من مقالات
الدكتور خالد محمد المدني
تحرّر
من قيودك (2)
في
التدوينة السابقة تحدثت عن قصة الفيل الهندي وكيف يقومون ببرمجته ووضعه ضمن ثقافة
منضبطة، وكيف يتم ايضاً برمجة الإنسان بذات الآليّة، وتعرّفنا على أنّ الإنسان هو
الكائن الوحيد الذي يستطيع كسر البرمجة لأنّ الله زوده بقوّة الاختيار وفوقها
الاستبصار لتحديد المسار، وفي هذه التدوينة أتحدث عن مصادر القيود الذهنيّة، من
أين جاءتنا ؟
دعونا
أولّاً نتعرّف ماهو القيد الذهنيّ ؟
القيد
شيء يثقل كاهلك، ويجعلك عاجز عن فعل شيء ومثاله: الخوف من المستقبل فالخوف من
المستقبل يحبسك في مكانك، ويجعلك عاجزٌ عن فعل أي شيء بسبب الخوف من الموت، والقيد
أيضاً فكرة تشلّ عقلك مثل الخوف من الأمراض، فالذين يخافون من الأمراض أن تصيب
أجسادهم فكرهم مشتت ليس لهم غايات لأنّهم خائفون من مستقبل يرونه سيئاً.
ـ
عن ماذا القيد يمنعك ؟
القيد
الذهنيّ يمنعك عن أشياء كثيرة في حياتك
فأولًا القيد يستنفذ طاقتك، الخوف من المستقبل أو التوتر من الحاضر يستنفذ طاقتك، القيد
ثيانياً شتت تفكيرك يجعلك غير قادر على التركيز على غاياتك وإنجازاتك، والقيد ثالثاً
: يسيطر على انفعالاتك فيصيبك بالذعر، والخوف البانك أتاك نوبات الذعر كثيرون خائفون من الموت، والموت يسبب لهم قيدٌ في
عقولهم، الموت ليس سيئاً لإنما هو اكتمال الحياة "لن تموت نفسٌ حتى تستكمل
رزقها وأجلها"، الموت انطلاقة حرية إعلان انتهاء الدور في الدنيا واستكمالها
في الآخرة، لن يموت أيّ إنسان حتّى يستكمل حياته، وعمره، وأيامه بل ودقائقه.
لماذا
يجب أن نتحرّر من قيودنا العقليّة ؟
يجب
أن نتحرّر من قيودنا ونسرج خيولنا لأربعة أسباب :
أولاً
: لكي نستمتع بحياتنا فالقيود تفسد متعتك بالحياة، تخيّل أنّك مقيّدٌ بقيد
المستقبل خائفٌ من موت أو مرض كيف ستكون حياتك ممتعة، وتخيّل أنّك مقيّد بقيد أنّ
الوظيفة مشقية متعبة كيف ستستمتع بيومك؟ وتخيّل أنّك ائفٌ من سحر أو عين كيف سيكون
شكل يومك؟ كثيرون لديهم فوبيا العين والسحر والجن، الحياة حلوة رحلة لطيفة، منحة ربانيّة،
هواء طلق، ضوء، شمس، جمال ألوان (انقل التمتع بالنعم )، اشرب قهوتك الصباحية على رواق،
انظر لألوان الحياة، أنت في رحلة سياحيّة، كوكب فيه كل شيء، والكثير لايرى شيء، الألون،
الأنعام، تذوق، تلذّذ كثير من الناس لايرى، الله أعطاك حياة وعقل لتتمتع بما حولك من
النعم، تذوق لقمتك بطعم، اكتب، ارسم، ألّف، أتعلمون أين المشكلة ؟ المشكلة ليست في واقعك بل
في توقعك، المشكلة ليست خارجيّة بل داخليّة .
ثانياً
: لتستحضر نعم الله عليك، القيود تمنعك من استشعار نعم الله دقيقها وكبيرها، من أعظم نعم الله عليك العبادة، استمتع
بالزمن لأنه دلالة حياة، استعد إحساسك في صلاتك، صلاتك لك، كن واعياً في شيء تكرره
خمس مرات في اليوم، استحضر نعمة قراءة القرآن، تعلّم كيف تتكلّم مع ربك؟ استحضر
نعمة السكينة والهدوء مع نفسك لأنك تستحق ذلك، الحديث مع النفس من أعظم نعم الله،
استشعر نعمة التأمّل: تعلّم كيف تتكلّم، أغلى شيء في الوجود هو الكلام ممكن أن
يرفعك أو يخفضك، (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن).
ثالثاً
: القيود تمنعك من استثمار علاقاتك والتمتع بحياتك، العلاقات من أعظم نعم الله في
إدخال الأنس على النفس، والواقع أنّ الكثيرين أفسدوا متعة علاقاتاهم لأنها وضعوا
على الطرف الآخر قيدًا أفسدها، فيجب وينبغي ويلزم والمفروض كلها عبارات تفسد
العلاقات اقبل الآخر كما هو ودعه هو يقيم سلوكه لست أنت.
رابعاً
: تحقيق الغايات، القيود تمنعك من تحقيق غاياتك لأنها تعمل لك تشتيتاً لعقلك فيصبح
الشخص مشلولاً ذهنياً لا جسدياً فلا غايات يبحث عنها ولا إنجازات يُحصيها، عقولنا
مليئة بقيود تمنعنا من الانطلاق للمستقبل من مثل: "طارت الطيور بأرزاقها
" ، "ذهبت الفرص" " إلي ضرب ضرب والي هرب هرب" ، هذه
قيود عقلية تمنعك من استثمار طاقاتك لتكون ثرياً ، والله سبحانه وتعالى يقول
"وفي السماء رزقكم وما توعدون" فمن نصدق؟
..
يتبع ..
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز
الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة
أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة
السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد
المدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق