من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز 2
سأتحدث
في هذه التدوينة عن تأثير الذكاء العاطفي في بيئات الأعمال، أضاف جولمان وآخرون
سمة أخرى يجب أن يتميز بها القائد تستحق أن تفرد في نقطة مستقلة لأهميتها وهي سمة
أو مهارة الذكاء العاطفي، أدى اكتشاف الذكاء العاطفي على يد دانيال جولمان وبتكليف
رسمي من جامعة هارفارد التي موّلت بحوث كان هدفها التوصل إلى أسباب انخفاض انتاجية
الموظف في القطاع الحكومي لم يكن الذكاء العاطفي مقصوداً بذاته لكنه كان نتيجة هذه
البحوث التوصل إلى نموذج الذكاء العاطفي الذي أنشره في هذه المدونة مع التنويه أن
دانيال جولمان وآخرون نشروه في كتاب القادة الجدد فالقادة العظماء يثيرون أحاسيسنا
ويلهبون مشاعرنا ويحركون أفضل ما فينا، وعندما نحاول تفسير لماذا هم مؤثرون إلى
هذا الحد؟ فإننا نتحدث عن الاستراتيجية والرؤية والأفكار القوية، ولكن الحقيقة
أكثر من ذلك؛ فالقيادة العظيمة تعمل من خلال العواطف، إن المهمة العاطفية للقائد
تعتبر أساسية بما يعني أولاً معنيين أنها العمل الأصلي وكذلك الأكثر أهمية في
القيادة لذلك في المنظمات الحديثة تبقى هذه المهمة العاطفية الأساسية رغم أنها
الآن خفية بشكل كبير في المقام الأول بين الوظائف المتعددة للقيادة دافعة للعواطف
الجماعية في اتجاه إيجابي ومزيلة للمزيج من الضباب والدخان الذي تخلفه العواطف
المسممة للأجواء، وهذه المهمة تنطبق على القيادة في كل مكان بدءاً من المدرسة
الداخلية (المبيت) موصولاً إلى طابق في متجر وببساطة شديدة في أي مجموعة
بشرية نجد لدى القائد قدرة فائقة للسيطرة على عواطف الكل فإذا ما دفعت انفعالات
البشر نحو دائرة الحماس ارتفع الأداء بشكل كبير، وإذا ما دفع الناس باتجاه الحقد
والقلق فسيضلون طريقهم وهذا يبين جانباً آخر مهماً من القيادة الأساسية تمتد آثارها
إلى ما وراء ضمان إتقان عمل ما، والمرؤوسون ينتظرون أيضاً من القائد قرينة عاطفية
مؤيدة للتقمص العاطفي فكل القيادات تتضمن هذا البعد الأساسي في مختلف الأحوال
والظروف وعندما يوجه القادة العواطف بشكل جيد وإيجابي فإنهم يجعلون كل واحد يبذل
قصارى جهده ونسمي هذا التأثير تجاوباً (تناغماً) وعندما يستحثون انفعالاتهم باتجاه
سلبي فإن القادة يحدثون تأخراً ويقوضون الأسس العاطفية التي تجعل الناس يتألقون،
إن ازدهار أو ذبول منظمة ما يعتمد إلى حد بعيد على مدى فعالية القادة في هذا البعد
العاطفي الأساسي، وبالطبع فإن السر الذي يجعل هذه القيادة الأساسية تعمل لمصلحة كل
واحد يكمن في كفاءات القيادة في الذكاء العاطفي.(جولمان وآخرون،1425هـ، 29).
ويشير
جولمان إلى مكونات الذكاء العاطفي للقيادة كالتالي
:
1 ـ
الوعي الذاتي :
أ - الوعي الذاتي:
القادة
الذين يتمتعون بنسبة عالية من الوعي الذاتي العاطفي تجدهم في تناغم مع إشاراتهم
الداخلية يدركون كيف أن مشاعرهم تؤثر فيهم وفي أدائهم الوظيفي، لديهم تناغم مع
قيمهم الموجهة وبإمكانهم في كثير من الأحيان أن يعرفوا حدساً أفضل الخيارات حيث
يرون الصورة الكاملة في الموقف المعقد وعاطفياً يمكن للقادة الأذكياء عاطفياً أن
يكونوا صرحاء وصادقين وقادرين على الحديث بصراحة عن عواطفهم أو بقناعة عن بصيرتهم
المرشدة لتصرفاتهم.
ب - التفوق الذاتي الدقيق
:
القادة ذوو الدرجة العالية من الوعي الذاتي عادة
ما يعرفون نقاط ضعفهم وقوتهم، ويظهرون روح الدعابة والفكاهة عن أنفسهم ويبدون
لباقة في التعلّم أينما هم في حاجة إلى التحسّن، كما يرحبون بالنقد البناء
والتغذية المرتدة، والتقييم الذاتي الدقيق يسمح للقائد بأن يعرف متى يطلب المساعدة
وأين يركز في تنمية قدرات قيادية جديدة.
ج - الثقة بالنفس
:
معرفة القادة الإداريين لقدراتهم بدقة يسمح لهم
بأن يلعبوا على نقاط قوتهم، فالقادة الواثقون بأنفسهم يقدرون على أن يرحبوا
بالمهام الصعبة فهؤلاء القادة كثيراً ما يكون لديهم نوع من الحضور ، ثقة بالنفس
تمكنهم من البروز في أي مجموعة، باختصار القادة الذين يقبلون المهام ويثقون
بأنفسهم يفعلون ذلك لأنهم يعرفون بدقة نقاط قوتهم ويعرفون الجوانب التي تحتاج
لتحسين في شخصياتهم
2-
إدارة الذات
:
أ - ضبط النفس : القادة الذين لديهم قدرة ضبط
النفس العاطفي يجدون طرقاً لإدارة عواطفهم وانفعالاتهم المزعجة، وحتى يوجهونها
بطرق مفيدة، والسّمة المميزة لضبط النفس هي أن القائد يحافظ على هدوئه ويبقى صافي
الذهن حتى تحت الضغط الشديد أو خلال الأزمة، أو الذي يبقى جلداً وهادئاً ولا يهتز
حتى في مواجهة الشدائد.
ب - الشفافية : القادة الذين يتسمون بالشفافية
وهي انفتاح حقيقي للمرء على الآخرين فيما يتعلق بمشاعره ومعتقداته وأفعاله تسمح بالنزاهة،
هؤلاء القادة يعترفون صراحة بالأخطاء الصغيرة والكبيرة ويواجهون السلوك اللاأخلاقي
عند الآخرين بدلاً من أن يغضوا عنه الطرف.
ج- التأقلم (القدرة على التكيف) : القياديون
القادرون على التأقلم والتكيف بإمكانهم أن يلبوا عدة متطلبات دون أن يفقدوا
التركيز أو الطاعة، ولا يشعرون بالانزعاج من الغموض الحتمي للحياة داخل التنظيم،
ومثل هؤلاء القادة يتمتعون بمرونة للتكيف مع ما يواجههم من تحديات جديدة، ولديهم
فطنة في التكيف مع التغير المرن ورشاقة التفكير عند مواجهة معطيات أو حقائق جديدة.
د - الإنجاز : القادة الذين لديهم قدرة على
الإنجاز يتمتعون بمعايير شخصية عالية تدفعهم للسعي باستمرار وراء تحسين الأداء
لأنفسهم ولهؤلاء الذين يرأسونهم على حد سواء، فهم برجماتيون يضعون أهدافاً قابلة
للقياس ولكنها تمثل تحدياً كما أنهم قادرون على حساب المخاطر بشكل يجعل أهدافهم
حتمية، ولكن قابلة للتحقيق والسمة المميزة للإنجاز تكمن في مواصلة تعلّم وتعليم
طرق جديدة من أجل إنجاز أفضل.
هـ - المبادأة : القادة الذين لديهم حاسة القوة
(التأثير) الفاعلية أي أن لديهم ما يلزم للتحكم في جعلهم يتألقون في الأخذ بزمام
المبادأة فنجدهم يغتنمون الفرص أو يخلقونها بدلاً من مجرد الانتظار ومثل هذا
القائد لا يتردد في خرق الروتين المتعارف عليه أو حتى تطويع القواعد عند الضرورة
لخلق فرص أفضل للمستقبل.
و-
التفاؤل: القائد المتفائل يمكنه أن يتقلب مع تصاريف الدهر و يرى في العقبة أو
العائق فرصة بدلاً من كونها تهديداً، هؤلاء القادة ينظرون للآخرين بشكل إيجابي،
يتوقعون منهم الأفضل، ونظرتهم المتفائلة لنصف الكوب تجعلهم يتوقعون بأن ما يحمله
المستقبل من تغيرات سيكون للأفضل والنموذج التالي يوضح أنماطاً ثلاثة للتعامل مع
المشاكل ويبرز نموذج القادة الذين يتمتعون بقدر عال من الذكاء العاطفي، كيف
يتصرفون مع العقبات التي تواجههم في حياتهم وبيئات أعمالهم.
يتبع....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق