الأحد، 4 ديسمبر 2016

صناعة الأسرة (8) / الدكتور خالد بن محمد المدني


من مقالات الدكتور خالد محمد المدني 

  

كيف تبني أسرة إيجابية وسعيدة؟ (8)


مازلنا نتحدث عن مؤشرات الأسر السوية وفي إشراقات فرجينيا ساتير حول هذا الموضوع وفي هذه التدوينة سنستمر في الحديث عن تقدير الذات ذلك الوعاء الذي لايراه أحد:
 تقدير الذات: الوعاء الذي لا يراه أحد
النزاهة، والصدق، والمسؤولية، الرحمة، والحب، والكفاءة، كل ذلك يسري بسلاسة في الأشخاص الذين لديهم تقديراً عالياً لذواتهم، نحن نشعر أننا مهتمون بجعل العالم مكاناً أفضل لأننا هنا،لدينا إيمان بكفاءتنا الشخصية، لدينا القدرة أن نطلب المساعدة من الآخرين ومع ذلك فإننا نعتقد أننا نستطيع أن نقرر قراراتنا الخاصة بنا التي هي في النهاية أغلى ثروة نملكها، ومع تقديرنا لقيمة أنفسنا فنحن نستطيع أن نرى ونحترم قيمة الآخرين، لدينا إشعاعات الحب والثقة، وليس لدينا قواعد ضد مشاعرنا وكذلك نعلم أنه لا يجب أن تكون لدينا ردة فعل لكل شيء نشعر به، نستطيع أن نختار، فذكائنا يقود أفعالنا ونقبل جميع ذاتنا كبشر، إن الأشخاص المفعمون بالحيوية يشعرون بأن وعائهم مرتفع أغلب الأوقات، جميعنا يتذكر أوقاتٍ كنا فيها سنتمزق وذلك عندما يطغى التعب علينا، ويعج العالم حولنا بالإحباط المستمر ونرى أنفسنا وقد بلغنا مرحلة لا نستطيع أن نتحمل كل هذا، هنا يظهر الأشخاص المفعمون بالحيوية وقد تعاملوا مع تلك الأوعية المنخفضة داخلهم أنها كما جاءت فهي مصائب رهينة لوقتها لا أكثر، وربما تكون هذه المصائب آلام الولادة لفرص واحتمالات جديدة لنا، وربما أحسسنا بالانزعاج في ذلك الوقت ولكننا لا ننزوي ونعلم أنه بإمكاننا الخروج من جميع هذه المصائب، عندما يشعر الناس بانخفاض قيمتهم، فإنهم يتوقعون أن يغشوا، ويداسوا، ويستغلوا من قبل الآخرين، وهذا يفتح الطريق ليصبحوا ضحية، فهم يتوقعون الأسوأ ويجذبونها لأنفسهم ويحصلون عليها، ولكي يدافعوا عن أنفسهم يختبئون خلف جدار الارتياب وعدم الثقة ويغرقون في مشاعر فظيعة من العزلة والوحدة، بالتالي يؤدي ذلك إلى الابتعاد عن الناس ، ويصبحوا لا مبالين لا في العير ولا في النفير تجاه أنفسهم وتجاه من حولهم، ومن الصعب عليهم أن يروا ويسمعوا ويفكروا بطريقة صافية ومن ثم فهم مهيئون إلى سحق الآخرين واستنقاصهم. هؤلاء الناس يتخفون وراء جدار نفسي ويخدعون أنفسهم بأن ينكروا هذا كله، الخوف هو نتيجة طبيعية للارتياب وعدم الثقة والعزلة، الخوف يضيق علينا الخناق ويعمينا، ويبقينا بعيداً عن اكتشاف طرق لمعالجة مشكلاتنا وحلها وبدلا من ذلك نلجأ للحيل النفسية للدفاع عن أنفسنا (بالمناسبة الخوف هو خوف من أمور ستحدث في المستقبل ولاحظت أنه حالما يواجه المرء مخاوفه مهما كانت في الوقت الحاضر يتلاشى الخوف تلقائياً)، عندما تحدث تجربة هزيمة وقهر لشخص لديه انخفاض دائم في وعائه فإنه يعتبر نفسه إنسان فاشل ولسان حاله يقول: (لا بد أني نكرة وإلا لما حدثت لي جميع هذه المصائب، بعد كمية من هذه الردود تجاه نفسه يصبح ضعيفا أمام المخدرات والكحول أو انزلاقات أخرى.
الشعور بانخفاض المشاعر ليس تماماً مثل انخفاض الوعاء، انخفاض الوعاء أساساً يعني أنه عندما تمر بتجربة مشاعر محبطة فتحاول التصرف كما لو كانت هذه المشاعر غير موجودة، وذلك لأنك تحتاج إلى درجة عالية من قيمة الذات للاعتراف بالمشاعر المنخفضة.
لذا فمن المهم أن تعرف أن الأشخاص ذوي التقدير العالي للذات من الممكن أن يشعروا بانخفاض في مشاعرهم، الفرق هنا أن الأشخاص الذين يشعرون بانخفاض في مشاعرهم لا يرون أنفسهم نكرات أو مهمشين أو يتصنعون أن مشاعرهم المنخفضة غير موجودة، كذلك هم لا يسقطون مشاعرهم على الآخرين.
الشعور بمشاعر منخفضة هو شعور طبيعي يحصل من وقت لآخر، هناك فارق كبير بين أن يدين الإنسان نفسه بالجرم وبين أن يرى أن وقته العصيب ليس سوى ظرف إنساني يحتاج أن يتجاوزه، وسوف ألفت انتباهك مرة بعد أخرى لهذه الطريقة في التعامل.
أن تشعر بمشاعر منخفضة أيا كانت ولا تعترف بها هو شكل من أشكال الكذب على نفسك وعلى الآخرين،الحط من مشاعرك بهذه الطريقة هو رابط مباشر للحط من قيمة نفسك، وبالتالي يعمق حالة الوعاء المنخفض. وكثيرا مما يحدث لنا هو المحصلة لأنماط سلوكيات وبما أنها سلوكيات فبالإمكان تغييرها.
قم بعمل هذه التجربة معي:
استرخ للحظات الآن، أغمض عينيك وتحسس مشاعرك الآن، كيف تشعر تجاه نفسك؟ ماذا حدث أو الآن يحدث لك؟ كيف هي استجابتك لما هو حادث الآن؟ كيف هو شعورك لهذه الاستجابة؟ إذا كان شعورك بالضيق، أعط نفسك مساجاً من الحب، جسمانياً استرخ، وبوعي ابق على اتصال مع تنفسك، الآن افتح عينيك، نتيجة لذلك ستشعر بأنك أكثر قوة.
     هذه الوصفة البسيطة ستساعدك لبناء شعورك بالقيمة خلال هذا الأسبوع، ثق تماماً أنك خلال لحظات بإمكانك أن تغيير حالة المشاعر، بعدها بإمكانك مواجهة أي حدث بعقل صاف وشخصية أكثر ثباتا.
فرجينيا ساتير بتصرّف ـ تعديل وإضافة د.خالد بن محمد المدني
حاصل على دبلوما العلاج الأسري من هيئة المعادلات الدولية ـ الإنتل باس
يتبع ..

د.خالد محمد المدني


خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة


رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.


دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا


للتواصل مع الدكتور خالد المدني



ch@olto.org


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق