من مقالات
الدكتور خالد محمد المدني
تصنّعوا
.. فإنّ
العقل لايُفرّق بين الحقيقة والتصنّع ..
تشرّفت
قبل يومين باستضافة كريمة في مجلس الفاضل الأستاذ تُركي المشرافي للحديث عن
إدارة الإنفعالات ضمن سلسلة إبحار الذي يستضيفه المجلس مشكوراً، وأثناء
الحوار سألني أحد الإخوة سؤالاً استوقفني كثيراً قال لي :
دكتورنا الفاضل هل للإنفعالات أنواع ؟
حقيقةً
استوقفني السّؤال كثيرا ًهل فعلاً للإنفعالات أنواع ؟ أجبته حينها بشكل عام وأحببت
في هذه التدوينة أن أتحدّث بالتفصيل عن هذا السّؤال؟ من وجهة نظري أعتقد أنّ
الإنفعالات نوعان :
الأولى
: ضبطها أي التحكّم
بها
الثانية
: استثمارها أي
الإستفادة منها، ضبط الإنفعالات المقصود بها هو السيطرة عليها لكي لاتؤذينا ولا
تُؤذي الآخرين، واستثمارها أي الاستفادة منها لنُعمّر بها علاقاتنا مع الآخرين،
سوف اُوضّح أكثر، مُعظم الناس لايُعرف من الانفعالات سوى الوجه الأوّل لها وهو
ضبطها أي السيطرة عليها، استثمار الإنفعالات أهم من ضبطها لأنّ ضبطها فقط فيه
حماية للذّات أمّا استثمارها ففيه التأثير على الآخرين واللّعب الإيجابي بالقلوب،
لكنّ ذلك لايعني إهمال إدارة الانفعالات بل من لاينجح في السيطرة على انفعالاته
لايستطيع استثمارها فهما صنوان لاينفصلان، تحدثت في تدوينة سابقة عن ضبط
الإنفعالات وفي هذه التدوينة سأتحدث عن استثمارها، استثمار الإنفعالات باختصار
تصنّعها، والبعض ينفر من هذه الكلمة ويرفضها حال سماعها لأنّه يعتقد أنّه كذب
وخداع، القضية بسيطة والقاعدة النفسية تُشير إلى أن ّالعقل لايفرّق بين الحقيقة
والتصنّع إلاّ بدرجة الإتقان فإن تصنّعت شيئاً أصبح حقيقة لأنك باختصار مارسته
ولذا قال نبيّ الرحمة عليه الصلاة والسلام :(إنّما
العلم بالتعلّم وإنما الحلم بالتحلّم) رواه
الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وصحّحه الشيخ الألباني في السلسلة بل أكثر من ذلك
ربّنا تبارك وتعالى حثّنا على تصنّع الود لمن؟ للذي بيننا وبينه عداوة (ادفع
بالتي هي أحسن فإذا الذي يبنك وبينه عداوة كأنّه وليٌّ حميم)
فُصّلت (34)،
تصنّع الحب للآخرين فعقلك لايفرّق بين الحقيقة والتصنّع إلاّ بدرجة إتقانك، كثيرٌ
من الرجال اقترنوا بزوجاتهم دون أن يروهم حتّى فكيف عشقوهم ؟ بالتصنّع تصنّعوا
فأصبح حقيقة، هنّ كذلك تصنعن فأصبج حقيقة ، تصنّع الحبّ لأبنائك وبناتك، تصنعي
الحب لبناتك وأبنائك يُصبح حقيقة لاتُفرّق فيها بعد حين بين عاطفة صُنعت وأخرى
جاءت تلقائية، دعك من ترانيم الشعراء وهلاوسهم تمسّك بالحقيقة فالحقيقة تقول
الخيال يُصبح حقيقة بالتصنّع، التصنّع يجعل الكلام يخرج من العقل ليستقرّ في القلب
الكلام المُتصنّع يكون موزونًا يُديره الرجل في عقله وتُديره المرأة في عقلها قبل
أن يخرج فليس هناك معنى في رأيي لقول القائل الكلام الذي يخرج من القلب يستقرّ في
القلب بل أؤمن بالكلام الذي يخرج من العقل بأنّه يؤثّر ويأسر.
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي
للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد
للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان
الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق