من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
كيف تبني أسرة إيجابية وسعيدة؟ (7)
مازلنا نتحدث عن مؤشرات الأسر
السوية وفي إشراقات فرجينيا ساتير حول هذا الموضوع وفي هذه التدوينة سنتحدث عن
تقدير الذات في الأسرة ذلك الوعاء الذي لايراه أحد:
تقدير الذات:
الوعاء
الذي لا يراه أحد
تقدير الذات هو
مفهوم، حالة سلوكية، مشاعر، صورة، تتمثل على شكل سلوك، تتحدث ساتير عن تجربتها
فتقول: "عندما كنت فتاة صغيرة عشت في مزرعة في ولاية "ويسكونسن"،
وكان في فنائنا الخلفي وعاء معدني ضخم ذو فوهة مستديرة ويقف على ثلاثة أرجل، وكانت
أمي تصنع به حساء في مواسم من السنة فيمتلئ عن بكرة أبيه، أما في الصيف فيكون موعد
دق الحنطة ونملأه بها مع الماء المغلي، أما في أوقات أخرى من السنة فاعتاد أبي على
ملأه بالسماد من أجل أزهار أمي، ومع مرور الوقت اعتدنا تسمية القدر (قدر3-اس)[1]،
فإذا أراد كل واحد منّا استعمال القدر لحاجة نفسه فيحتاج أن يجيب على سؤالين: ما
الذي يملأ القدر الآن؟ وما هو مقدار امتلاءه؟ بعد ذلك بفترة طويلة، عندما بدأ
الناس يخبرونني عن أنفسهم بنعوت مختلفة مثل أنهم: ممتلؤون، متسخون، فارغون،
متصدعون - فكرت بذلك القدر الكبير قديماً، وفي يوم من الأيام قبل سنوات
خلت، جاءت إلي عائلة وجلست أمامي في المكتب وهم يجاهدون أن يجدوا الكلمات المناسبة
ليخبروا بعضهم البعض كيف هي مشاعرهم تجاه بعضهم البعض، تذكرت ذاك القدر القديم
الأسود وذكرت لهم القصة، فيما بعد بدأ أفراد العائلــة يتكلمون عن قدورهــم الخاصة
بهم، وما إذا كانت مملوءة بمشاعــر التقديــر والاحترام أو مملوءة بمشاعر الذنب
والعار وعدم النفع، أخبروني فيما بعد كيف كان هذا المجاز مفيدا لهم، إلى وقت قريب
ساعدت هذه الكلمات المجازية القليلة الكثيرمن العائلات لكي تعبرعن مشاعر كانت تجد
صعوبة في التعبير عنها، فتجد رب الأسرة يقول: (وعائي عال اليوم) وبقية أفراد
العائلة يعلمون أنه شعر بقمة المشاعر، وقد امتلأ بالحيوية والروح النشطة، وشعر
بالأمان لما يؤمن به حقاً، أو أحد أبناء العائلة يقول:
(أشعر بأن
وعائي منخفض)، هنا تصل الرسالة للجميع أنه لم يعد يلقي بالاً، هو يشعر بالتعب، أو
الملل، أو محطم أو ليس محبوباً بشكل خاص. وربما تعني كذلك أنه يشعر أنه عديم النفع
رغم أنه يؤدي ما عليه ولا يشتكي، الوعاء أو القدر هي كلمة بسيطة تكاد تكون لا معنى
لها في هذا السياق، الكثير من الكلمات التي يستعملها المحترفون من الناس تتحدث عن
تقدير الذات تبدو بصورة عقيمة وعديمة الحس والنفس، الأسر يجدون مصطلح – الوعاء - أسهل لهم في التعبير عن مشاعرهم وفهم مشاعر الغير
إذا استعملوا نفس المصطلح كذلك، وبشكل مفاجئ يبدون أكثر راحة، وكأنهم قد أعتقوا من
الحرج الاجتماعي في التعبير عن مشاعرهم. زوجة تتردد في إخبار زوجها أنها مليئة
بمشاعر الإحباط وأنها تافهة وغير ملائمة، هنا بإمكانها أن تقول وبكل صراحة: (لا
تضايقني الآن فوعائي يتم جره من ثقله)، هنا عندما نقول (وعاء) فإننا نعني تقدير
الذات أو قيمة الذات، إنني أبادل استعمال هذه الكلمات باستمرار، (إذا كنت تفضل
كلمة أخرى مناسبة لك ،استعملها). كما قلت لكم في وقت سابق كل إنسان لديه قيمة
لذاته إيجابية كانت أو سلبية. وكما جاء في سؤالي وعاء أهلي القديم: هل قيمة تقديري
لذاتي الآن إيجابية أو سلبية؟ وما هو مقدارها؟، تقدير الذات هو القدرة على معرفة
قيمة نفسك وكذلك أن تعامل نفسك بكرامة، وحب، وواقعية. أي شخص كان محبوباً فلديه
القدرة على التغيير. أجسادنا ليست مختلفة، في سنوات خبرتي الطويلة في تعليم
الأطفال، والتعامل مع العائلات على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية،
ومقابلة الناس في جميع مناحي الحياة، ويوماً بعد يوم من الخبرات التي اكتسبتها في
حياتي المهنية والشخصية، فإنني على قناعة تامة أن العامل الجوهري فيما يحدث – داخل - الناس وما - بين- الناس، يكمن في قيمة الذات وهو
الوعاء.
فرجينيا
ساتير بتصرّف ـ تعديل وإضافة د.خالد بن محمد المدني
حاصل
على دبلوما العلاج الأسري من هيئة المعادلات الدولية ـ الإنتل باس
يتبع ..