الجمعة، 5 يوليو 2019

مايجب أن تعرفه عن الآخرين – ٣ / الدكتور خالد بن محمد المدني

من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
مايجب أن تعرفه عن الآخرين ٣
 
تحدثت في تدوينتين سابقتين عن مايجب عليك معرفته عن الآخرين، وذكرتُ أنّ هناك شيئان يتشابه بهما البشر مع بعضهما البعض: الأوّل :
أنّ كلّهم لديهم خمس حاجات أساسية يُولدون وتُولد معهم، وأنّ كلّهم لديهم عالمٌ نوعي مثالي مفضّل يختزنون "يضعون" فيه الصور الذهنيّة التي تُشبع لديهم الحاجات التي حصل فيها نقص وأنّ هذا العالم النوعي في حالة تغيير وتبديل وتعديل مستمر هكذا إلى أن يتوفّانا الله، في هذه التدوينة أتحدّث عن ثالث الأشياء التي نتشابه بها مع البشر وهي : الإتزان والاختلال .
كلّنا أخي الكريم .. أُختي الكريمة بلا استثناء عندما تنقص لدينا حاجة أو أكثر من حاجة يُرسل العقل إشارة تنبيه وحينها تتشكّل في عقلنا تلك الأداة "الصورة الدهنيّة" التي تُشبع الحاجة فإن تكوّنت وتشكّلت الصورة الذهنية كلّنا بلا استثناء أيضاً يصيبنا اختلال واعتلال لايزول إلاّ بإشباع تلك الحاجة بتحقيق الصورة الذهنية في العالم الخارجي فإن تحققت زال الاختلال وحصل الاتزان، إذن حالة الاختلال والاعتلال التي تُصيبنا نتشابه بها مع الآخرين كلّنا نختلّ ونعتلّ بسبب تشكل الصورة الذهنية الناتجة عن نقص الحاجة .
إذن ماهو الاختلاف بيننا وبين الآخرين، نختلف عن الآخرين في أمرين :
الأوّل : العنصر السلوكي الذي يسيطر علينا إن حدث الاختلال 
الثاني :السلوك الذي نستعمله لإشباع الحاجة.
سأتحدث في هذه التدوينة عن العنصر الأوّل وهو "العنصر المسيطر" وفي تدوينة قادمة سأتحدث عن السبب الثاني "السلوك"
السلوك الإنساني عند وليم جلاسر يتكوّن من أربعة عناصر مجتمعة ككفرات السيارة الأربع "الأوّل : عقلي، والثاني :انفعالي، والثالث: جسدي، والرابع : حركي" ، فإن حدث نقصٌ في الحاجة وأرسل العقل إشارة التنبيه وتشكّلت الصورة الذهنية فإنّ الكيان يصيبه اختلال واعتلال يظهر على أربعة أشكال الأول: عقلي كالسرحان والتشتت والثاني: انقعالي كالخوف والقلق والتوتر، والثالث: جسدي كآلام القولون، والصداع، والرابع : حركي كزغللة العين والحركة الزائدة. هذه الأربع تُشكل السلوك تُسمى عند جلاسر عناصر السلوك الأربعة ، هذا يحدث مع الجميع، إذن ماالذي اختلف فيه أنا عن الآخرين ؟
أختلف فقط في العنصر المسيطر الذي يُسيطر على العناصر الثلاثة المتبقية أي اختلافي مع الآخرين في العنصر الذي يسود فيقود السلوك، فربما قاد عند شخص العقلي فأصبح شارد الذهن متشتت كثير الفكرة، وربما ساد عند آخر الانفعالي فأصبح حزيناً كثير العبرة أو متوتراً أو خائفاً، وربما ساد عند ثالث الجسدي فأصبح يُعاني من خفقان في القلب أو صداع، وعند رابع ساد وقاد الحركي فأصبح يتحرك ولا يستطيع القرار في مكانه ولا الفرار من اختلاله .
هنا يبرز سؤالان هامّان :
الأوّل : ماهو أفضل عنصر سلوكي ينبغي أن يسود فيقود، والإجابة عنه : العنصر العقلي والحركي هما اللذان ينبغي أن يسودا 
الثاني : ماهو العنصر المسيطر عليّ؟ 
الجواب: حسب البرمجة التي نشأت عليها فربما ساد الانفعالي، وربما العقلي برمجتك تكشف نوع سيطرتك، لكنّ الفرق الدقيق بين الواعين والغافلين أنّ الواعين ينقلون السيطرة من الانفعالي أو الجسدي للعقلي والحركي وهذا يأتي بالتصنّع والتدريب وسوف نتحدث عن التكنيك في مكانه من هذه السلسلة بمشيئة الله، العنصر الانفعالي والجسدي إن سادا وقادا دمّرا الفرد، والعنصر العقلي والحركي أن سادا وقادا عمّرا الفرد.
. يُتبع ..
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق