الخميس، 24 سبتمبر 2015

تدوينة خاصة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك / الدكتور خالد بن محمد المدني



لتكبروا الله على ماهداكم
غداً يهلّ علينا عيد الأضحى المبارك وعيد الأضحى يتمايز عن عيد الفطر فعيد الأضحى هو عيد الحج والأضحية "لتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تتقون" فالتقوى هنا غاية وليست وسيلة وهي سبيل المؤمنين ..في عيد الأضحى نعظّم الشعائر ويُنحر الهدي الذي فدى به الرحمن إسماعيل الذبيح عليه السلام قال نبينا محمد العربي الكريم "أنا ابن الذبيحين" والذبيح الأول هو إسماعيل والذبيح الثاني هو والد نبينا عليه الصلاة والسلام عبدالله فقد نذر عبدالمطلب إن جاءه عشرة من الولد أن يذبح أحدهم قرباناً لله فكان الذبح من نصيب والد النبي ففداه الله إذ وقفت قريش عن بكرة أبيها مانعة عبدالمطلب بذبح عبدالله فقد كان ولداً وسيماً قسيماً وأشاروا عليه أن يضرب القداح "كانت عادة شركية إذ يضربون القداح عند الآلهة" فكان كلما ضرب القداح خرج الذبح على عبدالله فيطلبون منه أن يزيد عشرة من الإبل ويكرر فيخرج الذبح على عبدالله حتى وصل عدد الإبل إلى مئة من الإبل فخرجت القداح على الإبل فذبح عبد المطلب مئة من الإبل وظلت قريش تأكل منها أسبوعاً كاملاً وقد حصل ماحصل لحكمة فعشرة من الإبل لاتليق بوالد نبي الرحمة وقدره مئة من الإبل فعيد الأضحى يأتي كل عام ليذكرنا بأن الله فدى اسماعيل بكبش فيضحي المسلمون كل عام افتداء لإسماعيل وتعظيماً لرب العالمين وفيه دلالة على عظم الدم البشري الذي يريقه موتورن اليوم على أراضٍ كثيرة دون رحمة ولا إنسانية..
في عيد الأضحى نضحي ونأكل ونشرب ونذكر الله ونشكره على ماهدانا قال نبينا عليه الصلاة والسلام"أيام منى أيام أكل وشرب وذكر" وهي أيام التشريق..
كل عام وأنتم بخير .. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .. عيد سعيد.

الاثنين، 21 سبتمبر 2015

انتبه !! قبل أن يتحدث جسدك (6) / الدكتور خالد بن محمد المدني




من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

تنمية الإنسان عقلاً وروحاً وجسداً



تحدثنا في التدوينة السابقة عن علاقة الروح والعقل بالجسد من رؤية ابن القيم رحمه الله ورؤية وليم جلاسر واليوم نواصل الحديث عن بقية الموضوع ..
ماذكره ابن القيم رحمه الله يعد بحق مدرسة متكاملة في علم النفس في العلاج وهي مدرسة معرفية بامتياز، ونسجل بعض التعليقات على نموذج ابن القيم رحمه الله:
ـ الأساس هو الفكرة  وهو مبدأ كل عمل فالفكرة هي المنشأ فإن أوقفت فكل مابعدها لن يكون، والفعل هو نتاج التعاقب السريع بين الخطرة والفكرة والشهوة والعزيمة والإرادة.
ـ الإنسان لم يعط القوة على قطع الخواطر وإماتتها  فكيف يطلب منّا ابن القيم دفعها؟ والجواب أنّ الله أعطى الإنسان سلاحين هما: العقل والإيمان فسلاح العقل لوزن الأفعال هل هي مناسبة أم لا هل تنقص من قيمته ولذلك ترك بعض مشركي العرب شرب الخمر مع أنه كان شهوة لكل جاهلي لأنهم فكروا في عواقبه ونظروا لحال شاربه كيف يرتكب مايخلّ بالمروءة والرجولة، والسلاح الثاني: الإيمان وقد أعطي للمؤمن فعندما يتفكر بما أعده الله من الثواب لمن ترك هذا العمل يزن ذلك ميزان الإيمان فيكون معيناً لإماتة الخطرة.
ـ الأفكار التي تدور في ذهن الإنسان كالحب الذي يطحن في الرحى فإن كان حباً نافعاً كان الطحن نافعاً والعكس بالعكس فكأن دماغ الإنسان وعاء ماتضعه وتطحنه يخرج وتراه وعند الخبز يظهر لك حقيقة حبك.
ـ كل هؤلاء الخطرة والفكرة والشهوة والعزيمة والإرادة أسهل من الوقوع في الفعل لأنهم في داخل الإنسان فإن وقع الفعل انتهى كل سيء، ومعنى ذلك أن إيقاف الخطرة أسهل من أن تتحول إلى فكرة، ووقوع الفكرة أسهل من أن تتحول إلى شهوة، ووقوع الشهوة أسهل من أن تتحول إلى عزيمة ثم إرادة، وتحولها إلى عزيمة وإرادة أسهل من أن يقع الفعل، ووقوع الفعل أسهل من تكراره فيصبح عادة راسخة .. هل هناك تفصيل أعمق وأدق من هذا التفصيل الذي رسمه هذا العالم الرباني.
ـ السبب خطرة فأوقفها يتوقف كل مابعدها من التعاقب، فابن القيم يرى أن قطع الخطرة سيوقف الطريق على التسلسل الذي يبني عليها فإن أمتّ الخطرة فلن يكون هناك فكرة ولا شهوة ولاعزيمة ولا إرادة  وبالتالي لن يقع الفعل، وهذا جوهر ماتقوله المدرستين المعرفية والواقعية، ولذا كان ريتشارد باندلر أحد المعالجين بالمدرسة المعرفية يشير إلى تجويد المدخل ( الفكرة) لكي يكون المخرج جيداً وهو (الفعل).  
ـ إذا كان العلاج السلوكي  والمعرفي الحديث توصّل إلى أنه من أنجح أساليب العلاج للأفكار  والإنفعالات المرضية هو استثارة الإستجابات المضادة لها على أن يحدث ذلك بشكل تدريجي كما يوضح مبدأ العلاج بالنقيض فإنّ ابن القيم أكّد على مبدأ العلاج بالضد  في أكثر من موقع من كتبه القيمة  ومنه دافعة الخطرة باللجوء إلى الله وقراءة القرآن وقيام الليل والدعاء وغيرها.
بعد هذا الإستعراض التاريخي والعلمي لتطور علم النفس منذ نشأته إلى نضجه في أواخر التسعينات، استطيع أن أقدم تصوري الخاص في تنمية الإنسان تنمية شاملة أسرده في الصفحات التالية:
أستطيع أن أرسم نموذجاً للتصور الإسلامي للإنسان يمكن اعتباره مدرسة علم النفس الإسلامية وهو يتكون من ثلاث مكونات كما يلي:


 



والسلوك خارجه فالسلوك نتيجة تفاعل هذه الثلاثية إن كانت منسجمة إيجاباً أو سلباً صدر السلوك معبراً قوياً بمقدار قوة الإنسجام.
هذا النموذج الثلاثي الذي أقترحه أشرحه في النقاط التالية مع العلم أني سأعود للحديث عنه عندما أطرح التصور الإسلامي في علاج الأمراض النفسية والعضوية:
1 ـ الروح: والروح فيه علاقتنا بالخالق من حيث عبادتنا وممارساتنا الإيمانية، واستشعار معية الله، وفيه أيضاً الصلات الروحية، والمساندة، والرؤية والرسالة الحياتية، وكذلك فيه مشاعرنا التي نشعر بها كالحب والطمأنينة وتقدير الذات وغيرها من المشاعر وفيها القيم  أيضاً.
2 ـ العقل: وفيه الخواطر والأفكار والقناعات والمعتقدات الدينية والحياتية فاعتقاداتنا عن الله هنا، وكذلك اعتقاداتنا عن الحياة عن الكون وعن الآخرين وعن ذاتي كلها في هذا الجانب.
3 ـ الجسد: ونقصد فيه العمليات الفسيلوجية الداخلية كنبض القلب وضغط الدم والحراراة والبروة وفيها أيضاً الفسيلوجيا الخارجية كالمشي والحركة والتي يعتبرها جلاسر جزء من السلوك. 
يتبع...


د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org