الاثنين، 16 يناير 2017

تكيّف (2) / الدكتور خالد بن محمد المدني


من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

 

تكيّف مع الحياة وتعلّم التفاؤل (2)



نواصل في هذه التدوينة بإذن الله الحديث عن التكيّف مع الابتلاءات التي قدّرها الله على عباده وكيف نتصرّف إزائها ونتحرّك لرفعها..
  • تشير معظم الدراسات الحديثة والتي ثبت معظمها طبيّاً  بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ ما يدور في ذهن الإنسان من أفكار تؤثّر على جسده وصحته سلباً أو إيجاباً، فالعقل والجسم جزآن لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، فأفكارك تؤثر على صحتك النفسية والجسدية، فإن كانت أفكارك التي تدور في ذهنك سلبية ربما أثّرت على جسدك وأضعفت جهاز المناعة لديك وجعلتك أكثر عرضة من غيرك على الإصابة بالمرض، فعلى سبيل المثال في قصة الأعرابي الذي عاده النبي عليه الصلاة والسّلام تملّكته صورة ذهنية سلبية بأنه سيموت، ولو ارتسمت له صور الشفاء والعافية لكانت صحته تحسّنت، جسدك يتأثر  بالصور الذهنية التي تنشأ فيه فإن كانت إيجابية زادته صحة، وإن كانت سلبية أصابته بالعلل والأمراض النفسية كالإكتئاب، والتوتر، والقلق، أو جسدياً كالسّكر والضغط وغيرها من أمراض العصر، شهد الغرب في السنوات الـ 10 الأخيرة ظهور علم جديد في عالم الطب يسمّى "علم المقاومة النفسية العصبية" يجمع هذا العلم بين ثلاثة مجالات:
  • الأول: مجال المتخصصين في علم النفس، والثاني: مجال المتخصّصين في مجال علم الاجتماع، والثالث: المتخصصين في دراسة كيمياء جهاز المقاومة في الإنسان، خلاصة الدراسات في هذا المجال أثبتت أن تحسّن صحّة الإنسان الجسمية مفتاحها تغيير أفكاره، ومشاعره، وانفعالاته حتّى وصف العلماء هذه الظاهرة بالثورة الثالثة في الطبّ الحديث حيث كانت الثورة الأولى تطوّر الجراحة، والثورة الثانية: اكتشاف البنسلبين، ما يؤثر بالفعل على صحّة الفرد هو صوره الذهنية التي يحملها فعندما يتخيّل هذا المرض أو ذاك فتّاكاً أو قاتلاً يتدمّر جهاز المناعة لدى الإنسان ما يقتل في كثير من الأحيان ليس المرض هي الفكرة، ولذلك قال أرسطو: (ليس الذي ينفعل هو النفس أو الجسم بل الإنسان)، وهذه عبارة غاية في الأهمية والتشخيص الدقيق لما يحصل مع الفرد، ونقل عن فيلسوف روماني في القرن الميلادي الأول قوله: "ليست الأشياء المحيطة بالإنسان هي التي تزعجه، بل أفكاره عن هذه الأشياء"، ولذلك نستطيع أن نقول أن الجسم السليم هو نتاج العقل السليم، أعتقد أنّ كل إنسان في هذه الحياة معرّضاً لأنواع شتّى من الأمراض العضوية أو النفسيّة فالجميع على هذه البسيطة يحتاج إليها لأننا نسير في هذا الكون و لا نعلم ما قدره الله علينا من اختبارات وابتلاءات، فأنا أسير في الكون وأختار في الكيان يمعنى أن ما قدره الله عليّ لا أملك تجاهه إلاّ التسليم له بقلب مؤمنة ونفس راضية كما أخبر الله: (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنا إليه راجعون)، وأمّا الكيان فهو أنا فأنا أستطيع اختيار طريقة التعامل ونوع رد الفعل تجاه الكون تجاه القدر الذي قضاه الله عزّ وجل..


يتبع ..

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق