الخميس، 19 أكتوبر 2017

كيف أفهم ذاتي وأُعيد التوازن لها ؟ (4) / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

نظرية الاختيار  (4)


تحدثت في التدوينة السابقة مقدمة في الصور الذهنيّة، وفي هذه التدوينة أواصل الحديث ضمن سلسلة كيف أفهم ذاتي وأُعيد التوازن لها، في مابدأناه عن الصور الذهنيّة، مواصفاتها، ومميزاتها، ونجيب عن السؤال الذي طرحناه في ختام حديثنا في التدوينة السابقة وهو: ماذا نستفيد من معلومة الرؤية الإجماليّة والرؤية التفصيليّة.
أولاً : لك الخيار أن تسجل المعلومة التي تهمّك من العالم الخارجي بتفصيل أو بإجمال يعني تنظر نحو التفاصيل في الحدث أم تنظر نحو الحدث بشكل عام، لكن الحدث الذي التقط صورته بإجمال سوف تسترجعه بإجمال، والحدث الذي التقطّ صورته بتفصيل سوف تسترجعه بتفصيل، والخيار لك.
ثانياً: في حالة وضع الغايات أي الصور الذهنية نحو المستقبل فالأفضل أن ترى الصورة بتفاصيلها الدقيقة بل بأبعادها الثلاثة لأنّ ذلك يحفّزك نحو تحقيقها لأننا نعلم أنّ الصورة الذهنيّة أساس السلوك، والصورة الذهنية عندما تكون محددة وواضحة يتجه السلوك نحو تحقيقها.
ـ الحاسّة البصريّة والعالم الداخلي:
في عالمك الداخلي هناك نوعان من الإبصار :
1 ـ التذكر البصري
يتذكر الناس الصور سواء كانت أعينهم مفتوحة أو مغمضة، الإنسان عندما يتذكر صورة فهو إما أن ينظر لأعلى في اتجاه اليمين أو اليسار (حسبما تكون حالة استعماله لليد اليمنى أو اليسرى في الكتابة) أو أن ينظر أمامه في المنتصف مع التركيز أو قد يغمض عينيه، وهذه جميعاً أوضاع تأخذها العين عندما يتذكر الناس الصور، ودائماً ما يتسائل الناس عن السبب في أنهم لا يستطيعون تذكر التفاصيل المتماثلة في وضوحها لمن يراها من الخارج، أي لماذا عندما أتذكر شيئاً في الماضي لاأتذكره بنفس التفاصيل التي في الحدث نفسه، السبب وراء ذلك في لحظة تصوير الحدث، هل صورته بطريقة تفصيلية أم بطريقة إجماليّة فإن صورته بالتفاصيل سوف تسترجعه بالتفاصيل، وإن صورته بالإجمال سوف تسترجعه بالإجمال، وهذه إحدى الردود على من يعتقد أت ذاكرته ضعيفة، الذاكرة ليست لها علاقة العلاقة كل العلاقة بطريقة تصوير الحدث في العالم الخارجي هل تمّ بالتفصيل أم بالإجمال، ولدى البعض ذاكرة صورية قويّة، ويستطيعون تذكر تفصيلات هائلة عن الأشياء، والشخص الذي يمتلك ذاكرة صورية يمكنه النظر إلى صفحة مطبوعة بالكلمات و يكررها حرفياً كما كان يحدث مع الإمام الشافعي رحمه الله، ويستطيعون كذلك رؤية صورة ووصفها بكامل تفاصيلها، ويتساوى الناس كذلك، لماذا لا يستطيعون تذكر كل شيء؟ وهناك معلومة مهمة جداً يجب أن نعرفها بخصوص ذلك وهي: أنّ كل الخبرات التي يمتلكها الإنسان موجودة في دماغه في النظام السلوكي، ويمكن الوصول إليها تحت ظروف معينة وبتقنيات معينة، والاسترخاء هو أحد طرق الوصول كذلك، والسؤال الذي يجب أن يطرح في هذا المجال ليس لماذا لانستطيع تذكر الأشياء ولكن لماذا ننساها أصلاً؟ هناك عدة أسباب للنسيان:
1)      هو ورود معلومات جديدة متشابهة إلى حد بعيد مع معلومات مختزنة أصلاً، والناس يتذكرون الأشياء غير الاعتيادية أو الشاذة، وينسون الأشياء الروتينية المعتادة.
2)      لا يستطيع الإنسان نسيان الأشياء بدون أن يكون متذكراً لها من الابتداء، وجانب أساسي من التعلم هو أن يكون الإنسان لحظة تصوير الحدث متصلاً بالعالم الخارجي، فمعظم الوقت يقضيه الناس في الاتصال بذواتهم منفصلين عن العالم الخارجي، يمرون بأحلام اليقظة، يتخيلون، يتذكرون ما كان يجب عليهم أن يفعلوا في يوم ما أو يفكرون فيما يجب عليهم فعله في اليوم الثاني، فعقول الناس عادة في مكان آخر غير اللحظة الراهنة وهم ربما يتذكرون بدلاً عنها تلك الأشياء التي كانوا يتخيلونها وقت حدوث هذه الخبرة في العالم الخارجي، والناس لا يستطيعون تذكر الأشياء إذا كان انتباههم في مكان آخر وقت حدوث الخبرة التي يريدون تذكرها، جئت لمجمع الشاطيء مول أنت وعائلتك في عطلة نهاية الأسبوع لقضاء يوم جميل، أوقفت سيارتك، ونزلت مع عائلتك وقضيتم يوماً لايُنسى، وعند خروجكم من المجمع نسيت أن أين أوقفت سيارتك، وظللت ساعة تبحث عنها قبل أن تجدها، ألم يمرّ بك سيناريو مشابه..
 أخي الكريم .. أختي الكريمة، أكاد أجزم أنّ الكثير مرّ بهذا السيناريو، لماذا نسي مكان سيّارته؟ السبب بسيط لأنّ عقلك لحظة إيقاف السيارة في العالم الخارجي (مواقف المجمع) أي لحظة تصوير الحدث، كان عقله في مكان آخر أي لم يكن ملتفتاً للحدث، ولذلك نسي مكان إيقاف سيارته.
.. يتبع ..

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org

 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق