الجمعة، 17 أغسطس 2018

الإنسان بين قطبين أقدار واختيار فهل هو مخيّر أم مُسيّر؟ - الإختيار -2 / الدكتورخالد المدني


من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
الإنسان بين قطبين أقدار واختيار فهل هو مخيّر أم مُسيّر؟
-         الإختيار - 2


حدثت في التدوينة السابقة أنّ الإنسان بين قطبين أقدار واختيار وتحدث  عن الأقدار وفي هذه التدوينة بمشيئة الله أتحدّث عن القطب الثاني وهو الاختيار، الاختيار منحة ربانية وهبة آلهية منحها لك الله فطرة لا اكتساباً وأساساً وجمالاً وكمالاً تحتاج منك لتفعيل واستثمار لا لتعطيل وإهدار، " وهديناه النجدين "أي القدرة على التمييز بين الخير والشر والنافع والضّار ثم الاختيار بينهما، الذين يعيشون في الماضي يتألّمون والذين يعيشون في المستقبل يختارون لأنّ الماضي ولّى وانقضى فلا يمكن تبديله ولا تعديله يمكن فقط التعلّم منه والاستمتاع بذكرياته الحسنة بينما المستقبل هو امتدادنا نستطيع رسمه وتشكيله وصناعته فأنت خطّطت أن تُسافر خارج بلدك هذه السنة لتقضي بها إجازتك السنوية فحجزت تذاكراً  لك وسكناً لك ولعائلتك وحددت سفرك في ١ أغسطس وقدمت على إجازة في العمل وحصلت عليها وجاء موعد السفر وسافرت فعلاً مع عائلتك واستمتعت بوقتك معهم، من الذي خطّط وشكّل مستقبله ألست أنت ؟
إذن .. والاختيار أليس بيد الله كالأقدار ؟ كلّ شيء بيد الله أنا أتحدث عن الفاعلية والصناعة فالماضي لاتستطيع أمامه فعل شيء أي تبديله ولا تعديله بينما المستقبل تستطيع رسمه وتعديله بل وإعادة صياغته .
إذن في هذا العالم هل أنا مخيّر أم مُسيّر ؟
انتبه هناك مصطلحين هامين :الأول : الكون والثاني : الكيان، الكون هو العالم الفضاء الذي نعيش فيه، والكيان هو أنت فأنت لاتستطيع وقف الأقدار لكنك تستطيع ممارسة الاختيار، فإن حدث معك حادثٌ سيارة بسيط أو كبير تستطيع أن تترجّل من سيارتك وتُحدث مع الصادم معركة باللسان وبالسنان وتستطيع أن تضبط من غضبك وتقول له :الحمدلله بالحديد ولا باللحم أهم شيء أننا سلمنا، الاختيار لك، فإن مارسته اخترت وإن عطلته احترت وعصفت بك عواصف الانفعالات ودمرت الذات.
كل شيء في هذه الدنيا اختيار إلاّ ثلاث :
الأوّل :الحياة فأنت لم تقدم للدنيا باختيارك هناك من اختار عنك وقرّر وهما والديك
الثاني :الموت، وستغادر هذه الدنيا بلحظة محددة لن تتقدّم ولن تتأخّر سواء كنت راغباً أم رافضاً " فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون"
الثالث :الاختيار فالاختيار كطريق ينتهي بك إلى طريقين يمين أو يسار لاتستطيع أن تقول سأقف لن أذهب يمينًا ولا يسارًا لأنك حينها ستعطّل السير فلابدّ أن تختار إحدى الاتجاهين وأحد الجهتين ،،الحياة كذلك من لايختار حياته وانفعالاته وعلاقاته وعاداته وغياته سوف يدمر ذاته.
 .. انتهى ..
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO.
دكتوراه الإدارة من جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد المدني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق