من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
تكيّف مع الحياة وتعلّم التفاؤل(4)
نواصل
في هذه التدوينة بإذن الله الحديث عن التحكم بالصورة الذهنيّة وتحديداَ سأتحدث عن
ضبط الصورة الذهنيّة:
- التحكّم وضبط الصورة الذهنيّة للحدث التي تتشكّل بعد وصول الخبر المؤلم للفرد، معظم الناس يكونون صورة ذهنية عن الأحداث أكبر بكثير من حقيقتها وهذا الذي يجعل هذه الصورة تصيبهم بالقلق والتوتر، والخوف الشديد، ورؤية صوراً مفزعة غير حقيقية تجعلهم يعانون معاناة أكبر بكثير من الواقع الحقيقي، وسأورد بعض المعلومات التي تتعلق بالصورة الذهنية لأهميتها ولأنّ الصورة الذهنية قد تكون سبباً في الشفاء من المرض أو سبباً في إعاقة الشفاء منه:
- عقلك كآلة التصوير يلتقط صوراً للأحداث كما يلتقط المصور صوراً لمجسم جميل فهو يأخذ صوراً من أبعاد مختلفة، فيقترب ويبتعد، ويصعد لأعلى، وينزل لأسفل لكي يعطي جمالا لهذا المجسم، وينقل حقيقته، وحقيقة إبهاره للآخرين .. عقلك كذلك والآن دعنا نتوقف عند هذا السؤال الهام؟؟
عندما
تهتزّ يدك وأنت تلتقط صورة لذلك المجسّم كيف تظهر تلك الصورة؟
مشوشة
مهزوزة غير واضحة أليس كذلك؟ جميل
والسؤال
الآخر: هل يقبل المصور المحترف صورة بهذا الشكل؟ الإجابة المنطقية طبعا لا، عقلك كذلك قد يهتز
عند التقاط صورة الحدث الذي يحصل أمامه والذي يهزّ دماغك أثناء التقاط صورة الحدث
هي كمية الانفعال الصادرة من الفرد، و الاهتزاز معناه التفسير فمتى ما اهتزّ دماغك
فمعناه أن التفسير للموقف قد حصل لكنه تفسيراً انفعالياً مضراً وليس نافعاً وكلما
زاد انفعالك المصاحب للموقف زاد اهتزاز الدماغ، وكلما قلّ الانفعال قل اهتزاز
الدماغ و الاهتزاز معناه التفسير الخاطئ للموقف، و الاهتزاز مجاز وليس حقيقة أي
أنه اهتزاز معنوي وليس حقيقي لكنه يبسّط مفهوم التقاط صورة الحدث كيف تتأثر؟
أكثر الناس يفسرون الأحداث التي تمرّ بهم (يلتقطون الصورة حين الاهتزاز) وهم في حالة انفعال شديد ولذا يسيئون تفسير الموقف فيشقون بصورهم الذهنية التي تكونت (القدر لا يأتي إلاّ بخير) (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) (الخيرة فيما اختاره الله)، ما سبق أمثلة للتفسير الواعي الذي يضبط الانفعال فتكون الصورة واضحة ليست مشوشة ولا مهزوزة وهي حالة ثبات الدماغ الذي هي بمثابة يد المصوّر.
أكثر الناس يفسرون الأحداث التي تمرّ بهم (يلتقطون الصورة حين الاهتزاز) وهم في حالة انفعال شديد ولذا يسيئون تفسير الموقف فيشقون بصورهم الذهنية التي تكونت (القدر لا يأتي إلاّ بخير) (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) (الخيرة فيما اختاره الله)، ما سبق أمثلة للتفسير الواعي الذي يضبط الانفعال فتكون الصورة واضحة ليست مشوشة ولا مهزوزة وهي حالة ثبات الدماغ الذي هي بمثابة يد المصوّر.
· وظيفة العقل تجاه الحدث التقاط
الصورة .. الدماغ يتفاعل مرتين الأول مع الحدث (المرض) وهو التفاعل الذي يحصل
عند حدوث المرض والثاني التفاعل الذي يحصل عند التقاط الصورة الذهنية، فالأول
خارجي مرتبط بالحدث والثاني مع التمثيل الذهني (الصورة الملتقطة) وهو داخلي لا علاقة
له بالحدث إنما علاقته بالتمثيل الذهني (الصورة الذهنية) التي تكونت وهو الأخطر ورد الفعل الصادر من
الفرد له علاقة بالصورة المتشكّلة وليس الواقع الأصلي.
· كل ما يجري حولنا من رزق أو فقدان،
ربح أو خسارة، نجاح أو رسوب، زواج أو طلاق ومنه المرض الذي يصاب به الأفراد يسمّى
حدث وهو محايد وعقلك لا يتفاعل معه مباشرة إنما يتفاعل مع التمثيل الذهني (الصورة
الذهنية المتشكلة) أي يتفاعل على أساس تكوين فكرة أولاً عنه أو تشكيل معنى للحدث.
· التفاعل مع الحدث لا يتم إلا بناء
على تكوين التمثيل الذهني (الصورة الذهنية-الفكرة)
التي التقطها الفرد عن الحدث فالتقاط الصورة الذهنية هو أساس التفاعل مع الحدث
فالفرد عندما يقع له مرض فهو أولاً يشكل له معنى في عقله أو يفسره حسب معاييره
الشخصية فلترته الخاصّة.
· اختلافنا في ردود الأفعال ليس مبني
على معطيات الواقع إنما بناء على التمثيل الذهني (الصور الذهنية الملتقطة) فإذا
التقطت في حالة انفعال شديد حصل التفاعل وبالتالي التأثّر والتألّم والخوف من
المرض.
· الصورة الملتقطة إذا كانت غير
صحيحة أحدثت اختلالاً سلوكياً فكرياً أو نفسياً أو جسدياً أو حركياً ومن صور الاختلال
الفكري شرود الذهن، وضعف التركيز ومن صور الاختلال النفسي الغضب، والتوتر، و الانهيار
ومن صور الاختلال الجسدي الآلام التي لا مبرر لها طبياً كآلام المعدة، والقولون،
والحساسية الجلدية، ومن صور الاختلال الحركي فقد القدرة على السيطرة على الجسد
فالحركة الزائدة صورة من صوره وعندها يبدأ الفرد في البحث عن طريقة لإعادة التوازن
من خلال البحث عن حل أي استجابة سلوكية تجاه التمثيل الذهني (الصورة الذهنية) التي
تكونت فرد الفعل (الاستجابة) لا علاقة لها بالواقع (الحدث) بل بالصورة المتشكلة في
الدماغ وهذه حقيقة هامة يجب أن يعيها الجميع.
· إعادة التوازن تكون تجاه الصورة
التي تشكّلت وليس المرض الذي حصل فالأحداث تحمل صفة الحياد والذي يلوّنها ويصبغها
ويكبّرها ويصغّرها تفسير الفرد لها.
· هناك فروقات فردية بين الأفراد في
طرق التقاطهم الصور الذهنية وطرق الاستجابة هذا الاختلاف هو ما نطلق عليه مرشحات
الإدراك أو الفلاتر النفسية والتي منها المعتقدات والقيم والذاكرة العميقة
والمستوى الثقافي و الاجتماعي...الخ.
· أنت كإنسان محصّن ضدّ كل المشكلات
الخارجية زوّدك الله بالوعي والإدراك والعقل فالله أعطاك الحصون لكنك أنت من يفتح
حصونه من الداخل لتلك المشكلات فتخترق كيانك فتنهار أمام أحداث الحياة، والحصون
التي تمتلكها والتي زودك الله بها لاتعدّ ولا تحصى.
يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق