من
مقالات الدكتور خالد محمد المدني
هل
السخرية صورة من صور النقد؟
تحدثت
في التدوينة السابقة عن السخرية وهل هي صورة من صور النقد؟ وذكرت صورتين لممارسة
النقد الأولى: السخرية والاستهزاء، والثانية: المقارنات المبالغ فيها، والتي
سأتحدث عنها في هذه التدوينة بمشيئة الله.
كثيرٌ
من الآباء والأمهات، الأزواج والزوجات يمارسون المقارنات بين أبنائهم أو الأزواج
يمارسونه بينهم وبين بعضهم البعض، فهو يريدها نسخة من أمّه، وهي تريده نسخة من
والدها لأنّها تراه ملهماً، والأبّ يريد من ابنه أن يكون مثل ابن أخيه، والأمّ
تريد من أبنائها أن يكونوا مثل بنات أختها أو أخيها، والمشكلة أنهم يضعونهم في
مقارنات مبالغٌ فيها، لماذا يامحمّد لاتحصل على درجة 99% مثل أحمد ابن خالك، لماذا لاتدخل كليّة الطبّ مثل صالح ابن عمّك،
وهي تقول لماذا لاتكوني مهندسة مثل سارة بنت أختي، والمشكلة أنهم يحاسبونهم على
هذه التوقعات، لن يكون مثل أحمد ولا صالح، ولن تكون مثل سارة ولا فيروز لن يكون
ولن تكون إلاّ ذاتها، لأنه لايشبهه ولا يشبهها أحدٌ في هذا الوجود، هو وهي بصمةٌ
فريدة، المقارنات المبالغ فيها صورة من صور النقد المدمّرة للذّات، اكتشف إمكانات
ابنك وابنتك، ووجههما لما يصلح لهما لا لغيرهما، لاتحاول أن تحقّق أهدافك التي لم
تستطع تحقيقها فيهم فلكلّ فردٌ إمكاناته وله غاياته، وله هواياته وتفضيلاته، كثيرٌ
من الآباء والأمهات خسروا أبنائهم وكانوا سبباً في إفشالهم بالمقارنات وإجبارهم
على تخصّصات معينة ثمّ ماذا كانت النتيجة لم يكملوا دراستهم لأنهم لم يختاروا
رغباتهم، عندما تصادر من ابنك اختياراته فأنت تُصادر هواءه وماءه وحياته، دعهم
يقرّروا مايريدون بتوجيههم لما يريدون بالحوار والتفاهم ومساعدتهم على تقليب صورهم
الذهنيّة ليعرفوا ماينفعهم ويرفعهم، ويبتعدوا عن مايضرّهم ويخفضهم، توقّف فوراً عن
مقارنتهم بغيرهم، يراجعني باستمرار آباء وأمهات في مكتبي الإستشاري وهم يشتكون فشل
أبنائهم وبناتهم الجامعيّ فعندما أفحص كيف تمّ ذلك؟ أجد أنّ معظمهم إن لم يكن
كلّهم أجبروهم على تخصّصات لايرغبونها تارة بادّعاء أنّهم يفهمون مصلحتهم أكثر
منهم وتارة بأنّ هذا التخصّص هو ضمانة المستقبل، وأكتشف بعد ذلك أنّهم أرادوا
تحقيق ذواتهم بأبنائهم فكانت النتيجة أنهم قضوا على مستقبلهم، من أراد لأبنائه
وبناته نجاحاً في حياتهم، وسعادة في قابل أيّامهم فلا يضعهم موضع مقارنات مع
الآخرين لايقارنونهم بأنفسهم ولا بأقرانهم، أؤكّد أنّ النقد هو سلوك نفعله عندما
لايكون هناك تطابق بين مانريده من الآخرين وما نجدهم فعلاً عليه.
انتهى
..
د.خالد محمد
المدني
خبير القيادة من المركز
الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة
منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.
دكتوراه الإدارة
من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع
الدكتور خالد المدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق