من مقالات
الدكتور خالد محمد المدني
تحرّر
من قيودك (3)
في
التدوينة السابقة من سلسلة تدويناتنا عن التحرر من القيود تحدثت عن نقطتين هامتين
هما :
أولاً
: ماالذي يمنعك القيد عن فعله؟
ثانياً : لماذا يجب أن نتحرّر من قيودنا ونسرج
خيولنا؟ وأجبنا عن هذين السؤالين فراجع إجابتتا في تدوينة تحرّر من قيودك (2)
وفي هذه التدوينة أتحدث عن أسباب القيود
التي يعاني منها الكثيرون، هناك أربعة أسباب هامة لأيّ قيد تعاني منه سمّها إن شئت
مصادر، فأيّ قيد في حياتك له أربعة مصادر، أجبنا في التدوينة السابقة كيف أعرف أنّ عندي
قيود؟ وأجبنا عن ذلك فراجعه، الآن أتحدث عن مصادرها :
-
مصادر القيود الذهنية :
هناك
أربعة مصادر لأي قيدٍ عقلي يعاني منه الشخص
:
أولاً
: معلومة خاطئة
:
أيّ
قيد ذهنيّ يشتت عقلك، ويحبسك في مكانك قد يكون سببه أنّك اكتسبت من مجتمعك معلومة
خاطئة ظننتها صحيحة فتحكمت بحياتك، ووضعت على عقلك قيد فأصبح يُثقل كاهلك، ويغثّك،
ويمنعك من الانعتاق والانطلاق في حياتك، وسأُعطي عدة أمثلة لذلك، كثيرون لديهم قيدٌ عقلي يمنعهم من
التمتع بحياتهم، وتحقيق غاياتهم، والاستمتاع بحياتهم وهو الخوف من الموت، جميع
المخاوف من أدناها إلى أقواها سببها واحد، الخوف من الموت، كلّها؟ نعم كلّها، فمن
يخشى المرض ويحاذره يخشى أن يمرض فيموت، ومن يخاف من استخدام المصاعد يخشى أن
ينغلق عليه المصعد فيضيق نفسه وتتحشرج أنفاسه ويموت، ومن يرفض ركوب الطائرة ويخاف
منها يخشى أن تسقط فيموت، فكرة الموت بحدّ ذاتها في مجتمعاتنا فكرةٌ مرعبةٌ عند
الكثيرين خاصّة بسبب التراث المكثّف حول ثقافة الموت المنتشرة والذي منه ماهو صحيح
ومنه ماهو خاطيء، وبمجرد مانوضّح بعض المعلومات الصحيحة ينكسر هذا القيد ويزول
فأولاً الموت ليس له سبب فلا الأمراض ولا الحروب ولا الزلازل سبب الموت، الموت له
سببٌ واحد ليس انقضاء الأجل بل اكتمال العمر "فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة
ولا يستقدمون" النحل : ٦١
وقال
عليه الصلاة والسلام "إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ فِي روعِي أنَّ نَفْساً
لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا،
فَاتَّقُوا اللهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلاَ يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ
اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ
يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إلاَّ بِطَاعَتِهِ" [حلية الأولياء (10/27) وصححه
الألباني في صحيح الجامع الصغير (1/420) برقم
(2085)].".
سقطت
طائرة سودانية في إحدى السنوات وعلى متنها مئتان وخمسون راكباً لقو حتفهم كلهم
إلاّ شخص واحد، لماذا لم يمت؟ لأنّ عمره لم ينقضي، ولكن لك أن تعجب حين تعلم أنّ الشخص
الذي نجى كان طفلاً رضيعاً، ياسبحان الله رجال أشدّاء يموتون، ونساءٌ بنيتهم قوية
تفيض أرواحهم، وطفلٌ رضيع يعيش، وأنا ابن عشر سنين دُفنت تحت الرمل كاملاً وبقيتُ
دقائق مدفوناً قبل إخراجي، ثم تمّ إخراجي، وأكملتُ حياتي، كيف حصل ذلك، لأنّ عمري
لم ينقضي بقي لي سنين أحياها وأدرس وأعمل وأحصل على درجات عليا في التعليم، وأتزوج،
وأكوّن أسرة وعائلة ولله الحمد والمنة
.
تخلّص
من المعلومة الخاطئة التي تقول أنّ الموت له أسباب إلى معلومة أنّ الموت ليس له
إلاّ سببٌ واحد اكتمال الحياة وعندها ستتمتع بحياتك وتنطلق لتحقيق غاياتك
وثانياً: أنّ الموت انعتاق من الدنيا وتحرٌّ
منها وتمتّع بالآخرة، لكن مادمت في الحياة فتمتع لآخر نفس "إذا قامت الساعة
وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"
القيامة قامت فلم الغرسُ إذن ؟ إنها
دعوةٌ للحياة والتمتع بها لآخر دقيقة فيها، ولأنّ من أمر بأخذ الروح هو خالقك
العظيم أرحم الراحمين "وما كان لنفس أن تموت إلاّ بإذن الله كتابًا مؤجلًا"
في
التدوينة القادمة سأتحدث بمشيئة الله عن المصدر الثاني من مصادر القيود الذهنية
وهي :
الخبرة
المسبقة
..يتبع
..
|
||||
د.خالد محمد المدني
خبير القيادة من المركز
الأمريكي للشهادات المهنيّة
رئيس مجلس إدارة منظّمة
أكسفورد للتدريب القيادي OLTO
دكتوراه الإدارة من جامعة
السودان الحكوميّة للعلوم والتكنولوجيا
للتواصل مع الدكتور خالد
المدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق