من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
نحن والعوالم الثلاث..
تحدثنا
في تدوينتين سابقيتين عن عالمين من عوالمنا الثلاث التي نعيش فيها الأول هو العالم
النوعي والثاني هو العالم المدرك، ونختم التدوينتين السابقتين بهذه التدوينة التي
نتحدث فيها عن العالم الثالث الذي نعيش فيه وهو منفصلٌ عنّا وهو العالم الخارجي
وهو مسرح الكون وفيه تقع الأحداث، كلّ مقدّر على بني البشر يقع في هذا العالم
مايرونه خيراً وما يرونه شراً مكان وقوعه هو العالم الخارجي، ففي العالم الخارجي
يحصل الزواج ويحصل الطلاق، يحصل الاتفاق ويحصل الشقاق، يأتي كلّ يوم مواليد جدد
إليه، ويغادر هذا العالم أشخاصٌ بفعل حادث الموت، يعتلي أقوام ويصبحون أغنياء ويخسر
آخرون ويصبحون فقراء، هذا هو العالم الخارجي إنه مسرح الأحداث، والسؤال هل المشكلة
في وقوع الأحداث أم في ردات فعلنا تجاهها؟ في اختياراتنا التي نختارها للتعبير
تجاه هذا الحدث أو ذاك؟ الأحداث محايدة وهي منفصلةٌ عنا، وعقلنا تجاه الحدث الذي
يحصل في هذا العالم يقوم بثلاث عمليات لا رابع لها
:
الأولى:
التقاط صورة للحدث إن كان هذا الحدث يهمّنا
الثاني:
التفاعل بين العقل وبين الصورة الملتقطة لهذا الحدث بالترجمة والتفسير، إذن الحدث
محايد منفصلٌ عنا لايؤثر بنا ولا يقودنا أنما مايؤثر بنا ويقودنا هو المعنى الذي
نضعه هو الترجمة والتفسير لهذا الحدث أو ذاك
الثالث: اختيار
الاستجابة، والاستجابة مبنية على التفسير ولأننا تبرمجنا أنّ هذا الحدث أو ذاك
عندما يقع فإننا نستجيب له بالبكاء أو الحزن أو الفرح ظننا أننا مجبرون وليسوا
مخيرون أنت مجبرٌ في الكون أي لاخيار لك في وقف الأحداث "القدر" ومخيرٌ
في الكيان أي في الاستجابة التي تصدر منك، فقدت الخنساء أخاها صخرا في الجاهلية
فملأت الدنيا بكاء وعويلا عشرون سنة، هي اختارت ذلك، والدليل أنها عندما فقدت
أربعة من أبنائها في الاسلام في معركة واحدة وهي القادسية مازادت على أن قالت "
الحمدلله الذي أكرمني بهم جميعاً وأسأل الله أن يجمعني بهم "ماالذي حدث للخنساء
فجعل الموت عندها كرامة وشهادة؟ بعد أن كان كارثة ونهايةً للعالم بالنسبة لها، إنه
التفسير الترجمة إنه المعنى الذي وضعته
ماذا
نستفيد من ذلك ؟
·
الدنيا تعرض ولا تفرض وأنت تختار استجابتك ..
· العقل يضيف المعنى للصورة الملتقطة فتحدث الإستجابة للمعنى
وليس للحدث الخارجي
·
التفسير منفصلٌ عن الحدث متصلٌ بالعقل
· أنت من يختار استجابته وبالتالي يتحمل مسؤولية سلوكه والفيصل
في ذلك الوعي والغفلة، فالواعون يختارون أفضل السلوكيات والغافلون مبرمجون
على اختيارات محددة وغالباً غير فعالة.
..انتهى..