لكلّ حدث قراءتان كما أنّ لكلّ عملة وجهان
الأول
: البرمجة المجتمعية التي تبرمجنا عليها والتي لا ترى إلاّ الجانب الفارغ من الكوب.
الثانية
: الانفعال الشديد حين تفسير الحدث ولذلك أرى أنّه لكي نكون قادرين على التعامل مع
الأحداث السلبيّة لابدّ من أربعة خطوات نعملها حين تلقّي الخبر السلبيّ:
الأوّل : تقبّل الخبر والسماح للمشاعر أن تستجيب فهي مشاعر إنسانية طبيعية ولأننا أرواح نُحسّ ونشعر فهي شحنة طبيعية زائدة تبحث عن مخرج ونستحضر هنا للمساعدة على ذلك المعاني الإيمانية العميقة "إنا لله وإنا إليه راجعون" "اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها"
الثاني
: تفريغ الانفعال بالحركة بالفعل والفعل يقود الانفعال كما هو معلوم في علم
النفس وهو منهجٌ ربّاني(أقم الصلاة طرفي النهار وزُلفًا من اللّيل إنّ الحسنات
يُذهبن السيئات) (هود
، ١١٤)
وسبب نزول هذه الآية كما رواه الإمام البخاريّ ـ رحمه الله ـ أنّ رجلًا قبّل امرأة
في الطريق فذهب نادمًا لرسول الله يطلب منه الإرشاد فأنزل الله هذه الآيات فقال
أحد الصحابة أله خاصةٌ يارسول الله أم هي عامة للجميع فقال عليه الصلاة والسلام بل
هي عامة للجميع ، إذن القرآن أرشد للفعل
وليس للانفعال افعل ولا تنفعل وهدف الحركة هنا تبريد الانفعال "أرحنا بها
يا بلال" "إنّه ليغانُ على قلبي فأهرع للصلاة" ـ رواه الإمام مُسلم
ـ رحمه الله ، والصلاة حركة كان يمارسها نبيّ الرحمة - عليه الصلاة والسلام حين
شعوره بالهم أو الغمّ "ليغان" و "أرحنا بها"
الثالث
: التحكّم بمسمّى الحدث أي تفسيره فهناك من يصف حدثًا معينًا بأنه كارثة أو مصيبة
أو نهاية العالم وهذا يسبب له ألمًا مضاعفًا والصحيح أنه حدثٌ من الله يختبر فيه
إيماننا أولًا وثانيًا الله سبحانه وتعالى عندما قرّر علينا أحداثًا زوّدنا
بإمكانيات التعامل معها ، والمطلوب هو تحمّل المسؤوليّة عن الحدث وإبراز
الإمكانات لتجاوز التحديات.
الرابع
: وضع خطة للفعل وتحسين الواقع وتطبيقها في العالم الخارجيّ ، إذن مسمياتك تتحكم بتفسيراتك ، بل
حتّى بكميّة انفعالاتك المتّصلة بتفسيراتك ، فالخلاصة أنّ لكل حدث قراءتان صحيحٌ
شرعًا وعلمًا ، وقد تحدثتُ عن ذلك بإسهاب في كتابي : الصبر عند الصدمة الأولى ـ
عشر خطوات للتعامل مع أحداث الحياة
د.خالد محمد المدني