من مقالات الدكتور
خالد محمد المدني
كيف يكون القائد
مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه على الإنجاز 4
في هذه التدوينة
نواصل الحديث عن مابدأناه ضمن سلسلة - كيف يكون القائد مؤثّراً ومحفزاً لأتباعه
على الإنجاز - 4 وفي هذه المدونة أتحدث عن نموذج قوي وفعّال اقترحه كوين أسماه
المفاهيم الثمانية للقيادة المتكاملة، أدعو لقراءته بعمق وتطبيقه باحتراف:
1)
الفعل التأملي:
قال أفلاطون الحياة التي لا نتأملها لا تستحق أن نعيش فيها، وقام شخص آخر بتعميق
هذه المقولة وقال: (الحياة لا نعيشها لا تستحق أن نتأملها) وعليه فإن مفهوم الفعل
الـتأملي يضع كلاً من المقولتين نتأمل لكي نعيش و نعيش كي نتأمل، فعندما يخطيء
القادة في تأمل سلوكياتهم و مراجعة قراراتهم يخطئون أيضاً في الفعل نفسه بمعنى أن
الأعمال التي لا تتم مراجعتها وإعادة النظر فيها في الوقت المناسب هي أفعال قد
تكون خاطئة أي يجب أن يسبق التفكير ويتزامن مع ويتبع التنفيذ
2)
الانهماك الأصيل :وهو ينبع من مفهوم العقل
التأملي فالشخص (القائد) المرتبط و المتواصل هو دائماً شخص مشارك و منهمك و متفاعل
لكن الذين يبالغون في الانهماك والتواصل والاستغراق في الأداء ربما يفقدون وضوح
الرؤية والاستقامة والتوازن في الحياة، فالتوازن هو أن نفعل الصحيح في الوقت
الصحيح والموقف الصحيح بدون شطط أو مبالغة أي نجمع بين المرونة في الأداء
والالتزام بالقيم
3)
التساؤل الإيجابي:
وهذا
أسلوب أبتكره ديفيد كوبر ايدز واعتبره كثيرون
ثورة علمية في مجال القيادة وتطوير المنظمات، وهذا الأسلوب هو نوع من طرح علامات
استفهام مع عدم التقليل من شأن الآخرين تهدف من خلال الطرح الإيجابي إلى معرفة ما
هي أكثر الأشياء التي تهم الناس فعلاً ؟ و ما هي الأشياء التي تدفعهم للإبداع ؟
وهو تساؤل يفرز بين الغث و السمين و يوسع المدارك والوعي.
4) الرؤية
الراسخة :يحتاج القادة لكي
يتحركوا ويحركوا بشكل إيجابي إلى نظام أو رؤية واقعية وراسخة، وتعاني الكثير من
المؤسسات بالفعل لغياب الرؤية الراسخة فليس الرؤية الراسخة، والقوية والمؤثرة
انعكاس لرؤية قائد واحد أو من عدة قادة بل هي الرؤية التي تكون عن طريق العمل من
خلال الآخرين ومن أجلهم .
5)
الثقة المرنة :وهي الثقة المتكيفة مع
المواقف تجعل الذين يمتلكونها لا يخشون المخاطرة أو التجريب والتعلم من العمل لأن
لديهم هدفاً أكبر ولأنهم يمتلكون إيماناً عميقاً بأنهم يستطيعون التعلم و التكيف
من خلال تجربتهم و تسمح الثقة المرنة بالتركيز على الهدف مع وضع احتمالات النجاح
واحتمالات الفشل جنباً إلى جنب أي الثقة بالهدف والنفس والعمل أي ما يسمى في
نظريات القيادة بالقيادة الموقفية.
6) الاعتماد
المستقل :و
يعتبر هذا المفهوم من أصعب المفاهيم وأكثرها مرواغة من بين المفاهيم الثمانية فهو
يتطلب أن تنظر بعين الاعتبار إلى كل علاقاتنا من مستوى عال ومن نضج وسمو قيادي
عظيم أي مستعدين للاعتماد على الآخرين ومستقلين عنهم أيضاً في نفس الوقت وهذا
النوع من القيادة يجعل القائد والآخرين يفهمون ويعرفون حدود قدراتهم و كفاءاتهم ومسؤولياتهم.
7)
الحرية المسؤولية :الحرية هي أهم قيمة لدى
الإنسان فبدونها لن يستطيع الفرد أن يصل لما يريد و كثيراً ما نتجاوز حدوداً كثيرة
لندافع عن حرياتنا و لكننا كثيراً ما نخطئ فهم الحرية ، يصبح الأفراد أحراراً
بتغييرهم و تجديدهم لأنفسهم فكلما زادت حرية الفرد في تحديد مصيره كلما زادت
مسئوليته تجاه نفسه وكلما زادت حرية القائد في التحكم في مصير الآخرين كلما زادت
مسئوليته تجاههم فالإحساس بالحرية المسئولة يخرجنا من الإحساس بالراحة ورد الفعل
إلى دائرة المبادرة و اتخاذ الفعل فهي ضد الجمود والتخثر
و ضد الشكوى، والتبرم و التنصل من المسؤولية، وعندما ينمو وعي الإنسان بذاته و
يدرك حريته فإنه يمكن نفسه من مصيرها و يعمل أيضاً على تمكين الآخرين.
8)
ـ الحب القاسي :تسمح
لنا ممارسة الحرية المسئولة بأن نكشف أنفسنا و نعرف جوانب طيبة أخرى من جوانب
شخصياتنا وهكذا نحب أنفسنا وفي هذه الحالة سننظر إلى العالم المحيط نظرة مختلفة
فنبدأ ممارسة ما يسمى الحب القاسي وهو كالعيش في حالة من الإبداع الايجابي حيث
يكون الإنسان رحيماً ومتسامحاً ولكن المغالاة في التسامح تنتج تساهلاً وضعفاً كما
أن المغالاة في الحزم تنتج ظلماً واستبداداً والمعادلة الصعبة هي أن يحصل القائد
على التسامح و الحزم و الجرأة دون التساهل و الظلم و الاستبداد وهذا ما يسمى بالحب
القاسي (كوين،2004م,4). .
يتبع. ..
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني
ch@olto.org