الجمعة، 20 مارس 2020

لا تحزن / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
 لاتحزن


تحدثت حتى الآن عن خمس من أربع من مهارات الحياة الحياة الطيبة وهي :
أولًا : استمتع بالموجود.
ثانيًا : أسقط الأغيار من الإعتبار.
ثالثًا : اذكر حسناتك وإيجابياتك. 
رابعًا : ركّز على ذاتك.
وفي تدوينة هذا الأسبوع أتحدّث عن خامس هذه المهارات وهي : لاتحزن ، وأقصد بـ لاتحزن عدم التفكير في الماضي، والإنشغال به تحليلًا وتألّمًا، إذن خامس مهارة من مهارات الحياة الطيبة هي التفكير بالمستقبل والإنشغال به تخطيطًا وتنفيذّا، الذين يعيشون في الآن وغدًا يستمتعون والذين يعيشون الأمس يتألّمون لأنّهم في الغالب سيجترّون ذكريات يرونها مؤلمة فيشقون بها، كلّنا لدينا جراحات نازفات بسبب أحداث حصلت معنا في الماضي، أحمد يقول : أبي قسى عليّ وسارة تقول: أمّي فرّقت بيني وبين أخواتي في التعامل وغادة تذكر كيف اهتمّت والدتها بتفاصيل عرس أختها الصغرى بينما في عرسها لم تهتمّ ذلك الاهتمام، العقل أخي الكريم .. أختي الكريمة عجيب في التقاط الإيجابيات في الآخرين وعدم رؤية الإيجابيات في الذّات، مع الذّات عين ذبابة ومع الآخرين عين نحلة، هذا التفكير يؤذيك وينبغي أن نكون مع الذات ومع الآخرين عين نحلة لا ترى إلاّ الإيجابيّات وتُحسن الظنّ بالآخرين، الماضي ولّى ولن يعود والحفر فيه لن يزيدك إلاّ ألمًا، وكما ذكرنا أنّ الماضي ترك فينا جراحات نازفات فإمّا أن تأتي لها بضمّادات وتعالجها أو تتركها تنزف، لاتحزن فكما أنّ للجروح ضمّادات فللذكريات المؤلمة  كذلك ضمّادات، فما هي ضمّادات الذّات ؟
أولًا : أولى ضمّادات الماضي أن لاتسترجعه إلاّ في حالتين، أولاهما : أن تتعلّم من ماضيك لا أن تتألّم منه فقل لنفسك ماذا تعلّمت من هذا الحدث المؤلم الذي حصل معي وسجّل ماتعلّمته لتستفيد منه في حاضرك لاتحزن بل استمتع في هذه العملية وثانيهما: أن تسترجع فقط الذكريات السعيدة والممتعة لا الحزينة والمؤلمة قل لنفسك : لاتحزن بل افرح، أنا شخصيًا عندما أتذكّر والديّ رحمهما الله لا أتذكّر لحظة وفاتهما ودفنهما واستقبالنا للمعزّين بل أتذكّر لحظات الاستمتاع معهما وهما بكامل عافيتهما وأنا أخرج معهم برفقة عائلتي وأنا أُسافر معهما وأنا أستمتع بالأحاديث الوديّة بينهم هذه الذكريات تعليني وتلك الذكريات تُرديني فلا تتذكّر من الماضي إلاّ مايُسعدك ويُعليك وابتعد عن مايُتعسك ويُرديك.
ثانيًا: تعامل مع الماضي كأنّه غُبار أو مطر شديد سيأتي ليغبّر عقلك أو يبلل ثيابك ويذهب وابتكرت شخصيًا لذلك مفهومًا، أتعرفون مسّاحات السيّارات التي تُنظّف الزجاج؟ لماذا نستخدمها؟ للتنظيف أليس كذلك، إذا جاءتك ذكريات من الماضي وأصابتك بالحزن فقل لذاتك لاتحزن، وقل أيضًا لمساحات عقلك أن تعمل وإذا كانت الذكريات شديدة كشدة الغبار أو شدة هطول الأمطار قل لعقلك ياعقلي شغّل مسّاحاتي بكل سرعة فكما نعلم أنّ مسّاحات السيارات لها درجات ومسّاحات العقل كذلك فاجعلها تعمل على أعلى درجة لتُشتّت الذكرى المؤلمة التي تُهاجمك الآن.
ثالثًا: خاطب عقلك وقل له : ياعقلي الماضي ولّى وانقضى ولن يعود والواعي هو من يفكّر بيومه فأنا مولود اليوم وابن الغد، والذي يفكر في الماضي كمن يحمل فوق كتفه جثثٌ تعفّنت وتحلّلت فكّر في لحظتك ومستقبلك ..
لاتحزن إنّ الله معنا.

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org




هناك 3 تعليقات:

  1. روعة ينبغي أن أعمل على هذا الهدف بعد أن قرأت مقالتكم شكرا لكم

    ردحذف
  2. شكرا لكم على المتابعة

    لأي استفسار يمكنكم مراسلتنا على الايميل التالي:

    dr.khaledalmadani.rosheta@gmail.com
    مع أطيب الأمنيات
    د.خالد المدني

    ردحذف
  3. بارك الله فيكم

    ردحذف