من مقالات
الدكتور خالد محمد المدني
مايجب أن
تعرفه عن الآخرين – ٢
في
التدوينة السابقة ذكرتُ عن مايحب عليك معرفته عن الآخرين وتحدثتُ عن الحاجات الخمس،
وفي هذه التدوينة أتحدث عن ثاني الأشياء التي يجب علينا معرفتها عن الآخرين وهو عالمهم
النوعي .
أخي
الكريم .. أختي الكريمة لكل إنسان عالمٌ نوعي يختزن فيه الصور الذهنية يُسمى "quality world” ماهو هذا العالم النوعي؟
هو
جزء من عالمك الخارجي يُطلق عليه أيضاً "العالم المثالي" تنتقي فيه من العالم
الخارجي الصور الذهنية التي تُشبع الحاجات الخمس لديك "البقاء والانتماء
والقوة والترويح والحرية" ، إذن ماهي الصور الذهنية؟
الصور
الذهنية هي الأدوات التي تُشبع لديك الحاجات، سأُعطيك مثالاً لذلك : أنت جائع
تُريد طعاماً، هذا يعني أنّ أحد الحاجات الخمس نقصت لديك وهي الحاجة للبقاء،
الأداة التي ستُشبع الحاجة للبقاء هو طبق معكرونة بالبشمل أو طبق سمك عندها سيتحرك
الكيان بكامله للحصول على هذه الصورة في العالم الخارجي ليُشبع الحاجة للبقاء،
سأُعطيك مثالاً آخر
:
إكمال
الدراسات العليا للماجستير أو الدكتوراه صورة ذهنية "أداة"، السفر في الصيف
صورة ذهنية "أداة"، الخروج مع صديق إلى مطعم للعشاء صورة ذهنية "أداة" وكلّ هذه الصور تُشبع حاجة من الحاجات الخمس لديك
أو أكثر من حاجة، وقد تحدثت عن العالم النوعي في مدونة سابقة ضمن سلسلة مايجب أن
تعرفه عن نفسك فارجع إليها
.
مايهمني
في هذه التدوينة أن تعرفه هو
:
"أنّ لكل إنسان عالم نوعي يختلف عن
عالمك النوعي" قد يتشابه البشر في بعض الأدوات "الصور الذهنية "
باعتبار
توافرها في العالم الخارجي لكنهم حتماً يختلفون في أدوات "صور ذهنية
"أخرى، سأُعطيك أمثلة لذلك
:
إكمال
الدراسات العليا عبارة عن أداة "صورة ذهنية" قد تُشبع لديك الحاجة للقوة
بينما نفس الصورة الذهنية قد تُشبع لدى شخص آخر الحاجة للترويح، بل أكثر من ذلك
الصورة الذهنية الواحدة قد تُشبع أكثر من حاجة فلو كنت جائعاً فإن الحاجة للبقاء
هي التي نقصت لكنك أردت أن تذهب لمطعم للعشاء لاحظ أنّ إشباع الحاجة للبقاء تتم لو
بقطعة خبز مع جبن لكنك ذهبت للمطعم واصطحبت معك صديق وتفننت في أطباق الطعام من
مقبلات وعصيرات وطبق رئيسي فأضفت لحاجة البقاء حاجة الترويح وكنت مع صديقك فأشبعت
أيضاً الحاجة للإنتماء من خلال الأحاديث اللطيفة الخفيفة مع أنّ الحاجة التي نقصت
واحدة وهي البقاء، أيضاً من صفات الصور الذهنية أنها متجددة فما يُشبعك الآن قد
لايُشبعك بعد خمس سنين، وما كان يُشبعك قبل عشر سنين قد لايُشبعك الآن ، خذ مثالاً
لذلك :
أنا
شخصياً كنتُ من عشّاق كرة القدم لعباً وتشجيعاً وكانت لاتفوتني مباراة لفريقي
المفضّل أو لمنتخب بلادي على الشاشة أو حضوراً في الملعب كنت أجدُ في ذلك متعتي
وسعادتي، أنا الآن بعد إكمال دراساتي العليا وتخصّصي في التدريب لا أجد لذلك أيّ
متعة بل أستغرب كيف كنت أتمتّع بها سابقاً، بل أندهش عندما أجد زملائي يستمتعون
ويتفاعلون وينفعلون بمشاهدة المباريات، أنا تغيّرت، ماالذي حدث؟
باختصار
كانت هذه الصورة الذهنية تُشبع عندي القوة والترويح والآن لم تعد تُشبع ذلك، بينما
أجد مُتعتي في الكتابة أحياناً لساعتين أُعدّ به كتاباً جديداً، أو في قراءة كتاب
لساعة، أو التغريد عبر تويتر أو كتابة بوست عبر الفيس بوك أو اللينكد إن، أو في
تسجيل حلقة عبر قناتي على اليوتيوب : روشتة - الحلول الشاملة للذّات، أجد في ذلك
كل متعتي وقوتي.
هذه
مجرد أمثلة وهناك الكثير من الأمثلة يُمكن سردها لولا أن يطول المقال وخشية
الإملال
سؤال
؛ ماأهمية معرفة أنّ لكل إنسان عالم نوعي يختلف عن الآخر ؟
أولًا:
اختلاف أدوات الإشباع لدينا، ومعرفة أنّ الأداة "الصورة الذهنية " التي
تُشبعك ليست بالضرورة تُشبع الآخر.
ثانياً: احترام العالم النوعي للآخرين، وتقدير
اختياراتهم في الحياة، وتقبّل خياراتهم، فإن كانت الدراسة تُشبع لديك الحاجة للقوة
فليس بالضرورة أنّ الآخر كذلك ربما المال هو من يُشبع لديه الحاجة للقوة، وإن كان
السفر يُشبع لديك الحاجة للترويح فربما أشبعه عند الآخر الكتابة والتأليف.
ثالثاً
: المرونة سرّ النجاح في إشباع الحاجات :
اعلم
إنّ الصور الذهنية في تغيّر وتطوّر مستمر فإن وجدت صورةً كانت تُمتّعك، والآن ليست
كذلك فمعنى ذلك أنّ هذه الصورة لم تعد مُشبعة لا مشكلة كن مرناً وابحث عن الصورة
التي تُشبعك وتمتّعك.
يُتبع..
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني