الجمعة، 21 أبريل 2023
الجمعة، 24 فبراير 2023
لكلّ حدث قراءتان كما أنّ لكلّ عملة وجهان - من كتابات الدكتور خالد المدني
لكلّ حدث قراءتان كما أنّ لكلّ عملة وجهان
الأول
: البرمجة المجتمعية التي تبرمجنا عليها والتي لا ترى إلاّ الجانب الفارغ من الكوب.
الثانية
: الانفعال الشديد حين تفسير الحدث ولذلك أرى أنّه لكي نكون قادرين على التعامل مع
الأحداث السلبيّة لابدّ من أربعة خطوات نعملها حين تلقّي الخبر السلبيّ:
الأوّل : تقبّل الخبر والسماح للمشاعر أن تستجيب فهي مشاعر إنسانية طبيعية ولأننا أرواح نُحسّ ونشعر فهي شحنة طبيعية زائدة تبحث عن مخرج ونستحضر هنا للمساعدة على ذلك المعاني الإيمانية العميقة "إنا لله وإنا إليه راجعون" "اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها"
الثاني
: تفريغ الانفعال بالحركة بالفعل والفعل يقود الانفعال كما هو معلوم في علم
النفس وهو منهجٌ ربّاني(أقم الصلاة طرفي النهار وزُلفًا من اللّيل إنّ الحسنات
يُذهبن السيئات) (هود
، ١١٤)
وسبب نزول هذه الآية كما رواه الإمام البخاريّ ـ رحمه الله ـ أنّ رجلًا قبّل امرأة
في الطريق فذهب نادمًا لرسول الله يطلب منه الإرشاد فأنزل الله هذه الآيات فقال
أحد الصحابة أله خاصةٌ يارسول الله أم هي عامة للجميع فقال عليه الصلاة والسلام بل
هي عامة للجميع ، إذن القرآن أرشد للفعل
وليس للانفعال افعل ولا تنفعل وهدف الحركة هنا تبريد الانفعال "أرحنا بها
يا بلال" "إنّه ليغانُ على قلبي فأهرع للصلاة" ـ رواه الإمام مُسلم
ـ رحمه الله ، والصلاة حركة كان يمارسها نبيّ الرحمة - عليه الصلاة والسلام حين
شعوره بالهم أو الغمّ "ليغان" و "أرحنا بها"
الثالث
: التحكّم بمسمّى الحدث أي تفسيره فهناك من يصف حدثًا معينًا بأنه كارثة أو مصيبة
أو نهاية العالم وهذا يسبب له ألمًا مضاعفًا والصحيح أنه حدثٌ من الله يختبر فيه
إيماننا أولًا وثانيًا الله سبحانه وتعالى عندما قرّر علينا أحداثًا زوّدنا
بإمكانيات التعامل معها ، والمطلوب هو تحمّل المسؤوليّة عن الحدث وإبراز
الإمكانات لتجاوز التحديات.
الرابع
: وضع خطة للفعل وتحسين الواقع وتطبيقها في العالم الخارجيّ ، إذن مسمياتك تتحكم بتفسيراتك ، بل
حتّى بكميّة انفعالاتك المتّصلة بتفسيراتك ، فالخلاصة أنّ لكل حدث قراءتان صحيحٌ
شرعًا وعلمًا ، وقد تحدثتُ عن ذلك بإسهاب في كتابي : الصبر عند الصدمة الأولى ـ
عشر خطوات للتعامل مع أحداث الحياة
د.خالد محمد المدني
الخميس، 8 سبتمبر 2022
أسرار السعادة - للدكتور خالد محمد المدني
أسرار السعادة
سألني عن أسرار السعادة..
فأجبته: السعادة في داخلنا وليس في الخارج معظم البشر يبحثون عنها في خارجهم وهي في أعماق أنفسهم ، القضية تكمن في أنهم لم يبحثوا عنها فقط ، لأنهم يربطونها بأشياء خارجية ينتظرون أن تحدث معهم ليكونوا سعداء وما علموا أنّ مافي الخارج أسباب فقط تُساعد أمّا مافي الداخل فهو جوهر السعادة الكامن بداخلك يحتاج فقط لتلميع ، قلتُ له أنا شخصيًا أراها في خمس ممارسات وضدّها خمس من أسباب التعاسة
الأولى : الاستمتاع بالموجود وضدّها في التحسّر على المفقود فالسعداء يستمتعون بما لديهم ويسعون للوصول لما ليس لديهم أمّا التعساء فيستحسرون دومًا على المفقود ولا يستمتعون بما لديهم
الثاني : تعداد الحسنات والإيجابيات وضدّها ذكر الذنوب والعيوب فالسعداء مدمنوا تعداد ايجابياتهم وحسناتهم والتعساء مدمنوا تذكر الذنوب والعيوب إن أذنبت فبادر بالتوبة "إنّ الحسنات يُذهبن السيئات" افعل ولا تنفعل
الثالث : إسقاط الأغيار من الإعتبار والأغيار جمع غير فالسعداء لايُقارنون أنفسهم بأحد لا أقلّ ولا أكثر إنما يقارنون أنفسهم بأنفسهم والتعساء دائموا المقارنات بالآخرين وعندي أنّ المقارنات دمارٌ للذّات داء العلاقات أفضل التفعيلات "أنا أحسن وأفضل وأميز" أنت حسنٌ وفاضلٌ ومميز واترك أفعل التفضيل
الرابع : الإنشغال بالذات وضدّها الإنشغال بالآخر فالسعداء ينشغلون بذواتهم على الدوام وعيًا وتقبلًا وعشقًا وتجميلًا ومكافأة لها عن كل إنجاز والتعساء دائموا الانشغال بالآخر نقدًا وتقييمًا وإصدارًا للأحكام على سلوكياتهم ولكلّ عالمه المفضل الذي يرتضيه ويعشقه
الخامس : التفكير باللحظة والتخطيط للمستقبل وضدّها التفكير بالماضي: فالسعداء ينحصر تفكيرهم في لحظتهم التي يحيونها الآن والتفكير بخطتهم غدًا فهم مستمتعون بلحظاتهم مستمتعون بأوقاتهم والتعساء يفكرون دائمًا بالماضي ولذلك هم أصحاب عبارة جيل الطيبين إنهم يعيشون زمانًا قبل زمانهم يسحبهم الماضي فيتعسهم خذها قاعدة الماضي لا نعود إليه إلا في حالتين : الأولى أن نتعلّم منه ولا نتألّم والثانية أن نعيش ذكرياته الجميلة فقط وغير ذلك هو دمارٌ لك وشقاءٌ عليك.
السبت، 15 مايو 2021
اليوم عيد ..
من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
اليوم عيد
يُطلّ علينا اليوم أول
أيّام عيد الفطر السعيد ، تعارف أهلنا في الخليج على تسميته سعيدًا وكذلك أهلنا في
وطننا العربيّ الفسيح ، العيد فرصة لأن نفرح ونمرح وليس عيبًا ولا حرامًا أن نفرح
برغم ما يُحيط أُمّتنا من هموم وغموم وأتراح نحزن لهموم أهلنا في كل مكان لكننا في
العيد سنفرح ولن نقول كما قال المتنبيّ : عيدٌ بأية حال عُدت ياعيدُ بل نقول أهلًا
بك أيها العيد وسهلًا ، وفي العيد وقفات أقفها معكم إخواني وأخواتي:
الوقفة الأولى : افرحوا أيّها
الأُسر في عيدكم وامرحوا أيّها الوالدان ، وتمتعوا بعيدكم واستمتعوا مع أبنائكم
وبناتكم ، اخرجوا معًا احتفلوا سويًا ، وثّقوا علاقاتكم ، صلوا أرحامكم ، زوروا أقاربكم
، أعيدوا وصل علاقاتكم مع أصدقائكم التي تأثرت بمشاغل الدنيا وملهياتها ، ولا تنسوا
الاحترازات المهمة من فيروس كورونا فصحتكم أولوية لكم.
الوقفة الثانية : في العيد تحرم
الانفعالات ونوبات الغضب ، لا قلق ولا توتر ولا غضب ولا نرفزة في العيد ، أوقف
انفعالاتك إلاّ السّارة منها ، تدفق على زوجتك وأبنائك وبناتك فرحًا وحبًا ، كن
كريمًا معهم ومعطاء لهم ، الانفعالات السلبيّة تُفسد عيدك وتعكّر مزاجاتك
ومزاجاتهم ، ليكن شعارك في العيد انعتاق وانطلاق ، انعتاق من الانفعالات السلبية
وانطلاق نحو الانفعالات السارة.
الوقفة الثالثة : العيد مكافأة لمن
أنجز في رمضان يشعر الصّائم القائم بلذّة العيد فقد أنجز إنجازات رائعة وضع
أهدافًا ووصل إليها ، ختم القرآن أكثر من مرة ، صام وقام وتهجّد فله الحقّ أن
يستشعر روعة هذه الإنجازات وأن يعيش لحظة الإنتصارات.
الوقفة الرابعة : ليكن عيدك متميزًا
عن الآخرين ابحث عن أفضل الأفكار لكي تستمتع أنت وزوجتك وعائلتك اجعل الأولوية لهم
في العيد والأصدقاء وجمعاتهم سيكون لها بعد العيد متسع ومكان وليس معنى هذا أن لا
ترى أصدقائك ساعةً من نهار تتبادل معهم تهاني العيد ، والأحاديث السعيدة ، وربما
تناولتم وجبة عشاء أو غداء فهذا مرغوب بل مطلوب.
كلّ عام وأنتم بخير وتقبل الله منّا ومنكم صالح
الأعمال.
السبت، 27 مارس 2021
كيف تتخلّص من عقدة الشعور بالذّنب؟
من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
عقدة الشّعور بالذّنب
تحدّثتُ يوم الخميس 18 / 3 / 2021م في محاضرة لي عبر الزوم ضمن سلسلة أفكار بها نحيا التي أُقدّمها دوريًا عن
عقدة الشعور بالذّنب وتأنيب الضمير ، ولماذا يشعر كثيرٌ من البشر بشعور تأنيب
الضمير ؟ ولوم ذاتهم إلى درجة تصلُ إلى تعذيب أنفسهم بهذا الشعور ، في هذه
التدوينة سأتحدث عن : الشعور بالذّنب ـ مفهومه ـ أسبابه ـ ماهي الأمراض الجسديّة
التي يُمكن أن يُسببها ؟ وما هو الدافع الإيجابيّ الذي يجعل البشر يشعرون بتأنيب
الضمير بل ويُعاقبون أنفسهم؟ وأخيرًا سأتحدث عن التخلّص من هذا الشعور المُضرّ
فعلًا والمُعذّب للذّات.
أولًا : مفهوم الشعور بالذّنب ،
وتأنيب الضمير:
نحن منذ نعومة أظفارنا غُرس فينا اعتقاد أنّ
الشعور بالذّنب هو شعور إنسانيّ أصيلٌ فينا ، ورائعٌ أن يكون ، ليس هذا بحسب بل
تمّ تربيتنا وبرمجتنا من يؤنّب نفسه باستمرار هو شخصٌ ذو أخلاق عالية وتمّ تربيته
بطريقة صحيحة ، والحقّ الذي يجب أن تعرفه والذّي أعتقده وأدين الله به من موقع
التخصّص في النفس البشريّة هو أنّ الذي يلوم وينتقد نفسه باستمرار هو شخصٌ ينظر لها
على أنّها سيئة والسببُ بسيط أنّه يوجه لها وباستمرار عبارات من مثل : أنا فاشل ،
تافه ، لا أسوى شيئًا ، وأنّ مثل هذه العبارات إن استمرّ عليها الفرد اكتسب برمجةً
سلبيةً في هوّيته الذّاتيّة.
ثانيًا : ما أسباب الشعور
بالذنب وتأنيب الضمير ؟
أستطيع تحديد سبب هذين الشعورين بسبيين لا
ثالث لهما :
الأوّل : الفهم الخاطيء للإله
الحكيم سبحانه وتعالى :
ويتجلّى هذا الفهم بتقديم صورة للإله خاطئة
بأنّه ينتقم منّا بسبب أخطائنا والله سبحانه وتعالى أجلّ وأعظم من ذلك :(مايفعل
الله بعذابكم....) وخاصّة عندما يُصيب الإنسان قدرٌ من أقدار الله التي كتبها
وأجراها على عباده والتي هي من طبيعة الحياة يعتبرها الذي تمّ برمجته على الشعور
بالذنب بأنّها عقاب ويُفسّر الكثيرين الابتلاء بأنّه انتقامٌ من الله وهو ليس كذلك
بل هو اختبارٌ منه سبحانه لنا لنُظهر إمكاناتنا الحقيقة في المواقف التي قدّرها
الحق سُبحانه علينا فالله عزّ وجل خلقنا وأجرى علينا أقدارًا وزوّدنا بإمكانات
معالجة هذه الأقدار حين تقع وهذا معنى الابتلاء ، فهو سبحانه وتعالى لا يُعذّب
أحدًا من خلقه بأقدار يجريها عليه ، الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار تكون
يوم القيامة وليس في الدنيا ، ولي عبارة صُغتها وكنتُ أقولها وأُكرّرها في
مؤلّفاتي ومحاضراتي ودوراتي التدريبية وما زلت وهي :"إنّ الله لا يبتلي
ليُعذّب بل يبتلي ليُهذّب" ، ولقد شاهدتُ كثيرًا من الآباء والأمهات
يمارسون أنماطًا خاطئة من التربية عندما يقومون بتقديم صورة الخالق العظيم سبحانه
وتعالى لأبنائهم بطريقة خاطئة ويغرسون في أطفالهم عقدة الشعور بالذنب منذ الطفولة
، وأضرب لذلك أمثلةً : عندما يرفض الطفل أن يُصلّي نجد الوالدان يهدّدانه بأنّ
الله سيغضبُ عليه ويعاقبه ، أو عندما يتلفّظ بكلام نابٍ يهدّدانه بالعقوبة
الإلهيّة إنهم يكذبون على الله مرّتين الأولى : أنّ الله سبحانه وتعالى ليس ذلك
الجبّار المنتقم بل هو الرحيم الغفور ورحمته سبقت عذابه ، ولقد خلق الرحمة من مئة
جزء احتفظ بتسعة وتسعين جزء عنده ، وأنزل جزء واحدًا منها في الأرض فبها يتراحمون
العباد ، وبها ترفعُ الدابّة حافرها عن ولدها حتى لا تطئه كما أخبر عن ذلك
المعصومُ عليه الصلاة والسلام ، وكان الأولى بهؤلاء الوالدين أن يبتكرا أساليبًا
تربوية لعلاج سلوك أطفالهم بدل أن يهدّدوهما بالعقاب الربانيّ إنّ التهديد هو
أُسلوب العاجز من افتقر إلى الحلول ، وهذا التقديم الخاطيء للإله الحكيم سبحانه
غرس في الابن عقدة الشعور بالذنب ، ومن صور ممارسة عقدة الشعور بالذنب عندما يقع
الفرد بمعصية مع أنّ المنهج القرآنيّ واضح ، والعلاج النبويّ بيّن ففي القرآن
الكريم :(إنّ الحسنات يُذهبن السيئات) فإن أذنب الفرد المُسلم يبادر للتوبة مباشرة
إذن المنهج هو أن يفعل ولا ينفعل يتحرّك للتصحيح ولا يجلس يلطمُ ويلومُ ذاته ، وفي
العلاج النبويّ:(لو لم تُذنبوا لهب الله بكم ولأتى بقوم يُذنبون فسيتغفرون فيغفر
الله لهم) فلم تأنيب الضمير إذن؟ ، ليس معنى ذلك أن لانذكرُ لأبنائنا أنّ الله
رحيمٌ بعباده وهو شديدٌ أيضًا على من لا يُطع أوامره بل لكلّ مرحلة من مراحل نموّ
الإبن والبنت اللغة التي تُناسبها فالترغيب والترهيب من منهج القرآن الكريم.
الثاني : المجتمع :
فالمجتمع سلك طريقًا واحدًا في الغالب
لتربية الأطفال سواء الأسرة في البيت أو المعلمين والمعلمات في المدرسة وهذا
الأسلوب باختصار: أنّهم وضعوا قواعد اجتماعية وأخرى أخلاقية وطلبوا منهم الالتزام
بها وتطبيقها حرفيًا فإن حادوا عنها اعتبروهم مخطئين وبالتالي عاقبوهم وخاصّة
بالعقاب البدنيّ ، وإن التزموا بها كافئوهم ومن هنا نشأ مفهوم الأدب فالأدب هو
الالتزام بالضوابط التي حددها المجتمع وإن خالفها الابن أو البنت نُعت بأنّه قليل
أدب ، فعلى سبيل المثال : نستمرّ بإصدار قائمة من الأوامر واُخرى من النواهي
للأطفال : اجلس هنا ولا تذهب هناك ، لا تُصدر صوتًا عندما تأكل ، ما تفعله أمر سيء
، وغيرها من الأوامر والنواهي والقواعد لاسلوكية دون أن نناقشهم أم نترك لهم مساحة
من الاختيار في حياتهم ، نحن لسنا ضدّ الأخلاق وهي مهمة لكنها يجب أن تكون نابعةٌ
من الداخل لا مفروضةٌ من الخارج ، فالأدب مفروضٌ من الخارج ولذلك لمّا وصف الله
سبحانه وتعالى نبيّه عليه الصلاة والسلام قال :(وإنّك لعلى خُلُق عظيم) أي نابعٌ
من داخله ، هذه القواعد الاجتماعية والأخلاقية والسلوكيّة جعلت الابن أو البنت
عندما يُخالفها يشعر بتأنيب الضمير فتنغرس فيه عقدة الشعور بالذنب.
ـ ماهي الأمراض الجسديّة المُرتبطة الشعور
بالذنب وتأنيب الضمير ؟
ذكر الدكتور فاليري سينيلنيكوف أنّ عقدة
الشعور بالذنب قد تُصيب الأشخاص المُدمنون عليها بأمراض عديدة منها:
·
التهاب
المفاصل الرثيانيّ "التهاب يُصيب باطن القدم وباطن الكفّ".
·
التهاب
الحنجرة المُزمن
·
مشكلات
القلب
·
مشكلات
الكبد والكلي
ـ ماهو الدّافع الذي يجعل أناس
يؤنّبون ـ يشعرون ـ يعاقبون ذواتهم ؟
ألا يوجد للشعور بالذنب وتأنيب الضمير مقصدٌ
إيجابيّ فنحنُ نعلم أنّ لكل سلوك سلبيّ نيّة إيجابيّة ، فما هي المقاصد الإيجابيّة
من تأنيب الضمير والشعور بالذنّب؟ أستطيع حصرها بالنقاط التالية :
·
الرغبة
في تغيير السلوكيات ، ونمط الحياة.
·
محاولة
الوصول إلى الكمال الذّاتيّ
·
الرغبة
في جلب لنا السعادة لنا ولمن حولنا.
ـ كيف نتخلّص من عقدة الشعور بالذنب ؟
هناك عدّة خطوات نستطيع من خلالها التحرّر
من عُقدة الشعور بالذنب وهي :
1ـ تحمّل المسؤولية عن حياتك :
المطلوب منك هو تحمّل المسؤلية عن أفعالك
وليس الشعور بالذنب تجاهها ، وتحمّل المسؤولية يعني التحرّك للفعل والشعور بالذنب
معناه الغرق في الانفعالات .
2 ـ افهم قوانين الكون:
ـ إذا شعرت بالذنب نحو ذاتك فسوف يجذب ذلك
لك حالة مُشابهة تمامًا لتلك الحالة ولكنك ستلعب حينها دور المُساء إليه.
ـ إذا كنت تعتبر نفسك غير مخطيء ولكنك لم
تُغيّر شيئًا من تصرفاتك فإنّك ستخلق الحالة نفسها في المرة القادمة ، وستدور في
حلقة مفرغة.
ـ أن تتحمّل المسؤولية تعني أن تحدّد
الأفكار والتصرفات المسؤولة عن هذه الحالة وأن تُفكّر بالإيجابيات وليس السلبيات
والتصرفات وليس الانفعالات ثمّ شكّل أفكارًا جديدة ، وحدّد تصرفات جديدة لا تلعب
دور الضحية بل العب دور المسؤول
3 ـ سامحوا كلّ شيء :
سامح ماضيك وحاضرك ومستقبلك ، سامح كلّ من
أخطأ بحقك لأجلك وليس من أجله.
4 ـ تعلّم محبة ذاتك :
أحِبّ ذاتك حبًا غير مشروط عندها ستكون
علاقتك مع الجميع حبٌ ومودة.
5 ـ تعلّم الاختيار:إنّ معنى تحمّلك
المسؤولية عن حياتك أن تختار ماينفعك ويرفعك ، ليس المهم أنّ ما اخترته صحيحًا أو
خاطئًا لأنّ كل خياراتنا في الحياة صائبة ، المهم أنك مارست الإختيار وتعلّمته.
6 ـ تقبل ذاتك :
بإيجابياتها وسلبياتها ، بنقاط قوتها ونقاط
ضعفها فلا يوجد أحدٌ كامل في هذه الدنيا طوّر الضعيف فيك ، وعزّز القويّ عندك.
7 ـ أشبع حاجاتك :
الأساسية ولا تربط إشباع حاجاتك بالآخرين بل
اربطها بذاتك من أجل ذاتك ، الآخرون أدوات مساعدة وليسوا أساس أنت الأساس والبقية
زينةٌ تُزيّن بها حديقة الذّات الوارفة.
السبت، 6 فبراير 2021
ثُلاثية تدمير الذّات
من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
تأملتُ النار وهي تأكل الحطب وتفنيه في أقل من ساعة وتحوله رمادًا وحتى يستمتع بموقدُ النار وتظلّ النّار في الاشتعال لابدّ من إضافة حطبٍ جديدٍ سليم يشتعلُ فيحترق فيستمتع هو بمنظر الإحتراق ولون لهيب النار الذهبيّ وبالدفيء الذي تُعطيه النار لموقدها ، مُشعلُ النار يستفيد فيأخذُ منها دفئًا ومتعةً فتذكرتُ حال الحاقد والكاره والحاسد كيف يُحرق أحشائه كما تٌحرق النار الحطب وتفنيه ، والمكروه مستمتعٌ ومتفرجٌ على من يحسده ويحقد عليه ويكرهه وربما لم يدري عنه أصلًا ولا مرّ بخاطره ، تحدثتُ با لأمس الفائت في لقائي عبر الزوم الأسبوعي عن السّمنة النفسيةّ وكيف يحمل كثيرٌ من الناس أوزانًا نفسية من المشاعر السلبية التي تُثقلهم وتؤذيهم وتعيقهم عن ممارسة السعادة في الحياة ، كم تتوقعون يحملُ الشخص الذي يكره ويحقدُ ويحسد من كيلوغرمات شحوم نفسية تمنعه من الاستمتاع بالحياة وتُعيقه عن التمتع بلحظاته وأوقاته .. إن أردت التخلّص من هذه الكيلوغرمات الزائدة فأخرج من عقلك ووعيك مشاعر الكره والحقد والحسد .. يسألني الكثير كيف يتمّ ذلك؟ إجابتي لهم : أرجوك انشغل بذاتك ولا تنشغل بهم ركّز على حياتك وغاياتك وإنجازاتك تسعد بحياتك فإن هذه الثلاثية "الكره والحقد والحسد" نارٌ تأكل الأحشاء وتجعلك بقايا إنسان كما تأكل النار الحطب وتحيله إلى رماد.
الجمعة، 27 نوفمبر 2020
كيف تخرج من دوامة الحزن؟
المرحلة الأولى : تلقي الخبر :
هي لحظة نزول الخبر الصادم على الفرد كفقد عزيز أو خسارة في تجارة ، ومشكلة هذه المرحلة في المباغتة والمفاجأة ، وهذا مايجعل الفرد يفقد توازنه النفسي ، والروحي ، والعقلي لفترة تمتد لدقائق وربما لأشهر تعتمد على مستوى الوعي لديه.
المرحلة الثانية : الإنكار :
وهي المرحلة التي يدخلها الفرد بعد تلقيه الخبر
الصادم ، وهي إفراز للمرحلة الأولى ، وهذه المرحلة تتميز بأن الفرد يكون منذهلاً
غير مصدق لما حصل ، وقد يقوده ذلك إلى إنكار ماحصل لقوة نزول الخبر الذي وقع عليه ، كما
حصل مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه عندما وصله خبر وفاة النبي عليه
الصلاة والسلام فكان الخبر مفاجئاً مباغتاً للجميع ، فحمل ـ رضي الله عنه ـ سيفه ،
وقال من زعم أن محمداً مات ضربت عنقه ، بل ذهب إلى ربه وسيعود كما ذهب موسى إلى
ربه ، ووازنه بموقف أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ الذي تلقى الخبر بثبات ، فدخل على
النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقبله بين عينيه وقال :"ماأطيبك حياً وميتاً
يارسول الله" ، ثم خرج إلى الناس وقال لهم : أيها الناس من كان يعبد محمداً
فإنّ محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لايموت ، ثم قرأ :(وما محمد
إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على
عقبيه فلن يضرّ الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) آل عمران ، 144) ، قال عمر : فلم
تحملني قدماي ، وأيقنت حينها أن رسول الله
قد قُبض ، ومرحلة الإنكار مرتبطة بشدة الموقف ، وليس شرطاً أن يمرّ بها
الجميع.
المرحلة الثالثة : الشعور بالذنب :
هذه المرحلة أخطر مرحلة قد يصل إليها الفرد الذي ابتلاه الله بنازلة ، فيبدأ بتكوين فكرة أنّ ماحصل له بسبب ذنوبه ، والغوص في تفكير كهذا قد يجره إلى أفكار لامنطقية ، وليست شرعية أيضاً كأن يعتقد أن الله ـ والعياذ بالله ـ ينتقم منه ، وأنه سيّئ يستحق ماجرى له ، وهنا يبدأ يتكون لدى الفرد قناعة مؤذية له ؛ الإبتلاءات أفهمها بأنها أحداث خارجية تقع على الجميع ، وهي أحداث محايدة تقع في العالم الخارجي ولا نملك منعها أو التحكم بها لكن نملك إيقاف الإنفعالات السلبية واختيار السلوكيات البنّاءة فعندما توفيت والدتي ـ رحمها الله ـ فجأة حزنت جدا لكنني قمت بأفعال بنّاءة فاعتمرت عنها وتصدقت ودعوت لها وكنت أذهب لزيارة قبرها كل يومين والدعاء لها وهذا مافعلته أيضا عندما توفي والدي ـ رحمه الله ـ بعدها بثلاثة أشهر وتعاونت وإخوتي ذكورًا وإناثًا وبنينا لهما مسجدًا في مدينة الدمام في حيينا أسميناه مسجد بر الوالدين نسأل الله أن يكون خالصًا لوجهه الكريم ، فالأحداث المؤلمة عندما تقع لايعني ذلك أنك سيء أو أنّ الله يعاقبك لا بل هي أحداث قدرها الله وهي تقع في العالم الخارجي الذي لانسيطر عليه في "الكون" لكننا نستطيع السيطرة على انفعالاتنا وردود أفعالنا نسيطر على "الكيان" والكيان نحن ، سُئل الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ " أيهما أفضل للرجل أن يُمكّن أو يُيبتلى ؟ فقال : لايُمكّن حتى يُبتلى ، والله تعالى ابتلى أولي العزم من الرّسل فلما صبروا مكّنهم " ، ووجه آخر لاينتبه له الكثير ، الله يبتلي أحبابه ليرفع منزلتهم ، وليختبر صبرهم وليسمع شكواهم ، وأنينهم ، وتضرعهم بين يديه هذه هي رسائل الابتلاء الخفية ، ويأتي ابتلاء الأنبياء والصالحين من هذا الوجه ، فما نريده منك ـ أيها الموفق ـ ألاّتؤنب نفسك تأنيبا لاتستحقه ، فإن نزل بك البلاء فبادر إلى الإصلاح ، وقد صمّمت منهجاً عملياً في كتابي الصبر إن كنتًُ راغبًا فاحصل عليه ، ففيه ستحصل على نتائج لا توصف من تخفيف البلاء وقلب المحنة إلى منحة ، والألم إلى أمل ، والعذاب إلى عذوبة.
المرحلة الرابعة : الإنفعال الشديد :
هذه المرحلة تعد إفرازًا طبيعيًا للمراحل التي سبقتها من الإنكار ، والشعور
بالذنب فيتكون لدى الفرد صورٌ سلبية متلاحقة ، وسريعة عمّا حصل معه ، فيكون
مستثاراً لأي انفعال مهما صغر ، وتصدر منه نوبات غضب ، وحنق غير معتادة منه ،
لكنها مؤقتة وتبدأ بالزوال تدريجيا مع عودة الفرد إلى حالته الطبيعية ، وفي هذه المرحلة أقترح على الفرد بالرياضة والمشي والصلاة والاستغفار ، أسميتها في الحركة بركة ، وقد صمّمنا
لك في المنهج العملي في كتابي الصبر عند الصدمة الأولى ممارسات لتهدئة هذا الانفعال تجدها تجدها مفصلة في الكتاب ، والكتاب متوافر لدى جرير ومعظم مكتبات المملكة والخليج.
المرحلة الخامسة : مرحلة التقبّل :
وتتميز هذه المرحلة ببداية عودة الشخص إلى وضعه الطبيعي ، وبداية تقبل القضاء والقدر ،
واندماجه في الحياة الطبيعية ، وبداية زوال الحزن والضيق الذي أصابه من جرّاء
الحدث المؤلم.
المرحلة السادسة : الرجوع :
وهي العودة الحقيقية للفرد إلى حياته الاجتماعية
، وعلاقاته ، وعمله ، وبداية الخروج الحقيقي من نفق الأزمة التي مرت به وعصفت
بكيانه.
المرحلة السابعة : التعلّم :
وأعدّها ثاني أخطر مرحلة بعد الشعور بتأنيب الضمير، وكثير من الناس لايصل إليها ، وهي تعني باختصار " ماذا تعلمتنا من الحدث الذي مرّ بنا؟" ماهي الدروس المستفادة
التي يمكن أن تخرج بها؟ فتكون لديك خبرات مختزنة تستفيد منها في حياتك مستقبلا ،
وكما قيل فإن دروس الحياة معادة ومكررة ، وينبغي علينا أن نتعلم ممّا حصل معنا حتى
لانكون أسرى في كل مرة للشعور المؤلم والذي يقطعنا عن ممارسة أدوارنا في الحياة.
سؤال : هل يجب أن يمرّ الجميع بهذه المراحل كما هي ؟
الناس يتفاوتون في المرور على هذه المراحل ، و قدرتهم على التعامل مع الأخبار المؤلمة حين وقوعها ، وهذا التفاوت مرجعه الأساس إلى التربية الدينية التي تلقيناها ، والبرمجة البيئية التي عشناها ، فهناك أشخاص أقدر على الاحتساب والصبر من آخرين ، وهناك أشخاصٌ تربوا في بيئات إيجابية عودتهم على التحرك للبحث عن الحلول لا التصلب عند حصول التحدي ، وهدفنا أن نقفز بك في هذه المراحل من المرحلة الأولى : تلقي الخبر إلى المرحلة الخامسة : التقبل ، دون أن تمر بمرحلة الإنكار ، والشعور بالذنب ، والانفعال الشديد ، هدفنا معك أن تتعلم كيف تقلب المحنة إلى منحة والألم إلى أمل ، كيف تجعل الابتلاء تهذيباً وليس تعذيباً ، فالله لايبتلي ليعذب بل يبتلي ليهذب ، والتدريب والمران والاستمرار في التطبيق فترة البرنامج العملي يجعلك لائقاً نفسياً ، وذهنياً للتعامل مع أحداث الحياة قبل وقوعها "تصورها كبروفة" ، أثناء وقوعها ، وبعد وقوعها فالعلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم كما أخبر المعصوم عليه أفضل الصلاة والسلام ، كما ينبغي أن تصبر على تطبيق المنهج العملي الذي ذكرناه في كتابنا على الأقل ستة أشهر ، فالنتائج تثمر فقط مع التطبيق الجاد ، والعزيمة ، والصبر ، والإصرار على الوصول لهدفك بعون الله.