من مقالات
الدكتور خالد محمد المدني
انفعالاتك من اختياراتك
انفعالاتك من
اختياراتك.. استيقظ علاء
الساعة الثامنة صباحاً مُثقل النفس مزاجه غير صافي، بالأمس انتهى من برنامج
تدريبيّ متميّزٍ قدّمه بعنوان: "كن مسؤولاً عن حياتك" تناول فيه مع
المشاركين والمشاركات عبر ثلاثة أيّام مهارات الاختيار وقيادة الذّات، لكنّ علاء
يشعر اليوم بتعكّر في نفسيته، وتقلّب في مزاجه، بدأ يسأل نفسه: ماالذي اعتراني
ياتُرى، ماالذي أصابني؟ ،قال علاء: ربما تعب التدريب، تذكّر علاء أنّه من فترة وهو
في تدريب مستمر لأكثر من ثلاثة شهور وهو يتنقّل بين الفنادق يُحاضر ويدرّب ويُكسب
الناس أدوات التحكم في الذات، والاستمتاع بالحياة، تذكّر علاء أنّه بالأمس أصابه
أرقٌ حرمه من النوم لساعتين كاملتين لكنه تعلّم كيف يتعامل مع الأرق كان سابقًا يفزع
منه ويهرع للأدوية المنوّمة التي كتبها له طبيبه النفسي، لكنه بعد أن تعلّم نظرية
الاختيار علم أنّ الأمر بيده فكان يتقبّل الأرق بل يُرحّب به ثمّ يختار الحركة
التي تناسبه فيفعلها فهو تعلّم أنّ الأرق شحنةٌ انفعالية ينبغي أن تمرّ وعلم أيضاً
أنّ الأرق سلوك وهو عنصرٌ جسدي من ضمن عناصر السلوك الكلي في نظرية الاختيار، وعلم
أيضاً أنّ الصورة الذهنية التي يحملها من يُصاب بالأرق هي "البقاء أو الحياة"
وأنّ سلوك الأرق يهددها هذا كل مافي الأمر فالصورة الذهنية أساس السلوك، تذكر علاء
أنه بالأمس طبق نفس الخطوات فنام بعد ذلك نوماً عميقاً، علاء الآن يسأل نفسه: مابك
الآن؟ مادهاك؟ ماذا تريد ياعلاء؟ أدرك علاء من خلال هذه الأسئلة علّته فهو أصبح
صديق ذاته، وحبيب نفسه فيخاطبها خطاب المحب، ويناجيها مناجاة العاشق، كان قبلاً
يقسوا عليها ويجلدها جلداً، لكنه الآن تعلّم وعلم أنّ الذات تُعامل برفق، أدرك
انّه أرهق نفسه بدورات متتالية وبرامج تدريبية متواصلة دون راحة أشبعت لديه الحاجة
للقوّة، أدرك أنه الآن يحتاج للترويح فكوب المتعة عنده نقص، فرح علاء لأنه أدرك
أنّ الاختلال الذي يشعر به الآن دلالة حياة وأنّ البشر حياتهم ككفتي الميزان، تنقص
حاجاتهم فيسعون لإشباعها فيُشبعونها فيعتدل الميزان وهكذا إلى أن يغادر الدنيا،
كان علاء سابقاً غافلاً فإن أصابه همٌ أو غم فزع وخاف فكان ذلك سبباً في زيادة
المشكلة لديه، عرف علاء أيضاً أنّ في الراحة موت، وفي الإنجاز حياة، فالإنسان
لايمكن أن يستمتع بالحياة دون صورٍ ذهنية يسعى لتحقيقها فتتحوّل إلى إنجازات
يتلمّسها فيسعد بها، عرف أنّ صورة ذهنية تشكّلت في ذهنه هي سبب هذا الاعتلال الذي
شعر به صباح اليوم والذي سبب له أرقًا بالأمس إذن الحاجة التي نقصت هي الترويح
والصورة التي تُشبعها هي السفر يومين للاستجمام مع زوجته رفيقة دربه وكفاحه، هو
الآن يعرف أين سيذهب لأنّ ألبوم صوره فيه الكثير من أماكن الاستجمام التي تسعده
وتروّحه، علاء الآن يستعد للذهاب إلى مكتب صديقه للسفريات لترتيب حجوزاته مع
حبيبته.
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات
المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة
أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة
للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور
خالد المدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق