الجمعة، 18 يناير 2019

تحرّر من قيودك (8)/د.خالد بن محمد المدني


من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
تحرّر من قيودك (8)

في التدوينة السابقة تحدثت عن القيود الذهنيّة  كيف نواجهها؟ وكيف نتحرّر منها؟، وتحدثت عن الطريقة الأولى أو التكنيك الأوّل وهو: شغّل عقلك بما ينفعك وفي هذه التدوينة سأعرض التكنيك الثاني وهو :  لكل حدث قراءتان، من تكنيكات التحرّر من القيود الذهنيّة أن تعتقد اعتقاداً جازماً أنّ لكل حدث قراءتان كما أنّ لكلّ عملة وجهان وكونك لم تستطع رؤية الوجه الإيجابي لاينفي وجوده بل أنت لم تستطع قراءته، والسؤال الهام: لماذا لانستطيع قراءة الوجه الإيجابي للحدث؟، فعلى سبيل المثال شيخ الإسلام ابن تيمية قرأ السجن خلوة، والنفي سياحة، والقتل شهادة، والخنساء رأت  قتل أخيها صخراً في الجاهليّة مصيبة ونهاية العالم، ورأت بعد الإسلام قتل أبنائها الأربعة في معركة القادسية شهادة، باختصار الذي لايجعلنا قادرين على رؤية الجانب الآخر من الحدث هو الإنفعال الشديد الذي يسيطر على العقل ويحتلّه فيجعله مقوداً لا قائداً وتابعاً لا آمراً، وعندما نتحرّر من الإنفعال نستطيع رؤية الجانب الإيجابي من الحدث الذي نراه سلبياً، دعني أخي الكريم أختي الكريمة أعطيك بعض الأمثلة توضّح لك كيف نمارس تكنيك ـ لكلّ حدث قراءتان، سنأخذ قيد من الحاضر، وآخر من الماضي، وثالث من المستقبل:
ـ قيد الوظيفة :
الوظيفة يراها الكثير قيداً لكنها  ليست قيد هي فرصةَ لتنمية الرزق، والاستمتاع بالحياة، أنا أذكر جيدَ عندما كنت في عمل لا أحبّه قلبته لمتعة، ولو قلبت لقبلت، فكنت أرى الأعمال التي لا أحبها فرصة لتعلّم مهارات جديدة، واستثمرت فترات اللّاعمل في تطوير ذاتي، فقرأت بلا مبالغة أكثر من مئة كتاب في تطوير الذّات، والقيادة، والإدارة فاستمتعت بعملي وإنجازي، أعرف شخصاً تعين في غير منطقته وجاءني حزيناً مكتئباً فقلت له: صدقني فرصة لتطوير ذاتك، واستثمار إمكاناتك، غاب عني وبعد سنوات جاءني سعيداً وقال لي: الحمدلله الذي وفقني بك، وجعلني آخذ بنصيحتك، تعبت في البدايات لكنني نجحت وطوّرت مهاراتي، وافتتحت مقهى وأنا الآن أربح ضعف راتبي، قلت له كيف حصل ذلك؟ قال: وقت فراغ كبير قلت لنفسي أستثمره فيما ينفعني ويرفعني، أم فيما يضرّني، ويخفضني، قررت استثماره في العمل والكد والكدح، وغيري من زملائي استثمره بالسهر والنوم، وأنا الآن امتلك عملاً تجارياً، ومهارات متطوّرة، أرأيتم كيف أنّ لكل حدث وقراءتان؟.
ـ قيد الخوف من المرض :
المرض يعلمني خيرا عن ذاتي، هي رسائل إيجابيّة من جسدي أنّ هناك وضعاً خاطئاً يحتاج لتعديل، جسدي يتحدث معي بطرقة مختلفة، يحادثني، يهاتفني، يسمعني صوته، المرض يزيد من مناعتي، فيها أجر لي تكفير ذنوب، نفع لي يقتل فيروسات، ماذا أفعل في حالة المرض، أفعل ولا أنفعل ابحث عن العلاج فلكلّ داء دواء علمه من علمه، وجهله من جهله.
ـ قيد الماضي :
الماضي انتهى وانقضى ولن يعود، فإمّا أن تجعله مخزناً للتعلّم أو سبباً للتألّم، الإيجابي يتعلّم منه ولا يتألّم، ويستمتع بذكرياته السعيدة فقط، أمّا من يرى الماضي فقط سبباً لجرّ الأحزان واجترار المشاعر المؤلمة فماعرف الوجه الآخر للماضي.
.. يُتبع ..
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق