يعتقدون أنّ كل مايريدونه موجود حولهم وفي عالمهم ، كيف استطاع أن يرى شيخ الاسلام ابن تيمية السجن خلوة ، والنفي سياحة ، والقتل شهادة ، شكّل عالمه الداخلي فرآه حقيقة خارجيّة ، لا اُخفيكم سرًا أنني حتى الآن بفضل الله لم أشعر بما يسمّونه الحجر المنزلي ، فيومي مُمتع منذ أن أستيقظ إلى أن أنام السرّ الذي أدركته في ذلك هو غاية في البساطة : متعتك الحقيقية في أن يكون لك غايات ترسمها ، وإمكانات تستثمرها ، وإنجازات تُحصيها ، ولذا عندما تستيقظ صباحًا إلى أن تنام وأنت في حالة عمل وإنتاج وإنجاز كالنحلة تمامًا أو كالنملة في سعيها الحثيث ، ما أختلف عليّ المكان ، أتواصل مع أصدقائي ومع الناس عبر تويتر أو الفيس بوك أو من خلال هذه التدوينة التي أكتبها الآن لكم وأتخيلكم تتحاورون معي وتتناقشون وتتفاعلون فتقبلون أفكار وترفضون أخرى ، أو عن طريق الزوم اُقدّم محاضرة أسبوعيّة صوتًا وصورة ، العالم كله بين أيدينا بضغطة زر إننا نتقلّب من النعم .
في يوم عيدكم افرحوا كما كنتم تفرحون كل سنة ، اعملوا مع العائلة برنامجًا للعيد منذ أن تستيقظوا إلى أن تناموا ، مارسوا السعادة عمليًا ، البس ثياب العيد ودعهم يفعلون ذلك ، سلّم على أبنائك وبناتك وأمّ عيالك ، عيّدهم كما كنت تعيدهم كل سنة ، افطر سويًا معهم ، تواصل معهم مع أقربائك عبر الاتصال المرئي وكأنكم سويًا ، تحدثوا، اضحكوا ، امرحوا ، ، استمتعوا سويًا ، شاهدوا مسرحية فكاهية ، ابدعو في الطعام حطّموا في هذه الأيام الروتين ، فالله جعل لنا في عقولنا نظامًا إبداعيًا يستطيع أن يبتكر ويبدع بل يُنشأ لك أفضل الممارسات السلوكية في أحلك الحالات والظروف وأحرجها ، عقلك مُحايد ماتضعه فيه تراه ، والعقل يحتله الأسبق إليه فلا تجعل عقلك محتل إلاّ من الأفكار الإبداعية والممارسات الإيجابية التي تنفعك وترفعك أنت وأسرتك ،، عيدٌ جديد يُطلّ علينا مكافأة من الله لنا على مابذلناه خلال شهرنا ، أوقف عبارات اللوم والتقصير والتي تُشعرك أنك لم تستثمر رمضان على أكمل وجه ، لا بل والله استثمرناه صمنا ، وصلينا ، ودعونا ، وقرءنا كتاب ربنا ، وتصدقنا ، كل هذه إنجازات استمتع بها واستشعرها لتبدأ شهرًا جديدًا وفريدًا فيه الخير كله ، ستزول الأزمة بإذن الله وستعود الأيام التي تعودنا عليها ، المهم أن تكون قد تعلمت من فترة الإقامة المنزلية تعلمًا يجعلك تستثمره بعد زوال الحجر ، وثق أنّ كل مُر سيمر ، أصلًا لا تنظر له على أنه مر بل انظر إليه أنها فرصة واستثمار تبني عليها بعد ذلك اختيار وقرار للطريقة التي تريد أن تكون حياتك عليها بمشيئة الله ..
كل عام وأنتم سُعداء وبغاياتكم أثرياء ، وبإنجازاتكم عُظماء 
وكل عام وأنتم بخير ..