السبت، 8 أغسطس 2015

انتبه .. قبل أن يتحدث جسدك .. / الدكتور خالد بن محمد المدني1




من مقالات الدكتور خالد محمد المدني

تنمية الإنسان عقلاً وروحاً وجسداً


ـ في هذه التدوينة والتدوينات التي تليها سنتحدث عن موضوع هام وخطير جداً لم يوله علم النفس اهتمامه الذي يليق به وهو علاقة العقل والروح بالجسد وأثر هذين الإثنين أعني الروح والجسد في الصحة والمرض، الأبحاث الأخيرة والخطيرة في الطب أثبتت ارتباطاً وثيقاً بين العقل والروح من جهة والجسد من جهة أخرى.. 
سنسلّط الضوء على هذه العلاقة في هذه التدوينة والتدوينات التي تليها وكيف يقي الإنسان نفسه من المرض بوقاية عقله وروحه أولاً.
ـ بدأ علم النفس في الغرب مبكراً في دراسة مايسمى سيكلوجية الإنسان وهذا الميدان كان محور اهتمام علم النفس التقليدي في الفترة التي سبقت سيطرة «المدرسة السلوكية» على علم النفس، عكف علماء النفس مبكراً على دراسة تفكير الإنسان ومحتوى شعوره وبناء عقله، ولم يهتم بموضوع التعلم إلا من خلال هذه المسائل، وكان التصور البسيط الذي طُرح هو أن الإنسان مكون من أفكار ومشاعر تتفاعل فيما بينها ثم يصدر السلوك بعد ذلك.
ـ ظل هذا التصور مسيطراً إلى أن جاءت المدرسة السلوكية بفكرها المعروف الذي قاده واطسن فقلب الأمور رأساً على عقب وأصبح التعلم الذي يمكن دراسته عن طريق المثيرات والإستجابات الظاهرة هو المحور الأساسي لعلم النفس بينما الشعور ومكونات العقل والتفكيري اعتبرت أنها من المسائل التي لايمكن ملاحظتها بشكل مباشر، وانتقدت الأساليب التي كانت تستخدم  لدراستها كالإستبطان لأنها لاتخضع للضبط التجربي.
ـ علماء المدرسة السلوكية أرادوا لعلم النفس أن يكون علماً تجريبياً دقيقاً يعتمد على الظواهر التي يمكن ملاحظتها في المختبر واعتبروا مايحدث من نشاط فكري شعوري داخلي لدى الفرد بسبب تعرضه لمثيرات معينة صندوقاً مغلقاً لايمكن التعرف على مابداخله، وأصبح التصور المثالي المبسّط للإنسان أنه آلة صمّاء تعرضها لمثيرات بيئية محددة لتقوم باستجابات يتوقعها الباحث ويتنبأ بها، بل وصل بهم الأمر لاعتبار التفكير مجموعة متشابكة من المثيرات والإستجابات التي لاتعدوا أن تكون حديث الشخص الداخلي مع نفسه.
ـ ماحصل مع المدرسة السلوكية باختصارهو نتاج لمحاولات التبسيط لكل نشاطات الإنسان الفكرية المعقدة إلى سلسلة من المثيرات والإستجابات حتى يصبح علم النفس علماً تجريبياً دقيقاً كعلوم الفيزياء والكيمياء، بالنسبة لنا كمسلمين فإن أحد أهم مكونات السلوك الإنساني الذي نعتقد أن الفكر الغربي في علم النفس قد أسقطه هو «العامل الروحي»، كما ذكرت سابقاً، وظاهرة تعقيد السلوك البشري إضافة إلى إهمال علم النفس الغربي للجانب الروحي في تكوينه جعلت علم النفس الحديث يفشل مرة أخرى في وضع نظرية شاملة له كالنسبية لإينشتاين، يقول مالك بدري عالم النفس السوداني الفذ في كتابه «علم النفس من منظور إسلامي» كلاماً هاماً وخطيراً: "حاولت طبعاً بعض المدارس والإتجاهات العامة كالتحليل النفسي، والجشطالت وبعض فروع سيكلوجية التعلم وضع مثل هذه النظريات النفسية لكنها فشلت جميعها وأضحت تلك الجهود جزء من تاريخ علم النفس".
ـ لكي يكون علم النفس علماً تجريبياً كما يتصوّره السلوكيون فقد أفرغ الإنسان من شعوره ومحتواه العقلي والفكري المعقد وقبل ذلك كان قد أفرغه محتواه الروحي، وهذا ماجعل العالم البريطاني المشهور سيرل بيرت يقول هازلاً:
« إنّ علم النفس الحديث فقد روحه ثمّ فقد شعوره ثمّ فقد عقله»
يتبع...

د.خالد محمد المدني

خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة

رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.

دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا

للتواصل مع الدكتور خالد المدني

ch@olto.org

 

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق