الخميس، 28 أبريل 2016

الوعي هو السرّ الأخير (2) / الدكتور خالد بن محمد المدني




الوعي هو السرّ الأخير

نواصل في هذه التدوينة الحديث عن الوعي هو السرّ الأخير الذي بدأناه في التدوينة الماضية  قيس وليلى قصة الصور الذهنية التي تحكمت في سلوكيهما ولو غيرا صورتيهما لتغير سلوكيهما.. الصورة الذهنية إن سيطرت على تفكير الشخص وجهت سلوكه إما إيجاباً أو سلباً، الله أعطاك القدرة على تعديل الصورة الذهنية وتكبيرها وتصغيرها بل وتغييرها.. التفاؤل إحدى أقوى طرق تغيير الصورة الذهنية فما يأتي من الله خير والأحداث محايدة ولها وجهان إيجابي وسلبي فكن متفائلاً وأحسن القراءة.

 مايجعل الأصحاء مرضى والمرضى أصحاء هي الصورة الذهنية التي يحملها كلاً منهما.
تجد أصحاء كثيرون بسبب صورهم الذهنية مرضى يتألمون كل يوم ومرضى سعداء بأمراضهم لأن صورهم الذهنية متعافية.
البداية كانت صورة ذهنية والنهاية كانت صورة ذهنية.. الخنساء فقدت أخاها صَخراً في الجاهلية فأزعجت الدنيا بكاءً وعويلاً وبعد الإسلام فقدت أربعة من أبنائها في القادسية فما زادت أن قالت الحمدلله الذي أكرمني بهم جميعاً وأسأل الله أن يجمعني بهم فماالذي حصل بين الحالتين تغيّرت الصورة الذهنية فتغير المفهوم عن الموت أنه نهاية إلى أن الموت بداية الحياة السعيدة.
قوة الصورة الذهنية تصنع المعنويات وقوّة الذات ومن يملك صورة واضحة قوية فليس من السهولة هزيمته.
ماالذي جعل ابن تيمية يتحمل السجن والتنكيل في بئر في قلعة دمشق طيلة ٢٠ سنة دون أن يتزحزح إنها الصورة الذهنية القوية بل حول السجن إلى جنة "أنا بستاني في صدري أينما ذهبت فهي معي ماذا يصنع أعدائي بي إن قتلوني فقتلي شهادة وإن نفوني فنفيي سياحة وإن سجنوني فسجني خلوة" من لايملك صورة واضحة سيكون ريشة في مهب الريح.
الصورة القوية تجعلك قادراً على تحقيق ستة أشياء:
1 ـ التعامل مع الإبتلاءات.
2 ـ تجاوز التحديات.
3 ـ صناعة المعنويات.
4 ـ تحقيق الغايات.
5 ـ الاستمتاع بالحياة.
6 ـ تطوير العلاقات.
 الصحة والمرض صورة ذهنية تستقرّ في ذهن كل فرد ما أعنيه تحديداً أنك قد تجد شخصاً مريضاً فعلاً لكنه يحمل روح صحيح وقد تجد شخصاً متعافياً ويحمل روح مريض.. قد تقابل مريضاً بشتى أنواع الأمراض لكنه يأسرك بتفاؤله وحسن ظنه بربه فهو في الحقيقة صحيحاً.
الله يبتلي ليهذب لا ليعذب هو أرحم بنا من أنفسنا بأنفسنا يبتلينا لنسمعه صوتنا يبتلينا لنفهم الرسالة هناك وضعٌ ما خاطيء فبادر بتصحيحه. 
حقيقة الإبتلاء هو لنا وليس علينا هي رسائل تنبيه وأجراس تحذير فمن انتبه تعلّم ومن واصل تألّم.. كثيرّ من المبدعين كانوا يعانون أمراضاً لكنها لم تمنعهم من الإبداع فالرسام بيكاسو كان يعاني من الفصام  ونابليون بونابرت كان يعاني من الصرع والعالم هنري كافنديش كان مصاباً بالتوحّد والروائي مارسيل بروست كان يعاني من الرهاب الاجتماعي والموسيقار الشهير محمد عبدالوهاب كان مبتلى بالوسواس القهري وقد تقابل مريضاً بمرض بسيط ويصدمك بيأسه وقنوطه لذلك قلنا المرض والصحة صورة ذهنية فمن طبيعة الصورة الذهنية أنها تضخم من الأحداث فالمرض حدث يمر على الجميع وهي ابتلاءات الله في الأرض فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط .. حوّل معاناتك إلى تحدي وألمك إلى أمل وعذابك إلى عذوبة بالصبر الجميل والتحرك الفعال.
يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق