من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
الدين شفاء الأمراض
من مقالات الدكتور
خالد محمد المدني
الدين شفاء الأمراض
في هذه التدوينة
سأتحدث عن دور الدين في الشفاء من الأمراض النفسية والعضوية فالدين الإسلامي بما
فيه من الممارسات القلبية والسلوكيّة كفيل بإذن الله على مساعدة الفرد على التكيف
والشّفاء من أي مرض، ولذلك قال الحقّ سبحانه وتعالى: (وإذا مرضت فهو يشفين)،
فالدين الإسلامي بما فيه من ممارسات يومية عميقة كفيلة بإذن الله أن تجعل الفرد
يحيا حياة سعيدة نفسياً، واجتماعياً، وروحياً، وجسديّاً.
·
كلّما اقترب الفرد من خالقه كلّما ازدانت حياته بالطمأنينة وغلّفتها السكينة
وغشيتها السّعادة، وتعافى الجسد من علله فالحياة الطيبة تكون مع اللّه.
·
كلما ابتعد الفرد عن اللّه ارتفعت عنه السعادة وفارقته الطمأنينة ألم تقرأ قوله
تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم
حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى). في
القرب من الله حياة القلوب وإشراقه وتلألأه، وفي البعد عنه موته وظلمته وضعفه
وهزاله فيضعف معه جهاز المناعة الذي يحميه من الأمراض والعلل قال ربنا سبحانه
وتعالى: (
أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا
لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ
بِخَارِجٍ مِنْهَا ۚ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).الأنعام
، 133 ، فجمع بين الأصلين: الحياة والنور، يقول بن القيم رحمه الله:
(بالحياة تكون قوته أي البدن، وسمعه، وبصره، وحياؤه، وعفته). إغاثة اللهفان من
مصائد الشيطان ، ج1 ، صـ27 ، ومن أعظم الأحاديث النبوية التي مرّت عليّ
وكلها عظيمة قوله عليه
الصلاة والسّلام: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمد
نبيّاً).
·
حياة القلب وصحته الجسدية لاتحصل إلاّ بأن يكون على الصراط المستقيم والهدى
المستبين ففي ممارسة شعائر القلب الدينية الصحة النفسية، والجسدية، ولا سعادة
للنفس ولا صحة ولا لذة إلاّ عندما يستشعر المسلم بأنّ الله هو إلهه وخالقه وفاطره
وهو سبحانه معبوده وحده دون سواه وهذا هو معنى الحريّة الحقّة.
·
القرآن الكريم متضمّن لأدوية القلوب والأجساد وعلاجه من جميع العلل والأمراض، قال
الحق تبارك وتعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور).يونس
، 10 ، وقال سبحانه:
(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).الإسراء ، 17 ، هاتين
الآيتين صريحتين واضحتين في كون القرآن علاج للأمراض الجسدية، والنفسية والروحية
فهو شامل لكل مرض ممكن أن يصيب الإنسان، لكنّ المشكلة الحقيقية في الإنسان لايتخذ
القرآن حين يقرأه للإستشفاء بيقين وثقة بأثره العظيم، وصدق الشاعر حين قال:
نهاية
إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا
في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم
نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
·
العبودية الحقّة لها ثلاثة أقسام:
·
يجب أن يفعّل نوعين من الممارسات في الدّين حتى يكون علاجاً ناجعاً بإذن الله من
الأمراض وهماً:
1.
الممارسات القلبية: وهي أعمال القلوب كالإخلاص، والتوكل، والمحبة، والخوف، والصبر،
والرجاء.
2.
الممارسات السلوكية: كالدعاء، والإستغفار، والصلاة، والصّيام، والصّدقة، وسنجعل من
برنامح التكيّف مع المرض فيما يتعلّق باستراتيجيّة الدين برنامجاً عمليّاً محبّباً
للنفس يقرّبك من الله وتستشعر معه لذّة العبودية وأنس القرب من الخالق سبحانه
وتعالى، وأنقل هنا كلاماً قيّماً لابن القيّم رحمه الله عن هذا المعنى إذ يقول:
(اعلم أنّ أشعة لاإله إلا الله تبدّد من ضباب الذّنوب، وغيومها بقدر قوّة ذلك الشّعاع
وضعفه، فلها نور وتفاوت أهلها في ذلك النور قوّة وضعفاً، فمن الناس من نور هذه
الكلمة في قلبه كالشمس، ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدريّ، ومنهم من نورها في
قلبه كالمشعل العظيم، وآخر كالسّراج المضيء، وآخر كالسّراج الضّعيف، ولهذا تظهر
الأنوار يوم القيامة بأيمانهم، وبين أيديهم على هذا المقدار بحسب مافي
قلوبهم من نور هذه الكلمة، علماً، وعملاً، ومعرفة وحالاً) كتاب تهذيب مدارج
السالكين ج 1 ، 289 ،ويقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: (من أعظم الكرامة لزوم
الإستقامة)، وفي موضع آخر يقول رحمه الله: (استقاموا على محبته وعبوديته فلم
يلتفنوا عنه يمنة ولا يسرة). مدارج السالكين، صـ 528، وقال في موضع ثالث: (من أراد
السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبوديّة) عبارة تلخّص لنا مجلّدات في تهذيب النفس
وإعادة تربيتها.مدارج السالكين ، صـ 386.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق