من مقالات الدكتور خالد محمد المدني
هندسة النجاح
سأتحدث في هذه التدوينة في
حلقات متسلسلة عن هندسة النجاح أو ما يسمى بالبرمجة العصبية اللغوية Neuro
Linguistic Programming ذلك العلم الذي اكتشف في أوائل السبعينيات على يد ريتشارد
باندلر(مهندس حاسب آلي ومعالج نفسي على مدرسة الجشتالت لفرتز بيرلز)، وجون جرندر
(متخصص في اللغة، ومعالج نفسي على المدرسة السلوكيّة لبافلوف)، ابتكرا طريقة تسمّى
النمذجة Modeling والتي مكنتهما من دراسة ثلاثة شخصيات يعدّون
من أكبر المعالجين النفسيّين على مستوى العالم وهم: ميلتون أركسون Milton Erickson وهو الذي يعدّ مؤسس التنويم الإيحائي الحديث
من خلال اللغة التأثيريّة، و فرتز بيرلز Fritz Perls مخترع طريقة العلاج بالجشتالت كطريقة
علاجيّة (في درجة الممارس سوف يتم التطرق إلى نظرية الجشتالت بالكامل والمرتبطة
بالعلاج بخطّ الزمن)، وفرجينيا ساتير Virginia Satir والتي تعتبر رائدة بالعلاج الأسري المعاصر
ومؤسّسته الحديثة، وكان هدف عملية النمذجة هذه هي تحديد ما الذي جعل منهم أناساً
متميزين وذلك لكي يدربّوا الآخرين على استخدام تقنيّاتهم وأساليبهم ليصلوا إلى نفس
درجة التميّز لهؤلاء العلماء أو قريباً منهم، ما يعرف اليوم بالبرمجة العصبية
اللغوية NLP هو نتاج عمليّة النمذجة هذه، فالبرمجة وفق
هذا السياق هي:
"مجموعة من التقنيات المستخرجة من هؤلاء
الخبراء وفق أسلوب علمي دقيق لإحداث تغيير جوهري في السّلوك البشري، كما أنها تتبع
فلسفة علميّة محددة كدليل منهجي لتطبيق هذه الطرق".
وتعتمد البرمجة
العصبية اللغوية على أربعة مبادئ أساسيّة تسمّى أركان النجاح أو أذرع البرمجة
العصبية اللغوية وهي:
1. تحديد الحصيلة:
والحصيلة هي الهدف
المراد تحقيقه، معظم الناس لا يستطيعون تحديد ما يريدون ولكنهم يستطيعون التصريح
بما لا يريدون أو على الأقل لا يعرفون الطرق الصحيحة لتحديد ما يريدون، ولذا فنجد
أن معظم الناس يرددون أشياءً وأوضاعاً يريدون الابتعاد عنها فيقول لا أريد أن أكون
فاشلاً، لا أريد أن أكون موظفاً سيئاً، النجاح يبدأ عندما ننجح أولاً في تحديد ما
نرغب في تحقيقه.
2. إرهاف
الحواس لجمع
المعلومات
ويعدّ هذا المبدأ
ركناً أساسيّاً فبدون المعلومات حول الهدف لا نستطيع التقدم خطوة، وتحقيق أي شيء
في حياتنا، بقدر ما يكون الشخص عالي التركيز ومتوقد الذهن وعقلاني عند جمع
المعلومات، وبقدر ما تكون المعلومات نوعية بقدر ما تكون مساعدة ومعينة في الانتقال
من الوضع الرّاهن إلى الوضع المرغوب.
3. الفعل أو التطبيق
والفعل أو التطبيق
هو تحويل الهدف المجرد إلى تطبيق عملي يوجّه حياتك وأنشطتك كلّها نحو تحقيق وتفعيل
الهدف الإستراتيجي، هذا المبدأ هو الانتقال الحقيقي من الأحلام إلى الواقع ومن الخيال
إلى الحقيقة وهنا فقط يبدأ الشّخص فعلاً يلاحظ حجم التغييرات الإيجابية التي تطرأ
عليه في حياته الخاصّة والعامّة، وهذا الركن أضافه ستيف إندرياس وكونري إندرياس
الزوجان وهما متخصّصان في البرمجة العصبية اللغوية في كتابهما الرائع غيّر عقلك
وحافظ على هذا التغيير.
4. المرونة الكافية
المرونة مبدأ مهم
من أركان النجاح فبدون المرونة لا يستطيع الشخص مواصلة طريقه والتغيير والتعديل في
أساليبه وإجراءاته، والمرونة تكون في الأهداف كما تكون في جمع المعلومات وفي
التخطيط للتغيير، والسؤال الذي نطرحه عادة هل المرونة هي تمييع المبادئ؟ هل
المرونة تعني تغيير أو إلغاء الأهداف؟ هل المرونة تغيير الوسائل؟ هل المرونة هي
التكيف مع البيئة؟ المرونة كلّ ذلك لكنها لا تعني أبداً تمييع المبادئ، المرونة لا
تعني فقدان الصّلابة، ومعظم الناس يفتقدون للمرونة في حياتهم فنجدهم متصلّبين حول
أهداف محددة لا يريدون التحوّل عنها، وليس لديهم استعداد أن يغيّروا أو يعدلوا
حتّى في مسار هذه الأهداف، ولا يقبلون بنتائج معقولة في تحقيقها، والمرونة هي التي
تتحكم بالثلاثة السابقة بمعنى انه عندما تحدد هدفك يجب أن تكون مرناً فتغير وتأخر
وتبدل في الهدف، وعندما تجمع المعلومات تكون مرناً فتستمع للمعلومات التي ترضيك
والتي لا ترضيك عن هدفك، وعندما تضع خطة العمل تكون مرناً فتعدل وتبدل في الخطة
حسب الظروف.
يتبع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق