من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
رهائن الانفعالات
رهائن
الانفعالات من يجعلون فاصلاً بين المثير والاستجابة هم من يتحكمون بانفعالاتهم
وبالتالي يقودون حياتهم ومن يتعاملون بالفعل ورد الفعل تقودهم انفعالاتهم باختصار
هم آلات مبرمجة لا اختيار لها
.. علمونا في الفيزياء أنّ لكل فعلٍ رد
فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه حفظناه واختبرنا به ونجحنا وللأسف
أسقطناه على الحياة فمن شتمنا شتمناه ومن أهدانا هدية أهديناه ومن لم يُهدنا
لانهديه بل تجاوزنا نيوتن وطورنا القانون فأصبح لكل فعل فعل زائداً عنه في المقدار
ومضاد أس ٢ في الاتجاه فمن شتمنا رددنا له الصاع صاعين والكفّ كفّين والفعل السيء
بأضعافه ونسينا أننا أحياء لسنا فيزياء وفي الأحياء لكل فعلٍ فعلٌ مختار نحن من
يختار يستجيب أو لايستحيب بل كيف تكون نوع استجابتنا وشكلها وطريقتها .. سعاد إن جاءها مولود ولم تُهدها إحدى جاراتها هدية المولود
بالصورة الذهنية التي رسمتها في ذهنها تنتظر على أحرّ من الجمر عندما تلد هذه
الجارة فتبادلها الهدية بهدية أقلّ منها ليس ذلك فحسب بل تجعل منها فاكهة مجلسها
فلا تأتي جارة إلاّ ونشرت غسيل جارتها عندها فلم تكتفي بذكر قصة الهدية بل دخلت في
تفاصيل حياتها وفجأة أصبحت جارتها غير مهذبة ولا تعرف الذوق ولا الاتيكيت وهي واللباقة
في تنافر عجبب أعني جارتها، فكيف سيكون الحال لو تجرأت إحدى جاراتها ولم تجلب لها
هدية المولود أصلاً، أصبحت سعاد وحيدة لاتحبّ جارات الحي مشاكلتها ولا مشاركتها في
الحديث اتقاء ردود فعلها الانفعالية
.. ليلى إذا حصلت لديها مناسبة دعت جميع
جيرانها ومعارفها فلبوا الدعوة بحب وسعادة فليلى من طبيعتها أنها إن جاءها مولود
أو حصل عندها حدثٌ سار وجاءت جاراتها مهنآت احتفت بهنّ وأكرمتهنّ بغضّ النظر عمّا
يحملن معهنّ فمن لم تجلب هدية لاتعاتبها ولا يدور ذلك في عقلها أصلاً بل أكثر من
ذلك إن حدث لجارتها حدثٌ سار وكانت ممن لم يُهدها جلبت هدية وذهبت لها مهنئة، بل
أكثر من ذلك إن أهدتها جارتها هدية ردت الهدية بأحسن منها فإن عُوتبت قالت: لقد
أهديت قدري .. هل عرفنا الآن لماذا صديقات ليلى حولها
يحفّونها بالحب، ولماذا أصبحت سعاد وحيدة ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق