الأربعاء، 4 مايو 2016

الوعي هو السرّ الأخير (3) / الدكتور خالد بن محمد المدني



الوعي هو السرّ الأخير

نختم في هذه التدوينة الحديث عن الوعي هو السرّ الأخير الذي بدأناه في التدوينات الماضية ونتحدث في هذه التدوينة تحديداً عن نظرة الناجحين والفاشلين للأحداث التي تمرّ بهم ..


·        راجع تاريخ حياتك تجد أنها سلسلة نجاحات كانت مليئة بمعوقات.. بعض المعوقات حالت دون النجاح لكنك تعلمت منها دروساً فمهاراتك الحالية هي نتاج نجاحاتك وإخفاقاتك هي نتاج الدروس التي تعلمتها ممّا مر بك من أحداث الحياة المختلفة.
·        أساس النجاح يبدأ من تقديرك لذاتك فإن كانت نظرتك لذاتك نظرة احترام وإجلال تطلعت إلى أعلى المراتب وإن كانت دونية تواضعت تطلعاتك.
·        أنت ذات متفردة لك أهدافك وطموحاتك ولَك طرقك المتميزة لتحقيق هذه التطلعات وكل ذلك مرتبط بتقديرك لذاتك علوّاً وانخفاضاً فمتى ما ارتفع تقديرك لذاتك علت طموحاتك وسمت اهتماماتك.
·        صدقني مالديك عظيم وما تتميز به شأنه عجيب لكن الصورة الذهنية السلبية تقيّدك في كثير من الأحيان.. زن قدراتك بميزان الذهب الدقيق وبدل صورتك الذهنية وانطلق في تحقيق غاياتك وأحلامك.
·        كل مشكلاتنا من خسارة أو فقد عزيز أو مرض أو فشل في وظيفة وغيرها لاتشكل عائقاً عند البعض لكنها تشكل مصيبة عند البعض الآخر لماذا؟ والغريب العجيب فعلاً أن المشكلة واحدة والتفاعل ألوانٌ مختلفة فمنها الأبيض ومنها الأسود ومنها الأحمر ومنها الوردي فمصائب قوم عند قوم فوائد.
·        بينما تجد أشخاصاً يستفيدون من مشكلاتهم فتصبح المشكلة سبباً لحياة أفضل ومستوى معيشي أحسن وعند البعض سبباً لنهاية طموحه فيغوص في أعماق الحزن وإتلاف الذات أعرف شخصاً كان وزنه 140 كغم كان يأكل مالذّ وطاب ربما تغدّا مرتين في اليوم وبرغم نصيحة الناصحين عن التخفيف لم يكن يعير ذلك اهتماماً حتى أصيب بالسكر يخبرني ..عن الصدمة الأولى عندما رأى جهاز السكر يشير إلى رقم 380 في مؤشر الجهاز .. يقول صاحبنا أُصبت لأول وهلة بصدمة عنيفة سكر .. معقولة .. وبدأ في دوامة المشاعر السلبية المحبطة والصور الذهنية القاتمة إلاّ أنه سرعان مااستفاق وقرر التغيير فالتزم حمية متوازنة ونظاماً رياضياً أصبح منهج حياة قابلته بعد ثلاث سنين ووزنه حينذاك 75 كغم وقد تغيرت حياته النفسية والإجتماعية وغادره السكر يخبرني عن الفوائد اللامحدودة من هذه الصدمة التي مرّ بها فيقول أصبحت أحمدلله الذي أصابني بداء السكر لأنه لولا ذلك لما حققت كل هذا التغير الجوهري في حياتي.. صاحبنا لم يجعل الخبرة أداة للتألّم بل جعلها سبباً للتعلّم .. كم عدد البشر الذين أُصيبوا بنفس مرضه ولايزالون حتى الآن أسارى صورهم الذهنية القاتمة والمحبطة ؟
·        قرأت سير الناجحين فلم أجد أن الظروف كانت معهم بل كانت ضدهم لكنني أيضاً لم أجد أن الظروف حالت دون نجاحهم فالقضية الجوهرية التي تفصل بين الناجحين والفاشلين كانت في استثمارهم للظروف لصالحهم وجدت أن الفارق الدقيق كان في الصورة الذهنية التي شكلوها.
·        الفرق الجوهري كان في امتلاكهم لأدوات تفسير رائعة لما حصل معهم.. التفسير هو الذي يحدد سلوكك وانفعالاتك وعلاقاتك.. فالقدر لايأتي إلا بخير.
·        الناجح عندما تعترضه مشكلة مادية أو اجتماعية أو نفسية فإن صورته الذهنية تؤكد أن لكل مشكلة عدة حلول لكن الفاشل لايرى لهذه المشكلة حلاًّ أصلاً.
·        الناجح يرى أن لكل مشكلة قراءتان سلبي وإيجابي كما أن لكل عملة وجهان وهو يختار دوماً الوجه الإيجابي فهو يؤمن بأن الخيرة فيما اختاره الله.
·        الناجح يعتقد أن لكل مشكلة عدة فوائد جاءت معها فهي رسائل تصحيح يلتقطها ثم يبادر بتصحيح وضعه. 
·        الفاشل ينظر إلى أن مصائب الدنيا متوالية عليه لأن حظه عاثر ولذلك فليس في الدنيا سعادة لأن منظوره سلبي.
·        إذن القضية فيما نحمله من صور ذهنية وليس في الأحداث الخارجية فالأحداث الخارجية محايدة لاتحمل صفة ولا لوناً ولا رائحة نحن من يضيف لها النكهات.
·        سألني أحد مشائخنا الأكارم من أهل العلم والفضل ماهي دعوتكم يا أهل التنمية البشرية ؟ 
·        تأملت سؤاله فوجدته عميقاً وواسعاً في نفس اللحظة فقلت له لست أنا وحدي من يستطيع إجابتك عن هذا السؤال ولست أدعي أنني الناطق الرسمي باسم مجتمع التنمية البشرية لكنني عود من حزمة وسأجيبك من زاوية نظري فقط واطرح هذا السؤال على متخصصين آخرين لتكون رأياً موضوعياً.
·        دعوتنا ألخصها لك في ثلاثة نقاط:
الأولى : أن نجعل الأرض مكاناً أفضل للعيش.
الثانية: أن يعيش الأفراد في حالة وئام وانسجام وسلام مع ذواتهم.
الثالثة: أن يحققوا غاياتهم التي يطمحون إليها.
·        قلت له: كثيرٌ من الناس حولنا يعانون كل يوم من مشاعرهم .. ينظرون لذواتهم نظرة دونية .. يكرهون أنفسهم ونحن نزعم أن لدينا أدوات هذه الأدوات تجعل الأفراد يعمرون الحياة .. يحبونها .. يعشقون ذواتهم.. يطمحون أن يكون لهم شأن في هذه الحياة لكن كل ذلك يتوقف على إدراكهم لإمكاناتهم التي وهبها الله لهم فنحن دورنا معهم تعريفهم على هذه الإمكانات من خلال أدوات وتوجيهها في الإتجاه الصحيح ليحيوا حياة طيبة لكن هناك من هو ماهر في هذه الأدوات ومن هو حاطب ليل.
·        نحن أيها الشيخ الفاضل هدفنا وغايتنا هو الإنسان الذي قال الله عنه "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" فدعوتنا الحقيقية هي التبصر في هذا الإنسان وإخراج أفضل مالديه ليحيا حياة طيبة قال الله عنها "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" نحن نبحث عن هذه الحياة الطيبة لنا ولمن حولنا وللناس أجمع.
انتهى ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق