من مقالات
الدكتور خالد محمد المدني
خطوات التحكّم في الانفعالات
تحدّثت في التدوينة السابقة عن الإنفعالات هل هي
اضطراريّة أم اختيارية؟ وهل نحن متحكّمون بانفعالاتنا أم متحكّم بنا من انفعالاتنا؟
وتوصّلنا بالأدلة العلميّة أنّ الإنفعالات من اختيارنا ليست مفروضةٌ علينا بل هي نتاج
ماتبرمجنا عليه في مجتمعاتنا، فمجتمعاتنا برمجتنا على اختيارات معيّنة فقبلنا ذلك
وأصبحنا نختار من إطار البرمجة، وفي هذه التدوينة سأتحدث عن خمس خطوات لفكّ
البرمجة والخروج من الشرنقة، التي
وضعنا فيها الآخرون كردّ فعل لكل حدث يحدث أمامنا، وضبط انفعالاتنا تجاه مايحصل
أمامنا من مثيرات، فليس لكلّ فعل ردّ فعل هذا قانونٌ في الفيزياء ونحن أحياء ومع
الأحياء لكلّ فعل فعلٌ واع مختار
.
ستّ خطوات لضبط الانفعالات :
الثلاث الأولى أسميتها ـ مرحلة الضبط، والثلاثة
الأخيرة أسميتها فكّ البرمجة، في هذه التدوينة سأتحدث عن مرحلة الضبط .
أولًا :
وقوع حدث مثير أمامك يستدعي منك ردّ فعل، فالخلاف مع الآخرين حدث، وحادث السيارة
حدث، والطلاق حدث، والموت حدث، والزواج حدث ....الخ، والحدث محايد لايحمل أيّ صفة
نحن من يلبس الأحداث صفاتها بسبب الانفعال فعندما أنفعل أُطلق على الحدث مسمًى غير
واقعي كمصيبة، كارثة، نهاية العالم.
ثانياً :
عند وقوع الحدث في العالم الخارجي اجعل الأولويّة لضبطه وليست الأولويّة للإستجابة
، أُشبّه شخصياً ذلك بشخص يقود سيارته على سرعة 120
كم في الساعة, وحدث بنشر في الكفر الأمامي، المتخصّصون بإرشادات القيادة يقولون
الأولويّة ليست في إصلاح الكفر بل في ضبط المقود وإيقاف السيارة، فضبط المقود
وإيقاف السيارة بمثابة ضبط الإنفعال للذات، وإصلاح البنشر بعد ذلك بمثابة حلّ
المشكلة، ولذلك نقول للمنفعل :أطفأ
النار في جوفك قبل إطفائها في الخارج فإن أطفأتها في جوفك تخلّصت
منها في الخارج، والتكيتك الذي ننصح به لضبط الانفعال أن تقول لنفسك هذه العبارة :أنا اخترت هذا الشعور دون تسميته
سواء كنت تشعر بغضب أو بقلق أو بتوتر أو بخوف فقط قل لذاتك وردد مع نفسك أنا اخترت
هذا الشعور، هذه العبارة تُعطيك وعياً بتقبّل الإنفعال.
ثالثاً :
قم بحركة مناسبة للإنفعال الذي تشعر به ، فالبعض يمارس الرياضة، والبعض الآخر
يمارس المشي، وآخرون يمارس التسبيح أو الدعاء، المهم حركة تفصل بين الموقف ورد
الفعل أي تؤخّر استجابتك وكلّما تأخّرت استجابتك انطفأ غضبك، أنا شخصياً أقول
لذاتي حين شعوري بالإنفعال :" فاصل
ونواصل"
هذه
العبارة عندما أرددها مع الحركة يهدأ انفعالي، الحليم له تعريفٌ عندي هو : أنّ
الحليم هو القادر على إحداث أكبر فاصل بين الحدث والإستجابة، إذن فاصل ونواصل،
والحركة ينبغي أن تكون مناسبة لقوة الإنفعال فكلّما كان الإنفعال شديداً احتجنا
لحركة أشد، وإذا استمرّ الإنفعال تستمرّ الحركة إلى أن تهدأ الذّات، في وفاة
والدتي المفاجيء رحمها الله كنت أمشي وأمارس الرياضة، واعتمرت عنها عدّة مرّات حتى
شعرت أنّ الإنفعال هدأ فذهبت السكرة وجاءت الفكرة ثم بدأت أخطط لتجاوز الموقف
الصّادم، من الأهمية بمكان أن تقترن الخطوة الثانية بالثالثة مباشرة أي تقبل الحدث
"أنا اخترت هذا الشعور" مع الحركة المختارة لتهدئة الانفعال
.
في التدوينة القادمة سأتحدّث عن خطوات فكّ
البرمجة الإنفعاليّة للأبد.
انتظرونا..
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من
المركز الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة
منظّمة أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من
جامعة السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور
خالد المدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق