من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
كيف تبني أسرة إيجابية وسعيدة؟ (5)
مازلنا نتحدث عن مؤشرات الأسر
السوية وفي إشراقات فرجينيا ساتير حول هذا الموضوع وفي هذه التدوينة نواصل الحديث
عن هذه المؤشرات:
الوالدان في
الأسر السويّة ينظرون إلى أنفسهم أنهم قادة ملهمون وليس رؤساء متسلطون، دورهم في
المقام الأول أن يعلّموا أبنائهم بأن يتصفوا بالإنسانية عند أي ظرف كان، يسلمون
لأبنائهم اجتهاداتهم الخاطئة وكذلك اجتهاداتهم السليمة، يتقبلون آلامهم وغضبهم
وخيبة آمالهم كما يتقبلون مرحهم ودعابتهم، وإن هؤلاء الوالدين تتطابق أفعالهم مع
أقوالهم، قارن ذلك بالأسر المضطربة الذين ينصحون أبنائهم بعدم إيذاء بعضهم البعض
ولكنهم يصفعونهم عندما يغضبون،
الوالدان هم
بشر و ليسوا قادة بالسليقة عند أول طفل، هم تعلموا أن القادة الجيدون هم من يهتمون
بأوقاتهم ، تجدهم يتحينون الفرص ليتحدثوا مع أبنائهم عندما يجدون وقتا للحديث،
وعندما يسيء أحد أطفالهم تجد الأم أو الأب يتحركون قريبا منهم لدعمهم، وهذا يساعد
الطفل المسيء أن يتجاوز خوفه وشعوره بالذنب ويقدم أفضل ما يستطيع مما تعلم من
والديه، تروي فرجينيا ساتير هذه القصّة: " مؤخرا رأيت أمّا من أمهات العائلات
السوية تعاملت مع موقف عائلي مزعج حصل لها بكل مهارة وإنسانية، لاحظت تلك الأم أن
ابنيها وهما في سن الخامسة والسادسة يتشاجران بكل هدوء فصلت الولدان وأخذت بيد كل
واحد منهما وأجلستهما بجانبيها وهي في المنتصف، طلبت منهما وهي مستمرة في مسك
أيديهما أن يحكوا ما جرى واستمعت باهتمام للأول ثم الثاني كل بدوره، ومع بعض
الأسئلة لهما استطاعت أن تلتقط بأناة أطراف المشكلة، الطفل ذو الخمس سنوات قد أخذ
نقودا من خزانة أخيه الطفل ذو الست سنوات، وفي الوقت الذي بدأ الأخوان يتكلمان مع
الأم عن ألمهما وحقهما المسلوب هيئت الجو لتواصل جديد مع بعضهما وأرجعت النقود
لمالكه الحقيقي ومهدت الطريق للأخوين لكي يتعاملوا مع بعضهما بشكل أفضل "،
الوالدان في الأسر السوية يعلمون أن أبنائهم ليسوا سيئين بطبعهم، وإذا أساء أحد
الأبناء بشكل كارثي سيدرك آباءهم أن هناك خطأ بالفهم لا شك موجود أو أن تقدير
الذات لأحدهم منخفض ، فهم يعلمون أن الناس يتعلمون فقط إذا كانوا يقدّرون أنفسهم و
يشعرون بالتقدير من قبل الآخرين، لذا فإن
استجاباتهم السلوكية لا تكون بطريقة تصيب الآخرين بانخفاض في تقدير الذات
حتى لو كانت هناك فرصة لتغيير سلوكيات الآخرين بالعقاب أو الإخجال فالنتائج حتى لو
كانت ناجعة فإنها تترك ندوبا من الصعب شفائها، عندما يراد تصويب سلوك طفل ما كما
يراد لأي طفل في وقت ما، الأسر السوية تعتمد على الوضوح في أدائها: طلب معلومات – الإنصات – اللمسة – التفهم – اختيار الوقت المناسب – والوعي بانتباه لمشاعر الطفل ورغبته الطبيعية بالتعلم
والإرضاء. هذه الأمور جميعا تساعدنا لكي نكون معلمين فاعلين، الأطفال يقتدون
بالسلوكيات المباشرة للبالغين ، التربية الأسرية غالبا من أصعب الوظائف في العالم،
ويشبه ذلك دمج شركتين كبيرتين بكافة مواردهما الضخمة من أجل الحصول على منتج واحد،
فالصداع الناتج عن هذه العملية يظهر عندما يشترك رجل وامرأة ليتوليا إدارة دفة
أسرة بها أطفال من الرضاعة وحتى البلوغ، فالأسر السوية يدركون أن المشكلات تأتي
تباعا وببساطة الحياة قدمت هؤلاء الأطفال لهم وسيكونون متيقظين بحلول خلاقة لأي مشكلة طارئة قد تظهر. في الجانب الآخر،
فالأسر المضطربة يحشدون طاقتهم في محاولات يائسة لمنع المشكلات من الحدوث ، بالطبع
هم يفعلون ذلك دائما – وعندما تحدث المشكلات لا توجد لديهم موارد لحلها،
الأسر السوية يدركون أن التغيير هو شيء
حتمي، الأطفال ينتقلون بسرعة من مرحلة عمرية لأخرى، فالأطفال الأسوياء لا يتوقفون
عن النمو والتغيير والعالم حولنا لا يتوقف أبدا ، هم يتقبلون التغيير كجزء من
حياتهم ويحاولون استثمار ذلك التغيير لجعل أسرهم أكثر نموا.
والآن: هل تستطيع التفكير في أسر
سوية ولو على الأقل لوقت ما ؟ هل تستطيع
أن تتذكر أسرتك وقد مر عليها وقت كان بالإمكان أن يطلق عليها أسرة سوية؟ كيف كان
شعورك وقتها؟ هل تلك الأوقات تحدث بشكل مكرر؟.
فرجينيا ساتير بتصرّف ـ تعديل وإضافة د.خالد بن محمد المدني
حاصل على دبلوما العلاج الأسري من هيئة المعادلات الدولية ـ
الإنتل باس
.. يتبع ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق